وطنا اليوم:لا يختلف اثنان، أن موسم الحج كعبادة، هو موسم اقتصادي بمُسمّى سياحة دينيّة بالنسبة لحكومة العربيّة السعوديّة، لكن هذا الموسم السنوي المُعتاد، كان قد تعطّل لعامين مُتتاليين، وذلك بسبب تفشّي فيروس كورونا، وها هي المملكة رفعت عدد الحجاج إلى مليون حاج هذا الموسم.
شوق المُسلمين لبيت الله الحرام، عكّره فيما يبدو ارتفاع تكاليف الحج، الذي تحوّل لظاهرة منصّاتيّة، في غالب الدول العربيّة، حيث اشتكى مواطنون أردنيون، فلسطينيون، مغاربة، ومصريون، وحتى اليمنيون، الذين عبّروا عن صدمتهم من ارتفاع تلك التكاليف، ومُطالبة حكوماتهم التدخّل، لتقليل تلك التكاليف، التي كسرت ظهور البعض، ودفعت البعض الآخر، لإلغاء العبادة، التي يشترط الله سبحانه وتعالى لإتمامها الاستطاعة.
الثابت في كل هذا، أن ارتفاع التكاليف يعود لما تُحدّده السلطات السعوديّة، فالأخيرة تقول إنها تُقدّم الخدمات لما تُسمّيهم “ضيوف الرحمن”، وهذه الخدمات بطبيعة الحال ليست مجانيّة.
السعوديّة تأخذ من تكاليف الحج، مُقابل خدمات النقل من وإلى مطار جدة عند الوصول والمُغادرة، ومن مكة إلى المدينة، والتنقّل إلى باقي الأماكن التي تُؤدّى فيها مناسك الحج.
ويدخل ضمن مصاريف الحج الوجبات الثلاث، ورسوم تأشيرة السفر، والتأمين على المرض، إضافة إلى الضريبة، وهذا الموسم جرى فرض تكاليف التأشيرة، والتأمين الصحّي لأوّل مرّة.
تساؤلات عديدة طرحها المُحبطون من ارتفاع تكاليف الحج هذا العام بشكل غير مسبوق عن الأعوام السابقة، يكمن أهمها بأن المملكة قلّصت أعداد الحجاج إلى مليون حاج، هذا سيدفعها بالتأكيد إلى تعويض الأعداد برفع التكاليف، لتغطية مصاريف الخدمات، سبب آخر ارتفاع الأسعار يضرب العالم بفعل حرب روسيا على أوكرانيا، والحج أهم موارد المملكة غير النفطيّة، وبالرغم من ارتفاع أسعار النفط، ورفض السعوديّة زيادة الإنتاج النفطي حتى الآن.
الفنادق في مكّة والمدينة أيضاً ستتأثّر أسعارها بفعل ارتفاع الأسعار العالمي والمحلّي، وارتفاع نسبة الضرائب، وجائحة كورونا تفرض هي الأخرى تكاليف أكبر، فسعة المخيمات لا بد أن تكون أكبر بحكم التباعد بينها، وتشترط المملكة على الحجاج فحص (PCR) قبل دخولهم لأراضيها ب 72 ساعة، وتلقّي لقاحات كورونا، إلى جانب لقاح الجمرة الخبيثة (السحايا)، واقتصار الحج على من لم يسبق له الحج، وشرط أن يكون العمر أقل من 65 عاماً، وارتداء الكمامة طوال فترة أداء المناسك.
وأعلنت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلاميّة المغربيّة مثلاً بأن مصاريف الحج لهذا الموسم هو 63 ألف و800 درهم، وهو مبلغ لا يشمل المصروفات الشخصيّة، أما في مصر فوصلت تكاليف الحج الاقتصادي إلى 92500 جنيه غير شاملة أسعار تذاكر الطيران، الحج المُميّز وصلت أسعاره إلى 6000 دينار في الأردن.
الى اكدت وزارة الاوقاف في أن الأسعار للحج من الفئة العادية لهذا العام متقاربة وليست متساوية، كون الخدمات المقدمة و مستوى الفنادق متقارب وكذلك البعد عن الحرمين الشريفين، والوزارة كونها جهة إشرافية و رقابية عملت على وضع حد أعلى للأسعار بحيث لا تتجاوزه شركات الحج والعمرة، ويبقى التنافس بين الشركات دون هذا الحد.
وعن واقع الخدمات التي ستقدم للحجاج الأردنيين خلال الموسم الحالي قال وزير الاوقاف الاردني إن الوزارة تعاقدت على تقديم وجبات الطعام بنظام البوفيه المفتوح للحجاج في الفنادق في مكة المكرمة والمدينة المنورة وبواقع وجبتين (إفطار وعشاء) مع تقديم جميع الخدمات الفندقية المتكاملة للحجاج وقد حرصت الوزارة على تقديم هذه الخدمة طيلة فترة إقامة الحجاج في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
واعتمدت السعوديّة أسعارًا جديدةً بخدمات المشاعر في منى، وعرفات، ومزدلفة، وارتفعت من 2000 ريالاً، إلى 12000 ريالاً تقريباً، وفي قطر بحسب صحف محليّة وصلت تكاليف الحج إلى 65 ألف ريال قطري، وتبدأ من 35 ألف ريال، وتختلف الأسعار وفق جودة الباقات وقُربها من الحرم.
هذه الأسعار غير المسبوقة بكُل الأحوال، تحرم أو تُصعّب مهمّة الراغبين بأداء مناسك الحج من أصحاب المداخيل المُتوسّطة، فكيف هو الحال مع الفقيرة، والمُعدَمة.
ويأمل الراغبون في غسل ذنوبهم من المُسلمين بالموسم القادم من الحج، أن تنخفض تكاليفه، مع سماح سلطات السعوديّة بأعداد أكبر من الحجاج، وانحسار المخاوف الصحيّة، وتراجع غلاء الأسعار العالمي الذي تفرضه الحرب الروسيّة- الأوكرانيّة