دستور الكرة أم دستور الصندوق؟

23 فبراير 2022
دستور الكرة أم دستور الصندوق؟

بقلم/ د. عادل يعقوب الشمايله

طيلةَ التاريخِ السياسي للعرب، تحولَ العربُ الى مُجردِ طابةٍ تتقاذفها اقدامُ فريقين. الفريق الاول يمثلُ الفرسان/العسكر. اما الفريق الثاني فهو فريق رجال الدين.
بغضِ النظر عن هوية الفريق الفائز، فالعرب اصبحوا مجرد كرةٍ، وفي احسن الظروف انقسموا الى كرة ومشاهدين. وكانت دمائهم هي الثمنُ الطبيعي لاخراج اللاعب الفاشل من فريقه.
ورغمَ الدماءِ والتخلفِ، يُصرُ الفريقان على بقاء هذا الحال، بل مُعظم العرب.
كان الدور التقليدي لشيوخ القبائل وربما لا زال، هو إعادة نفخ الكرة اذا نفست. وهكذا تستمر المباريات.
في العادةِ، المشاهدون لمباريات كرة القدم لا يصفقون للكرة، بل لمن يركلها بحرفية اكثر وذكاءٍ اشد، ويدخلها بحذائه بين خشبتي الفريق المنافس.
معرفةُ هذه الحقيقة مفيدٌ لتصور أشكال واتجاهات الخطوط البيانية لكل من المستقبل السياسي والمستقبل المعرفي والمستقبل الاقتصادي لهذا الجزء من العالم في العقود القادمة ان لم يكن في القرون القادمة.
في دول الغرب الديموقراطية تمَّ حلُ فريقي كرة القدم وتوقفت الركلات. واستبدلت لعبة كرة القدم بلعبة الديموقراطي حيث تلعب الان احزابٌ سياسية. وتحول الشعبُ من مجردِ كرةٍ الى حكم ومتحكم من خلال صناديق انتخاب لا تلعب فيها ايدٍ خفيةٍ.
لعبة الديموقراطية في بلاد الغرب سحبت الاعتراف بلعبة كرة القدم ولاعبيها بغض النظر عن اسمائهم منذ قرون، ولهذا ازدهرت الشعوب وسادت. أما في بلاد العرب، فإن فريقا كرة القدم يرفضان الاعتراف والاقرار بوجود لعبة الديموقراطية، ولا يسمحان حتى بانشاء ملعبها. ولهذا يسود الفريقان ويزدهران ويستمتعان على حساب الشعوب العربية الغارقة في كل ما هو مشؤوم.
شكل العالم كان كشكل الانسان الاول. له رأس وقلب…وقدمان ولهُ ذيلٌ ايضا. مع الزمن، تكفلت حلقات تطور الجنس البشري باسقاط الذيل من نسخة الانسان المعاصر لعدم الحاجة اليه.
لذلك، وبناءاً على ما تقدم بيانه، فإنني انصحُ النخب القلقة المتململة في العالم العربي ان ينصرفوا الى لعبة الشطرنج الشيقةِ والاستماع اثناء ذلك لاغنية الاطلال لام كلثوم تاركين الكرة للفريقين الازليين، لأن إزاحتهما عن المسرح السياسي تتطلب من النخب العربية والشعوب العربية ما تطلبتهُ العمليةُ الجراحيةُ التي أجريت في اوروبا. انها تتطلب ثمنا لا يوجد في محافظ النخبة العربية ولا محافظ الشعوب العربية. ولهذا، ناموا ولا تستيقظوا، فما طابت العتمةُ الا للنومِ