وطنا اليوم:في دلالة أخيرة على موسم زراعي غير مجد، غاب عن المشهد ولأول مرة منذ عشرات السنين، افتتاح مركز استلام المحاصيل الحقلية في محافظة الكرك، والذي كان من المفترض ان يباشر عمله باستقبال حبوب القمح والشعير كما هو معتاد نهاية شهر ايار (مايو).
قرار عدم افتتاح المركز لم يكن وليد الفترة الأخيرة، فمنذ انتصاف الموسم ومعدلات نمو المزروعات التي قدر لها الانبات متواضعة نتيجة شح الامطار، فيما مزروعات لم تنبت اصلا، وهو ما دلل مبكراً على ان الموسم الحالي لن يشهد الحصاد.
وكان مزارعو المحاصيل الحقلية في الكرك، قد اكدوا مع بداية الموسم المطري 2021-2022 ان المعدلات المطرية لن تكفي لإنبات الزرع، وربما لن يحمل الموسم الحالي اي تباشير بالحصاد، وهو ما حدث فعلا، فمعظم الحقول التي نبت فيها الزرع تم بيعه كمراعي بعد ان عجز عن استمرار النمو تحت ظروف الجفاف.
على إثر ذلك، تزداد مطالب المزارعين بمحافظة الكرك والمحافظات الجنوبية من الحكومة، ضرورة اعلان حالة الجفاف، وتوفير الدعم المالي وغير المالي للمزارعين، فيما الحكومة لم تعر حتى الآن مطالب المزارعين اهمية تذكر، في وقت تستمر الدعوات إلى الاهتمام بزراعة المحاصيل الحقلية من القمح والشعير للمواسم المقبل حرصا على توفير احتياجات المملكة من هاتين المادتين بسبب ازمة الحبوب العالمية.
ويقدر مزارعون خسائر قطاع زراعة المحاصيل الحقلية بحوالي 10 ملايين دينار، هي كلفة الزراعة للموسم الحالي، فيما تزداد آثار الخسارة إذا ما اخذ بعين الاعتبار ان غالبية المزارعين يعتمدون اعتمادا مباشرا على الزراعة كمصدر دخل رئيس.
وكان مركز استلام المحاصيل الحقلية بالكرك قد استلم الموسم الماضي، 1100 طن من محاصيل الحبوب، 800 طن شعير، وحوالي 300 طن من القمح، بتراجع بلغ تقريبا 14 الف طن عن العام الذي سبقه، في مؤشر واضح لحجم التراجع بالإنتاج الحقلي بالمحافظة.
ووفق مدير صناعة وتجارة الكرك محمد الصعوب، فإن الموسم الحالي يشهد للمرة الاولى منذ سنوات طويلة عدم افتتاح مركز لاستلام المحاصيل الحقلية، بسبب ضعف الإنتاج، ما يجعل افتتاح المركز امرا غير مجد، مشيرا الى ان الوزارة افتتحت هذا الموسم مركزين بالشمال والوسط لاستقبال المحاصيل من المزارعين.
وبين الصعوب ان الموسم الماضي كان ضعيفا جدا غير انه تم استقبال 1100 طن من محصول القمح والشعير من 100 مزرعة بقيمة بلغت 500 ألف دينار.
من جهته، أكد الناطق الإعلامي لوزارة الزراعة لورنس المجالي في تصريح سابق للغد أن قرار إعلان الجفاف هو قرار مرتبط بمجلس الوزراء ويحال إلى وزارة الزراعة كونه قرارا حكوميا رسميا.
وأضاف أن صندوق المخاطر الزراعية اقتصر ووفقا للقانون على مخاطر الحرائق والصقيع، في حين أن صندوق تعويضات البيئة مرتبط بمناطق البادية وهو ضمن اختصاص وزارة البيئة.
وشهد العامان الماضي والحالي شح في كمية الأمطار، ما أثر على قطاع زراعة المحاصيل الحقلية وقطاع تربية المواشي، وهما القطاعان الاكثر تضررا من ندرة الامطار وتراجع هطلها على مدار الموسمين الماضيين.
وبلغت كميات الأمطار للموسم الحالي زهاء 165 ملم فقط، وهي كمية لا تسهم في انبات رعوي أو انبات المحاصيل الحقلية، وفق احصائيات رسمية.
وقال المزارع عايد الحباشنه إن زراعة المحاصيل الحقلية وعلى مدى موسمين تعرضت لضربة قاسية وتسببت بخسائر مالية كبيرة للمزارعين، ربما لن يتمكنوا معها من الاستمرار مستقبلا في زراعة الاراضي.
وبين أن المزارعين يطالبون بضرورة إعلان حالة الجفاف وتضرر المزارعين من نقص الأمطار، وتكبدهم خسائر مالية كبيرة، نتيجة زراعة المحاصيل الحقلية، والتي تشجعهم الحكومة كل موسم على زراعتها، إلا أن الحكومة لم تقدم حتى على مناقشة شكاوي المزارعين ووضع خطة لتعويضهم اسوة ببقية المزارعين في مناطق مختلفة من المملكة.
وأكد أن جميع المزارعين لم يحصلوا على اي مردود من زراعة الحبوب للموسم الحالي بسبب حالة الجفاف التي مرت بها المنطقة، مؤكدا أن مركز استلام الحبوب بالكرك يغلق للمرة الاولى من تاريخ افتتاحة قبل اكثر من 30 عاما.
في ذات السياق، يطالب رئيس جمعية مربي الماشية زعل الكواليت بتعويض مزارعي المحاصيل الحقلية على اعتبار انهم يتعرضون ومنذ موسمين لأضرار وخسائر كبيرة بسبب الجفاف الناتج عن ندرة الامطار، مؤكدا ان هناك صناديق عديدة وفيها مبالغ مالية كبيرة وخصوصا صندوق تعويضات البيئة للبادية ومن الممكن أن يسهم في دعم مربي الماشية ومزارعي المحاصيل الحقلية.
يذكر أن مساحة الأراضي التي تزرع سنويا في المحافظة بمحاصيل حقلية، تقدر بـ210 آلاف دونم، يزرع منها 90 ألفا بمحصول القمح و120 ألفا بالشعير