ا. د. احمد القطامين
مجددا، حالة الفراغ الاستراتيجي تعود لتضرب اركان المنطقة العربية وتهدد النظام السياسي العربي الذي يعاني من اكثر حالاته ضعفا وهوانا منذ عقود طويلة مضت.
يحدث هذا نيجة لسقوط الرئيس الامريكي ترامب في الانتخابات الرئاسية، بعد ان بنى خلال السنوات الاربعة الماضية من حكمه معادلات سياسية وامنية شديدة التناقض في المنطقة اتصفت بكونها قابلة للانهيار الكامل بمجرد ان يخسر الانتخابات الرئاسية.، اي ان كل هذه المعادلات والاحداث والامر الواقع الذي فرضه على المنطقة يمسي غير قابل للحياة وسينهار لحظة مغادرته البيت الابيض تاركا الرموز والاشخاص والاوطان في مهب رياح العاصفة القادمة.
اذن، مجددا يحدث فراغ هائل في المنطقة العربية ويجذب اليه القوى الاقليمية لملئه في محاولة لاستعادة توازنا ما للنظام، وتلك طبعا جزء من طبيعة الاشياء والتي تميل طبيعيا لايجاد حالة من التوازن في ظروف ما بعد الازمة.
القوى الاقليمية التي تتنافس لملئ الفراغ هي اسرائيل وايران وتركيا وكل منها يدخل في حلبة الصراع على المنطقة حسب مصالحه الاستراتنيجية بعيدة المدى، فبينما استطاعت اسرائيل ان تملاء جزا مهما من هذا الفراغ بانتقالها من شواطئ البحر الابيض المتوسط الشرقية الى الضفة الغربية من الخليج لتضع نفسها وجها لوجه امام ايران التي تشكل آخر ما تبقى من اعدائها التقليدين في المنطقة، تعاني كل من ايران وتركيا مصاعب شتى نتيجة الحصار والاخطاء التكتيكية التي ترتكبها في الجوار.. وهذا ما يتم استغاله امريكيا واسرائيليا بالتحديد.
فبينما تفتح كل الابواب للتغلل الاسرائيلي في المنطقة يتم انهاك كل من تركيا وايران للحد من قدرتهما على المشاركة في ملئ جزء من الفراغ في المنطقة التي اضحت مسرحا مكشوفا للقوى الاجنبية بعد ان انحسر الحضور الشعبي وتحجر النظام السياسي العربي واصبح غير قادرا على ان يفعل شيئا غير الاستجابة غير المشروطة للمطالب الاسرائيلية الترامبية فيها.. والغريب في الامر هنا ان ترامب على الرغم من انه يعد ايامه الاخيرة في البيت الابيض الا انه لا زال قادرا بمنتهى الفاعلية ان يأمر ويجد من ينفذ له كل مطالبه ورغباته في المنطقة كيفما شاء كما لو انه باق لسنوات قادمة.
فبينما يتمادى زعماء العالم في الضحك والتندر على سلوكيات ترامب كنتيجة لسقوطه في الانتخابات الرئاسية ومحاولاته البائسة لتغيير نتائج الانتخابات بالبلطجة والكذب يواصل بعض الحكام العرب بالارتعاد خوفا منه والاستجابه لكل ما يطلبه..
ما الذي يجرى ؟ لا احد يعلم في الواقع! الشئ الوحيد المؤكد ان النظام السياسي العربي لم يعد قادرا على الاستمرار وان التاريخ يعلمنا ان حالا كهذا الحال سيقود حتما الى احداث جسام في طريقها للتبلور والحدوث، فلم يعد هناك ما يشفع او يبرر استمرار الامور على حالها، فقوانين الطبيعة والحياة لها ما تقوله في هذا السياق ..
qatamin8@hotmail.com