بقلم الدكتور قاسم العمرو
ثمة مفارقات عجيبة نسمعها كل يوم عن الوضع الاقتصادي والفرص الاستثمارية يتحدث عنها مسؤولون في المؤسسات والدوائر الحكومية ؛ تبعث على التشاؤم وفقدان الحماس وتعمل على تسلل السلبية الى نفوس المواطنين وتُلبس المشهد سوداوية مقيته واحباط مرتفع المستوى، عادة ما اقوم بزيارات الى الدوائر الرسمية وبسبب فضولي الزائد اتطرق الى الوضع الاقتصادي والسياسي بشكل عام مع ما يتيسر من المسؤولين، فتكون الإجابة على الفور بان الأوضاع الاقتصادية مثل العمى والاستثمار يتلاشى، وما حدا يرد ولا حدا قلبه على البلد وكل واحد يشتغل لمصالحه على مبدأ “اللهم نفسي”، والحديث هنا عن الاستثمار في جميع القطاعات التي بالأساس يعول عليه ليلعب دورا مهما في خلق فرص العمل للأردنيين الذين ارتفعت نسب البطالة في صفوف الشباب الى اكثر من 50% ولدينا مئات الالاف من الخريجين في طوابير الانتظار على قوائم ديوان الخدمة للحصول على وظيفة والديوان كمؤسسة بيروقراطية تتعرض لانتقادات كثيرة دفعت بأحد المسؤولين في الصف الأول ان طالب بإلغائه والتخلص من هذه الملفات المتراكمة التي لم يوفق الديوان في إيجاد حلول لها.
لا احد في الدولة الأردنية يتحمل المسؤولية اكثر من هؤلاء أصحاب المكاتب الوثيرة المتجمدون تحت المكيفات والهواء الناعم والسيارات اخر طراز والخدم والحشم، الباحثون عن مصالحهم ومكائدهم لبعضهم البعض وشعوبيتهم على حساب المصلحة العامة دون ادنى وازع من ضمير .
قبل يومين وبرفقة الزميل الدكتور حسين العموش التقينا بأحد المستثمرين المهمين في المناطق الحرة في منطقة الغور وتحدث بمرارة عما يواجه من تعقيدات وبيروقراطية؛ وهو يؤكد ان في الأردن فرص قل مثيلها لو تسلم من بعض المسؤولين الذين يشكلون عائقا بوجه المصالح الوطنية وهبطوا على كراسيهم بالمظلات، ان حديثه الإيجابي عن الأردن عزز فينا الثقة وهو يقول ان الأردن فيها خير وفرص واعدة ولكن المشكلة في البيروقراط وتحدث بتفاصيل كثيرة لا مجال لذكرها وكيف ان منطقته الحرة تشغل مئات الأردنيين الذين يقبلون على العمل الشاق بعكس ما يروج له أصحاب المصالح الخاصة.
المستثمر الدكتور محمد عبدربه أبو بدر لديه رؤية ومشروع كبير قد ينقل منطقة الاغوار الى وضع متقدم في توفير فرص العمل ودعم الاقتصاد الوطني وقد فهمت ان ثمة تعقيدات تواجه طروحاته بسبب الموقف العقيم لدائرة الجمارك ووزارة النقل، واطلعت على تفاصيل كثيرة قد لا يكون من المناسب ذكرها هنا في هذا المقال.
لكن المهم ان نزف بشرى للأردنيين ان منطقته الحرة في الغور ستشيد اهم مصنع لتدريج التمور الذي سينعش تجارة التمور ووضعها في مصاف المنتجات الغذائية للأسواق الأوروبية وسيوفر المصنع مئات الفرص للعمل فيه ومصنع اخر لتدريج الخضار والفاكهة واخر لإنتاج الكرتون مما يساهم في توفير فرص عمل حقيقية لأبناء المنطقة ويساهم بتنمية المنطقة ودعم الاقتصاد الوطني وهذا ما يدعمه الملك بكل تأكيد.
نشد على ايدي مثل هذه الكفاءات الميدانية وندين كل مسؤول يضع الحواجز والعقد بوجه تطوير الاقتصاد ونامل ان تهتم الحكومة بالاستثمار بدلا من ولائم رمضان فهي مضيعة للمال والوقت.
أستاذ العلوم السياسية جامعة البترا
ناشر موقع وطنا اليوم الاخباري