وطنا اليوم:واصلت أسعار القمح صعودها، مسجلة أعلى مستوى لها منذ 14 عاما، نتيجة للعمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، أحد أكبر مناطق زراعته بالعالم.
وكانت أسعار القمح ارتفعت مجدداً الخميس إلى الحدّ الأقصى اليومي المسموح به، لتقفز بنسبة 7.1% وتصل إلى 11.34 دولاراً للبوشل. وكانت الأسعار قد ارتفعت بنسبة 50% في الشهر الماضي.
ويستخدم البوشل لقياس الحجم الجاف للسلع الزراعية مثل القمح والأرز أو الذرة، ويساوي البوشل من القمح حوالي 27 كيلو جرام.
أزمة المستهلكين في العالم
يواجه المستهلكون أسعاراً أعلى للمنتجات المصنوعة من الذرة والقمح مع تقلص الإمدادات العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.
قفزت أسعار القمح بنسبة 37% فيما ارتفعت أسعار الذرة بنسبة 21% حتى الآن في عام 2022، بعد ارتفاعها بأكثر من 20% طوال عام 2021 بالكامل.
ودفع التضخم المتزايد باستمرار بالفعل شركات مثل Kellogg وGeneral Mills إلى رفع الأسعار ونقل التكاليف إلى المستهلكين.
تعرقل الحرب الدائرة في أوكرانيا، إلى جانب العقوبات الأمريكية والأوروبية واسعة النطاق على روسيا، الإمدادات من البحر الأسود في وقت يواجه المخزون العالمي ضيقاً في الأصل.
وتسهم أوكرانيا وروسيا معاً بأكثر من ربع صادرات القمح في العالم؛ إلا أنَّ الأعمال القتالية أدت إلى إغلاق الموانئ، وأوقفت عمليات النقل، وقطعت العمليات اللوجستية.
كما تهدد الحرب زراعة القمح هذا العام في أوكرانيا بما أنَّ المزارعين قد يكونون منخرطين في القتال، وستواجه البلاد نقصاً في البذور والأسمدة.
ولطالما اعتبرت أوكرانيا “سلة خبز” بسبب تربتها الغنية، حيث تمثل الدولة 12٪ من إجمالي صادرات القمح في العالم، وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية. ومن المقدر أيضًا أنها توفر 16٪ من صادرات الذرة العالمية هذا العام.
توقع استمرار شح إمدادات القمح
من المرجح أن يستمر الشحّ في الإمدادات إلى الفصل المقبل، وربما أطول من ذلك. وبالتالي، فإنَّ المحصول الغزير في أمريكا الشمالية ومناطق أخرى في أوروبا سيكون ضرورياً جداً هذا الصيف من أجل الحدّ من المزيد من الارتفاعات في الأسعار.
وفي حين تهدد الحرب الشحنات من منطقة البحر الأسود، يفكر المشترون بإبرام عقود آجلة للحصول على الحبوب الأسترالية حتى الربع الثالث، بحسب شركة الشحن الرائدة “مجموعة سي بي إتش” (CBH Group).
ورغم أن منتجو المواد الغذائية في الولايات المتحدة يحصلون على معظم موادهم الخام محليًا، لكن أي انخفاض في الإنتاج والصادرات من أوكرانيا سيتردد صداه عالميًا من خلال زيادات الأسعار.
وقال آرون سوندارام ، المحلل في CFRA، في مذكرة للمستثمرين: “الولايات المتحدة ليست شريكًا تجاريًا رئيسيًا لروسيا أو أوكرانيا، ولكن من المحتمل مع ذلك أن تشعر بالصدمة”.
بينما تلعب روسيا دورًا رئيسيًا في صناعة الطاقة، فإنها تلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في السوق الزراعية العالمية بمكونات للأسمدة. فهي تواجه عقوبات، تزداد مع استمرار الحرب ويمكن أن يعيق ذلك تدفق تلك المكونات، مثل البوتاس، أو قد ترد روسيا بقطع الإمدادات.
فيما يرى باري بانيستر، كبير استراتيجيي الأسهم في Stifel: “أي انقطاع لتدفق هذه المواد من تلك المناطق سيكون ضارًا تمامًا بالاقتصادات الغربية”.. “سيكون ذلك مزعزعا للاستقرار للغاية، الخطر في الحقيقة ليس الطاقة بل الزراعة إذا انقطعت الإمدادات”.
وكانت أسعار الذرة قد ارتفعت إلى أعلى معدل لها منذ عام 2012، كما سجل زيت الصويا وزيت النخيل معدلات قياسية. في غضون ذلك؛ تسعى الصين أكبر مستورد للذرة، وحبوب الصويا، وأحد أكبر مشتري القمح لتأمين احتياجاتها الأساسية من الأسواق العالمية، مما يسهم في رفع الأسعار أكثر.
تضخم أسعار الغذاء العالمية
أدت الزيادة في أسعار القمح والذرة إلى رفع مؤشر “بلومبرج” الزراعي إلى معدل قياسي، كما تسهم في تضخم أسعار الغذاء العالمية.
ويأتي ذلك بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط وغيرها من السلع، مما يجبر المصارف المركزية على تشديد السياسات النقدية بعد سنوات من أسعار الفائدة المنخفضة جداً.
وبلغ التضخم بالفعل أعلى مستوى له منذ أربعة عقود في الولايات المتحدة، مدفوعًا جزئيًا بارتفاع تكاليف الغذاء، وفي غالبية دول العالم أيضا ارتفعت معدلات التضخم.
وأشار منتجو المواد الغذائية إلى استعدادهم لرفع الأسعار أكثر إذا استمر التضخم.
وكان المستهلكون حتى الآن على استعداد لدفع أسعار أعلى، لكن الزيادات الإضافية في الأسعار تثير المزيد من المخاوف من أن المستهلكين سيشعرون في النهاية بضغوط شديدة وخفض الإنفاق.
قال توم فيلساك، وزير الزراعة الأمريكي، إن مزارعي القمح في بلاده سيعززون الإنتاج للمساعدة في تعويض الانخفاض في المعروض من أوكرانيا.
ويتوقع المحللون أن نقص الإمدادات والطلب المتزايد سيفيد على الأرجح بعض الشركات الزراعية الأكبر.
مصر في مأزق
تعتبر مصر أكبر مستورد للقمح، ولذلك فهي في مأزق صعب، فقد أسهمت روسيا وأوكرانيا بـ 86% من واردات البلاد من القمح عام 2020، بحسب الأمم المتحدة.
إلا أنَّ الحرب والعقوبات المتسارعة، والارتفاع الكبير في أسعار الشحن والتأمين، قد تعرقل جهود الدولة المصرية في تأمين الإمدادات اللازمة