ثقافة الملابس!

12 سبتمبر 2022
ثقافة الملابس!

 

بقلم: د. ذوقان عبيدات

    لم يحظَ موضوع كتبتُه بتعليقات  كميّة كما حظي موضوع ملابس المعلمة التي أعادتها مديرتها إلى منزلها: حيث انقسم الجمهور لسلوك المديرة إلى فئتين: مؤيدة بشدة، ومعارضة بشدة، وهذا يعكس أن المحافظين اعتقدوا أن لباس المعلمة هو تحدٍّ لقيمهم، وعدوانٌ على النموذج الذي يريدونه  لبناتهم!، وقد أوضحتُ أن مقالتي ليست عن الملابس، بل عن سلوك المديرة، وتعسّفها في تطبيق القانون، ومع الأسف كان هناك من يحملون دكتوراة في القانون أيّدوا سلوك المديرة، وقالوا: الأخلاق فوق القانون، والعُرف فوق القانون!! وهذا وضعٌ مؤسِف جدّا في دولة تسعى إلى سيادة القانون! نعم، حارب المسلمون فكرة رفض الحجاب في أوروبا بداعي عشقهم الشديد للحرية – أقصد عشق المسلمين- فبأيّ معيارين نقيس؟! سأقدّم هنا بعض المعلومات عن الملابس:

  1. معظم ملابسنا غربية بامتياز، وليست نابعة من ثقافتنا: الأحذية والجوارب، والبنطال، والبدلة، والطقم، والجينز… إلخ!
  2. لقد كان غطاء الرأس لباسًا رسميّا للرجال حتى الخمسينات، وكان الرجل الذي لا يغطي رأسه” كافرًا زنديقًا”! والآن نرى معظم مختطفي المجتمع دون غطاء رأس! هكذا كانت ثقافة المجتمع وعاداته وقدراته!
  3. في الخمسينات وحتى  نهاية التسعينات  كانت معظم المعلمات دون غطاء رأس، وكنّ قدوة للطالبات ولم يُفسِدْن الجيل.

    وعودة لوظائف اللّباس: للّباس ثلاث وظائف هي: التعبير عن الشخصية، ووقاية الجسد من تقلبات البيئة، أما الوظيفة الثالثة، فهي الوظيفة الجمالية” خذوا زينتكم عند كل مسجد”.

    إن الوظيفة الأولى في علم الفي وعلم النفس الاجتماعي، فهى التعبير عن الشخصية وميولها ونمطها: انفتاحي- مغلق، محافظ – تقدمي، خائف -واثق… إلخ.

    إذن: يختار كل منّا ملابسه تعبيرًا عن شخصيته، وإن ارتداءه ملابسَ لا تعكس شخصيته هو خِداع إظهار ما لا يبطن، فليس غريبًا أن يطلق شخص غير متدين لحيته خِداعًا، وأن ترتدي سيدة غير محتشمة ملابس احتشام خدِاعًا!!

وقال أحد الشعراء:

برز الثعلب يومًا   في ثياب الواعظينا!

     إذن: من حقي أن ألبس ما يعكس شخصيتي، وأن إجباري على ذلك يلحق بصحتي النفسية كثيرا من الأذى.

    أما الوظيفة الثانية للملابس، فهي الحماية من تقلبات الطقس، وهذا يعني أن الملابس تتغير: صيفًا وشتاءً، وأن إجباري على نمط شتوي دائم تحت ستار الحشمة أمر مؤذٍ صحيّا!

والوظيفة الثالثة وهي الوظيفة الجمالية، وأن الله جميل، فما يناسبني من ملابس وألوان وأشكال، لا يناسب غيري، ولذلك، على كل شخص أن يختار ملابسه وفق معاييره الجمالية! إذن: لماذا هذه الضجّة؟

    بنظري، إن مختطفي المجتمع يحبون النمط الواحد، ويرفضون التنوّع والاختلاف! أما قصّة المعلمة القدوة، فإن الاقتداء بالتنوّع أفضل من رؤية نمط واحد، وبالمناسبة وهذا ليس رأيًا: في التنوّع غِنًى وبهجةٌ واختيارٌ، وفي النمط الواحد فقرٌ وكآبةٌ وإجبارٌ! والمعلمات والمعلمون القدوة هم متنوعون، والتنوّع تعدّد، وأمام الطالبات قدرات غير المعلمات: هي شخصية الطالبة وخياراتها أوّلًا، ، ثم أمامهن: فنّانات، ولاعبات كرة نجمات، وإعلاميّات، ووزيرات عربيّات وأجنبيّات! وأميرات وملِكات!  وأمّهات وأخوات! وليس المعلم والمعلمة

من يحتكر نموذجًا واحدًا حتى لو كان حداثيّا مفرحًا!

الحل طبعًا: ارفعوا وصايتكم عن الشباب، واقبلوا التنوّع والتعدّد!

طالب وزيرٌ المعلمين ذات مرّة بلباس نظيف؛ حتى يكونوا قدوة، فغضبتم 

منه! والقانون هو من يحدّد الخطأ والصواب!