وطنا اليوم:السجن 3 سنوات هو ما جنته سيدة اعتقدت انها تعمل مع احد المرشحين للانتخابات النيابية قبل عامين، لتحسين الحياة المعيشية لأطفالها الخمسة.
وفي التفاصيل التي يرويها مصدر فضل عدم الكشف عن اسمه، فان السيدة تم التحقيق معها بعد انتشار تسجيلات صوتية لها، وهي تَعد من يقوم بانتخاب احد المرشحين بالحصول على مواد عينية «حرامات»، مؤكدة انها مخولة بتوزيعها عليهم بعد التصويت للمرشح.
وعند سؤال السيدة عن محتوى التسجيلات، لم تنكر ما جاء بها، بل اكدت انها تعاقدت شفويا مع المرشح للقيام بذلك، مقابل مبلغ مالي متفق عليه، قائلة: «نعم قمت بهذا الترويج فهو عملي الذي اتفقت عليه مع المرشح».
أما المرشح فقد رفض هذا الادعاء عند استجوابه جملة وتفصيلا، بل زاد انه تقدم بشكوى ضد السيدة، على اساس ان ما قامت به نوع من المعلومات الكيدية بقصد الاضرار به.
واضاف المصدر: ان 42 شخصا يقضون محكوميتهم في السجن حالياً، بقضايا المال الفاسد في الانتخابات النيابية 2020، أغلبهم من السماسرة الذين يتوسطون لبيع وشراء الاصوات الانتخابية.
وتنص المادة (59أ) من قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (6) لسنة 2016 على انه يعاقب بالأشغال الشاقة مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على سبع سنوات كل من أعطى ناخبا مباشرة أو بصورة غير مباشرة أو اقرضه أو عرض عليه أو تعهد بأن يعطيه مبلغا من المال أو منفعة أو أي مقابل آخر، من أجل حمله على الاقتراع على وجه خاص أو الامتناع عن الاقتراع أو للتأثير في غيره للاقتراع أو الامتناع عن الاقتراع.
كما انه يعاقب كل من قبل أو طلب مباشرة أو بصورة غير مباشرة مبلغا من المال أو قرضا أو منفعة أو أي مقابل آخر لنفسه أو لغيره، بقصد أن يقترع على وجه خاص أو أن يمتنع عن الاقتراع أو ليؤثر في غيره للاقتراع أو للامتناع عن الاقتراع.
ويعفى وفق المادة من العقوبة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة، كل من شرع للقيام بأي من الأفعال المنصوص عليها في البند (2) من الفقرة ذاتها، اذا باح بالأمر للسلطات المختصة أو اعترف به قبل إحالة القضية الى المحكمة، ويعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من هذه المادة من قدم أي معلومات كيدية بقصد الإضرار أو الإيقاع بالمرشح.
وما جاء بهذا القانون، هو ذاته الذي سيعمل به في انتخابات مجالس المحافظات والمجالس البلدية ومجلس امانة عمان، الذي حدد يوم الاقتراع لها بـ 22 اذار 2022، على ان تبدأ الدعاية الانتخابية مع بدء التقدم بطلب الترشح والذي يبدأ في 7 من الشهر الحالي.
ويعد المال الفاسد، من اكثر الامور التي يتم الحديث عنها خلال فترة الانتخابات، ولذلك اطلقت الهيئة المستقلة للانتخاب خطا ساخنا لتلقي اي معلومات تتعلق بمخالفات انتخابية، وشكلت لجنة مخالفات انتخابية فيها للمتابعة والرصد.
وتعاملت الهيئة خلال انتخابات 2020 مع (975) مخالفة انتخابية، ما بين شكوى او رصد، منها (263) استخداما فاسدا للمال في الانتخابات، علما ان كل ما تم تداوله عبر شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام لم يتجاوز الـ12 حالة فقط، وتم احالة 69 حالة للادعاء العام بعد التأكد منها.
وبين المصدر، ان احدهم تم الايقاع به عن طريق ايهامه «بامتلاكنا 200 صوت وتم تزويده بالكشوفات بعلم الهيئة وعمل كمين له وجرت مداهمته».
وتستدعي الهيئة التي تمتلك الضابطة العدلية، عند وصول اي شكوى او رصد مخالفة عبر وسائل الاعلام، جميع الاطراف التي لها علاقة بها، ويتم التأكد من الوقائع قبل احالتها الى المدعي العام.
وفي حالة تعاملت معها الهيئة، حدثت في احدى مناطق عمان خلال انتخابات 2020، تم استدعاء 42 شخصاً و3 شهود للتحقيق معهم، بعد معلومات رصدتها الهيئة عن بيع أصوات لأحد المرشحين مقابل 20 دينارا عن طريق سماسرة.
وما أن تقوم الهيئة باحالة ملف الحالة للمدعي العام وفق الاصول، ويقوم المدعي العام بتحويلها للقضاء، لا تعود هي طرفا في القضية، ويقتصر عملها فقط بالشهادة امام القضاء، علما ان هناك قضايا تخص الانتخابات النيابية 2020، لازال ينظر فيها امام القضاء حتى هذا اليوم.
وهناك حالات وصلت للهيئة عن طريق وسيلة اعلامية كما ذكر المصدر، إذ تمكنت الهيئة من مداهمة موقع يتم فيه بيع وشراء الاصوات بشكل علني، حاثا وسائل الاعلام المختلفة على تزويد الهيئة، بكل ما يمكن ان يضبط هذه المخالفات سواء يوم الاقتراع او قبل ذلك.
شكاوى كيدية
وحذر وسائل الاعلام من الانجرار وراء فيديوهات مفبركة، كانت تتحدث عنها وسائل الإعلام، إلا انه عند احالة الفيديوهات او الوثائق الى المدعي العام، يتبين انها كيدية، وبالتالي تصبح وسيلة الاعلام طرفاً في القضية، على اعتبار انها روجت لمعلومات غير صحيحة.
ومن بين الحالات ايضاً، انه بعد نشر موقع الكتروني لفيديو صور بيع وشراء اصوات علنية لمصلحة مرشح، تم تحويل الفيديو مباشرة للمدعي العام، وبعد التحقق تبين ان شخصا قام بتصويره في محافظة غير التي ينتمي اليها المرشح الذي ذكر اسمه فيها، وكان الهدف من نشره كيديا، وبالتالي كان الموقع الذي نشر هذا الفيديو، هو من أخطأ في هذه الحالة.
وانتشرت كذلك بشكل كبير على وسائل التواصل حينها، فيديو لسيدة تتحدث لمجموعة من الاشخاص، تقول فيه «انها دفعت مبلغ 20 دينارا لكل منهم، ليقوموا بالتصويت لاحد المرشحين، حيث يسمع بوضوح ترديد اسم المرشح المطلوب انتخابه بالفيديو، وعند التحقيق كان الشخص الذي يتحدث ويحث على الاقتراع للمرشح، هو احد اقارب المرشح المنافس في مقطع مصور كيدي للايقاع بمنافس.
وفي سياق متصل، وفيما يخص ملف المتطوعين للعمل مع المرشحين مقابل مبلغ من المال، بين المصدر ان احد المرشحين في انتخابات 2020 قام بالتعاقد مع حوالي 4 الاف شخص، وعند التحقق من شبهة شراء الاصوات، قام بإرسال صيغة العقد بشكل قانوني وعرضه على الشؤون القانونية، ليتبين انه سليم ولا يمكن ملاحقته بشبهة المال الفاسد، حيث لم يشترط ان يكون تابعاً لدائرة انتخابية معينة أو ان يتم انتخابه، ومدة التعاقد كانت لثلاثة اشهر لغايات الحملة الانتخابية. في حين تم إحالة احد الحالات الى المدعي العام، وهي عبارة عن اعلان توظيف على احد المواقع، وفيه يتحدث احد اقارب مرشح في انتخابات 2020، وكان نصه «مطلوب مندوبين للانتخابات مقابل راتب محدد، شرط ان يكون اسمه في جداول الانتخابات التابعة لدائرة انتخابية محددة، وان يمنح صوته لمرشح بعينه وتم احالتها للقضاء وصدر حكم بادانته»