وطنا اليوم – في موقع جغرافي يحاذي سوريا شمالا والعراق شرقا، وعلى بعد 260 كم من العاصمة عمان، لا زالت مدينة الرويشد الأردنية التابعة لمحافظة المفرق تحتفظ بأثر تاريخي قديم.
في عمق صحرائها وعلى مسافة 22 كم من المدينة، يتربع “قصر برقع” الأثري شاهدا على عمق التاريخ فيها الذي يعود بناؤه إلى عام 700 ميلادية، لفترة حكم الوليد بن عبد الملك (668-715 ميلادية).
يُعد “برقع” أحد القصور الأثرية الإسلامية التي بُنيت من حجارة البازلت السوداء المتوفرة في تلك المنطقة.
تاريخ عريق
رغم سقوط معظم أحجاره إثر العوامل الجوية إضافة إلى العبث فيها، إلّا أن القصر لا زال يروي بما بقي من معالمه قصة تاريخ إسلامي وحنكة أهل الماضي في انتقاء الأماكن الحساسة لضمان الأمن والحفاظ على استقرار الخلافة.
كان القصر قبل انهيار أجزاء منه يتألف من 3 طوابق مختلفة، ومسكن آخر بجانبه، مزوّد بقنوات حجرية وفخارية لتوفير المياه الباردة والساخنة فيه.
ويجاور القصر بركة كبيرة (غدير ماء) لا يُعرف تاريخ تشكله بفعل العوامل الجوية، ويقول أهل المنطقة إن أهل العراق وسوريا كانوا يقصدونها منذ قديم الزمان للتزود بالمياه.
وعُثر في المكان على أعداد كبيرة من الأدوات الصوانية المتنوعة وخاصة فؤوس ومكاشط وسكاكين وشفرات ورؤوس سهام متعددة الأشكال والأحجام بالإضافة إلى مدقات بازلتية خاصة بسحق الحبوب.
كما اكتُشف في المكان فخار يعود للعصور البرونزية الحديدية، وعدد كبير من الدلائل المادية التي تعود للحضارة النبطية العربية، وبعض النظم المعمارية الرومانية، ونقوش وكتابات عربية قديمة تعود للقرون الميلادية الأولى.
قصة غرام بالصيد والعمارة
مدير آثار المفرق عماد عبيدات، قال: “تعود تسمية القصر باسم برقع نسبة إلى أن الوليد بن عبد الملك كان مغرماً بالصيد واستخدام الصقور العربية المدربة في صيد الأرانب والغزلان الصغيرة وكذلك الإوز والبط خاصة في فصلي الربيع”.
وأوضح عبيدات أن القصر يحتوي على نقشين، أحدهما يؤكد أن إعادة بنائه كانت في زمن الوليد بن عبد الملك.
وأضاف: “البرقع مفرد على وزن مفعل باللغة العربية، وجمعه براقع وهو البرقع الذي يوضع على عيني الصقر قبل انطلاقه إلى فريسته، كما يستخدمه الآن رجال الجزيرة العربية ودول الخليج العربي وبلاد أواسط آسيا أيضا لصيد الحيوانات والطيور”.