كتب ماجد القرعان
خلال عملية انتخاب رئيس مجلس النواب التاسع عشر التي انتهت بفوز النائب عبد المنعم العودات وحينما سعىت مجموعة من النواب الى تزكية العودات ليتولى المنصب خرج النائب محمد عناد الفايز واعلن ترشحة للموقع وبرر ذلك بقوله ( حتى لا يقال اننا مسيرين ) وحصل على 26 صوتا
البعض ذهب الى تفسير ما قاله الفايز انه يأتي التزاما بالنظام الداخلي للمجلس وانه انقذ المجلس من مخالفة جسيمة حيث لا يوجد نص في النظام يسمح بالتزكية لكن الواقع ان ما قاله الفايز ينسجم مع قناعات المواطنين والسياسيين على حد سواء بان المجالس النيابية في الاردن مسيرة وليست مخيرة والشواهد على ذلك كثيرا بدءا من عبارة ( جماعة الألو ) التي كررها العديد من النواب في دورات سابقة وتحديدا في المجلس السابق وما تم تداوله قبل اجراء انتخابات المجلس الحالي بالنسبة لإسم الرئيس المرتقب للمجلس حيث تم تداول 3 اسماء هم ( العودات والنائب احمد الصفدي الذي فاز بموقع النائب الأول والنائب ايمن المجالي الذي تراجع عن الترشح دون ابداء الأسباب ) لكن الأكثر ترددا كان اسم النائب العودات وهو ما تحقق في نهاية المطاف بحصوله على 86 صوتا من اصوات النواب الحاضرين وعددهم 115 نائبا
التفسير الموضوعي والمنطقي لكلمة ( مسيرين ) لا يوجد له سوى تفسير واحد ولا علاقة لهذه الكلمة بالنظام الداخلي للمجلس فمسيرون تعني بوضوح ان المعنيين هنا ملتزمون بتنفيذ ما يوجه اليهم من تعليمات فكيف سيكون موقف الراي العام ممن تم انتخابهم ليمثلوا الشعب في مجلس النواب حينما يعترفون جهارا انهم مسيرون ؟
هذا الأمر ليس بجديد بالنسبة للرأي العام تحديدا وقد عبر عن ذلك نواب في دورات سابقة بتأكيدهم على وجود زملاء لهم في المجلس لا يخرجون في مواقفهم عما يتلقونه من تعليمات وهي من جهات مختلفة أو من شخصيات متنفذة والذي يُؤشر بوضوح ان وصولهم لقبة البرلمان كان بجهود من يوجههم ويُصدر اليهم التعليمات .
في تحقيقات صحفية سابق وفي هذا الشان تحديدا قال النائب السابق طارق خوري ان “المجلس” مسيّر بكافة الأوجه ولا يملك اتخاذ أي قرار بنفسه وبالتالي فان القرارات بيد الحكومة وحدها .
واضاف ” يستجيبون للضغوطات وتبقى الأقلية خارج ذلك الإطار ” .
فيما اعترف النائب السابق جمال قموة ان بعض نواب المجلس مسيرون والبعض الآخر مخيرون .
اما النائب السابق جميل النمري فقد أكد بوضوح بجود بعض الضغوطات التي تمارس على عدد من النواب.
وقال أن تلك الضغوطات لا تُمارس على الجميع مبينا وجود هامش للحرية في مواقف النواب وهامش آخر للتسيير بمقتضى الحال .
واما النائب السابق رلى الحروب فقد ذهبت الى ابعد من التوجيه لاعضاء مجلس النواب فاشارت الى دور مجلس الأعيان الذي قالت بانه يصادر ارادة مجلس النواب المنتخب في معظم التشريعات والقوانين الذي من شانه ان يضعف مجلس النواب.
وطالبت الحروب بضرورة تعديل نظام الانتخاب وتمكين الأحزاب من الوجود بنسبة كبيرة في المجلس بحيث تكون مؤثرة وفاعلة.
وقالت “يجب أن يكون مجلس النواب مستقلا وغير تابع أو مأمور كونه صمام الأمان وضمان الاستقرار للنظم السياسية .
النائب مصطفى الرواشدة فقال إن مجلس النواب يؤدي دوره الحقيقي بشكل نسبي في بعض المفاصل وفي بعضها الآخر يلتزم بالقرارات الموجهة اليه.
واضاف أن المجلس يُشرع ويراقب عمل الحكومات وبالتالي يقوم بدوره الحقيقي بشكل نسبي مشيرا إلى أن المجلس لا يرقى إلى مستوى الطموح وأنه ولكي يقوم بدوره لا بد من وجود كتل سياسية واقتصادية وغيرها تمارس دورها الحقيقي.
وفي ذات السياق، قالت النائب السابق رلى الحروب إن مجلس النواب دستوريا له صلاحيات واسعة يكرسها لخدمة المواطن، ويتم ذلك من خلال حجب الثقة عن الحكومة.
النائب السابق سمير عويس قال إن مجلس النواب مسير والحكومة تستطيع أن تتخذ قراراتها التي تراها مناسبة بوسائلها المختلفة.
وأضاف أن الكتل البرلمانية التي تشكل غالبية مجلس النواب هي أكثر ولاء للحكومة وبالتالي فإن رئيس الوزراء قادر على أخذ اي قرار في أي وقت كونه حاصلا على ثقة غالبية المجلس.
أما النائب السابق هند الفايز فقالت ان نواب المجلس يؤدون دورهم الخدماتي فقط وهذا يجعلهم مسيرين بطبيعة الحال.
وقالت ” على كل من يرى نفسه أنه غير قادر على تقديم الخدمة لأبناء الشعب أن يلتزم بدوره الدستوري كمشرع ورقابي ” .
جلالة الملك في خطاب العرش الذي القاها في افتتاح الدورة غير العادية لمجلس النواب التاسع عشر تطرق بصورة مباشرة الى اهمية ثقة الشعب بكافة السلطات .
وقال جلالته ” كما أن ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، أمر في غاية الأهمية، وهذا يستدعي المزيد من العمل وتحسين الخدمات، خاصة في قطاعات الصحة والتعليم والنقل، وأن تكون الشفافية والمكاشفة والإنجاز نهج عمل الحكومة ” .
لكن السؤال هنا كيف يُمكن للنواب انفسهم أولا ولكافة من اعتادوا التدخل بشؤون المجلس توجيها وضغطا شطب مقولة ” مسيرين ” من قاموس مجلس النواب لكي نشهد مجلسا له كلمته المستقلة في ممارسة دوره ومسؤولياته الدستورية .