وطنا اليوم:الطلاق قرار قاس ومؤلم فهو اشبه ببتر عضو من الجسد لا يعاني منه الرجال كما النساء، فربما يسعى الرجل للطلاق لبناء عش زوجية جديد او يبقى حرا طليقا من قيود الزواج وتبعاته المختلفة.
بعد الطلاق تبدأ المرأة رحلة اخرى من حياتها يكتنفها الغموض والمصاعب خاصة اذا كان لديها اطفال مما يضطرها الى طلب النفقة من زوجها واللجوء الى المحكمة للحصول على نفقة شهرية، واحيانا قد يتهرب الزوج من دفع النفقة لاولاده واحيانا اخرى قد تصل النفقة ناقصة وغير كافية لتسد حاجات الاطفال اليومية.
وتروي إحدى المطلقات شيرين «اسم مستعار» وهي أُم لثلاثة أطفال وعُمرها ٢٦ عاما صعوبة الظروف المادية والضغوطات النفسية التي عانت بعد طلاقها من زوجها وأثرت سلبيًا عليها وعلى أطفالها.
وتقول شيرين «إنها تواجه معاناة مركبة ما بين نظرة المجتمع، والحصول على النفقة»، مضيفة «انقلبت حياتي رأسا على عقب بعد الانفصال عن زوجي، حيث بدأت المأساة مع عائلتي للضغط عليّ للتخلي عن أطفالي كنوع من أنواع العِقاب لوالدهم ردًا للاعتبار بعد طلاقي منه، وبدأت أشعر بالذنب اتجاه أطفالي خشية الضياع وتفكك الأسرة».
وتتابع: » إنَ النفقة التي حصلت عليها لا تكفي لِطفل واحد وانا لا املك شهادة جامعية تمكنني من العمل ولاحرفةً تساعدني على ايجاد فرصة عمل حتى اتمكن من تحمل الأعباء المادية التي تواجه اسرتي ولا أملك المال الكافي لإيجار بيت».
وتضيف شيرين «بدأت أشعر بالاكتئاب والضعف وعدم القدرة على مواجهة الأعباء المادية والنفسية مما أدى الى انعزالي عن المجتمع وهذا الامر انعكس سلبا على حياة أطفالي وعلى تحصيلهم التعليمي والدراسي».
وتتابع «قررت التغلب على الصعوبات والظروف الاقتصادية للحصول على مسكن لعائلتي، حيث حصلت على قرض من وزارة التنمية الاجتماعية وبدأت اعد الحلوى وتسويقها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وواجهت بعض الصعوبات في البداية ولكن بعد مرور أشهر تغير الوضع المادي وأصبحت قادرة على استئجار شقة لاسرتي وتلبية احتياجاتها الأساسية مما جعلني أكثر قوة وثقةً بالنفس».
ويقول المحامي الشرعي عاكف المعايطة: إن القانون الاردني يتضمن بنودا لحماية حقوق المرأة بعينها مثل حقها بالنفقة وحق حضانة أطفالها، وإن هناك بعض النصوص يوجد بها تمييز ضد المرأة وليست عادلةً في حقها.
ويؤكد المعايطة أهمية إعادة النظر في حال تقدير أجرة المسكن من قبل الخبراء من حيث مراعاة مكان السكن ومتوسط الأجور في المنطقة بما يتناسب مع قدرة الزوج، لأنه في أغلب الحالات لا يتم تقدير أجرة المسكن بالمبلغ الذي يساوي أجرًا فعليًا للمسكن.
ويشير إلى أن حكم الاتفاق على مقدار النفقة إما بالتراضي بين الزوجين او اتفاق محامي الأطراف على مقدارها، وفي حال الخلاف يتم انتخاب خبراء من المحامين في المحكمة الشرعية وتكليفهم بالتحري عن وضع الزوج وتقدير النفقة حسب الحالة المادية للمدعي عليه.
ويقول «في بعض الحالات يكون الزوج مقتدرًا ماديًا لكن من باب التحايل على القانون يقوم بتحميل نفسه ديونا وهمية، لكن الخبراء بعد التحري الدقيق عن وضعه يتم كشف تلك الديون إن كانت حقيقية او مجرد ادعاءات».
ويضيف: إن القاضي لا يمكن أن يبت في الدعوى الا عند تبليغ المدعى عليه بذاته، وفي حال عدم تواجده يتم إبلاغ أشخاص يُقيمون معه في المنزل شرط ان يكونوا فوق سن ١٨ عاما، وفي حالة عدم وجود أشخاص يتم كتابة البلاغ على باب المنزل بشرط أن يكون ظاهرًا وهذا ما يسمى التبليغ في الإلصاق ويكون عن طريق محضر المحكمة الشرعية.
ويشير المعايطة إلى أن الأخطاء التي يتم ارتكابها من بعض المحامين في المحاكم الشرعية تعرضهم لعقوبات من دائرة قاضي القضاة بصفتها المسؤولة عن المحامين الشرعيين، حيث يتم تقديم شكوى على المحامي وينبغي إثبات هذه التهم من(التقصير، التواطؤ مع الخصم)، وان ثبت يتم فصله او حرمانه من المهنة لسنوات معينة.
وبحسب الإحصائيات الصادرة عن دائرة قاضي القضاة، فقد سجلت المحاكم الشرعية في الأردن 8468 دعوى نفقة خلال عام 2020، وكان متوسط الحكم بنفقة الزوجات، بحدود 81.4 دينار شهريا، فيما سجلت المحاكم 7253 دعوى نفقة الاولاد خلال العام نفسه، بمتوسط حكم بنفقة الأولاد ارتفع الى 78.4 دينار شهريا. وقالت جمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن»: إن التطبيقات العملية والأحكام القضائية تشير الى ضعف قيمة النفقات المحكوم بها، كون عبء الإثبات ملقى على عاتق الزوجة لإثبات دخل زوجها، ويكون من الاستحالة بمكان الوصول الى معرفة الدخل الحق?قي إن كان عمل الزوج ضمن القطاع الحر، وبالتالي يصعب الحصول على وثيقة رسمية لإثباته.
وأضافت «تضامن» في تقرير صدر عنها في وقت سابق: إن المحاكم تلجأ في هذه الحالات الى إقرار الزوج واعترافه بمقدار دخله، وعادة ما يكون هذا الإقرار بعيداً كل البعد عن الدخل الحقيقي للزوج الذي يسعى جاهداً الى التهرب من الإنفاق على أولاده وزوجته في حال نشأ خلاف بينهم ولجأت الزوجة للمحكمة.
ودعت «تضامن»، الى إعادة النظر بالنفقة التي يحكم بها للزوجة والأولاد والأمهات.
وعلى صعيد متصل، يقول استاذ الارشاد النفسي في جامعة الزرقاء الدكتور مالك الطريفي: إن الاثار النفسية التي تنعكس سلبًا على المرأة في حال طلاقها يتمثل بالارتباك بالدرجة الاولى والشعور بضعف الشخصية بسبب نظرة المجتمع، وقد تعاني من ضغوط نفسية بسبب الأمور المادية اذا كان لديها أطفال ولا يوجود مصدر دخل لها.
ويضيف الطريفي «انها قد تشعر بالذنب اتجاه أطفالها بعد الطلاق بسبب نفسية أطفالها وتحمل نفسها الذنب أنها السبب في تحطيم ترابط الأسرة وتفككها».
ويزيد: «إنها قد تصاب بالاكتئاب إما يكون مجرد شعور بالإحباط والحزن بحيث لا يؤثر على حياتها وفي هذه الحالة تحتاج الى الدعم النفسي من الأسرة والأصدقاء، أما اذا كانت تعاني من نوبات اكتئاب وأصبحت علاماته واضحة عليها مثل العزلة وعدم قيامها بواجباتها الحياتية في هذه الحالة يتوجب تدخل الطب النفسي».
ويقول «في بعض الحالات يكون الطلاق إيجابيًا اذا كان السبب الرئيس له عدم قيام الزوج بواجباته والاساءة للزوجة، ففي هذه الحالة فان الزوجة تتحرر من ظلم الزوج وحصولها على فرصة تغير حياتها وإعطائها فرصة جديدة لادارة حياتها»