وطنا اليوم:منذ الإعلان عن استضافة إسرائيل مسابقة ملكة جمال الكون في نسختها السبعين، أثيرت المخاوف من استغلال المسابقة لـ”تبييض صورة الاحتلال” و”محاولة تمرير ثقافة التسامح مع جرائمه بحق الشعب الفلسطيني”.
تأكد لاحقاً أن هذه المخاوف كانت ذات وجاهة، بل تأكد ما هو أسوأ بعدما وقعت المتنافسات في المسابقة في فخ مشاركة السلطات الإسرائيلية في “السطو” على التراث الفلسطيني ونسبته زوراً إلى إسرائيل.
خلال الساعات الماضية، شاركت عدة مترشحات للقب “ملكة جمال الكون 2021” صوراً لهن في ملابس تراثية فلسطينية برسومها وألوانها المزركشة الشهيرة، وخلال مشاركتهن في إعداد ولف ورق الدوالي (محشي ورق العنب) -الأكلة الشهيرة في فلسطين (وبلاد الشام عموماً)، وروجن لذلك على أنه يعكس “الثقافة البدوية/ المحلية في إسرائيل”.
وشاركت ملكة جمال الفلبين، باتريس لويدجي غوميز، عبر حسابها الموثق في انستغرام، صوراً لها بالزي الفلسطيني التراثي وأمامها مكونات لف ورق الدوالي وعلّقت عليها: “تجربة يوم في حياة البادية. زوروا إسرائيل”.
أما حساب ملكة جمال كينيا، روشانارا إبراهيم، في تويتر، فشارك مجموعة من الصور الجماعية التي تظهر فيها إبراهيم ونظيراتها المتنافسات وسط أشخاص من البدو يرتدون الملابس التراثية الفلسطينية. وكتبت في تعليقها على الصور: “رفقة عائلة بدوية لتجربة الثقافة المحلية في إسرائيل”.
“سرقة تراث وتاريخ”
بانتظام، سعت إسرائيل إلى سرقة التراث الفلسطيني ونسبته إليها بما في ذلك الأطعمة والآثار والأغاني وغيرها. لكن تورط ملكات جمال العالم، كما ظهر في الصور الأخيرة، أثار غضباً خاصاً لدى الناشطين الفلسطينيين والعرب لاستغلال القوى الناعمة في ترسيخ هذا السطو الممنهج على كل ما هو فلسطيني.
كتب رامي عبده، مؤسس ومدير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: “المشاركات في مسابقة ملكة جمال العالم التي يستضيفها الاحتلال يشاركن في سرقة تراث وتاريخ الشعب الواقع تحت الاحتلال ويرتدين الثوب الفلسطيني ويصنعن ورق الدوالي (العنب)!”.
وكتب حيدر عبر تويتر: “مشاركات في مسابقة ملكة جمال الكون يروجن للثقافة الإسرائيلية من خلال ارتداء الثياب الفلسطينية التقليدية! إنهم (الإسرائيليون) يقتلون الفلسطينيين ويعتبرون بقاءهم في أرضهم غير قانوني ولكنهم ما زالوا يريدون الاستفادة من ثقافتهم”.
واعتبر ليث حنبلي أن هذه المنشورات “تعكس تماماً أهمية المقاطعة الثقافية لإسرائيل”، مشدداً على أن “وقاحة الاحتفاء بالثقافة نفسها التي تم محوها هي إسرائيل الكلاسيكية”.
وأضاف: “يقوم منظمو مسابقة ملكة جمال الكون في إسرائيل والمتسابقات فيها بالاستيلاء على الثقافة الفلسطينية أثناء وجودهم في ‘إسرائيل‘، بما في ذلك الملابس والأطعمة الفلسطينية التقليدية، من دون اعتراف بمئات الأجيال من الفلسطينيين الذين توارثوا هذه الهوية الثقافية”.
“الأمر الأكثر إثارة للغضب”، بالنسبة إلى حنبلي، وجود “تركيز خاص أو احتفاء بالثقافة البدوية” بينما “تكافح المجتمعات البدوية (في الأراضي الفلسطينية المحتلة الخاضعة للسلطات الإسرائيلية) من أجل الاعتراف بالقرى والمجتمعات، ونادراً ما يمنح البدو أذونات التخطيط، وكثيراً ما تدمر قراهم”.
واستفاض بالقول: “يحظر على شركات المرافق تمديد الخدمات إلى المناطق التي ليس لديها أذونات التخطيط”، فيما “المدارس الابتدائية البدوية مكتظة ولا توجد مدارس ثانوية لديهم في جهد متضافر لمحو الثقافة البدوية ووجودها تماماً”.
وختم حنبلي: “الانخراط في مشاريع التبييض يضفي شرعية على محو إسرائيل للثقافة الفلسطينية والبدوية. فقط لا تفعل ذلك”.
مقاطعة
وكانت ملكة الجمال اليونانية، رافاييلا بلاستيرا، قد أقدمت على الانسحاب من المسابقة قبل أيام قائلةً: ” إذا تراجعت خطوة عن تحقيق لقب تمنيته بشدة، فقد تقّدمت خطوتين نحو الإنسانية”.
وأعلنت جنوب أفريقيا سحب دعمها ملكة جمال البلاد للعام الجاري بعدما رفضت الانصياع للموقف الرسمي للبلد ومقاطعة المسابقة. وجنوب أفريقيا التي عانت طويلاً سياسات الفصل العنصري لديها سجل حافل من عدم التسامح مع جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
وبينما استنكر منظمو المسابقة قرارات المقاطعة، زاعمين أنه لا ينبغي تسييس الاحتفالية التي تستضيفها مدينة إيلات في 12 كانون الأول/ ديسمبر، فإن الصور الأخيرة تكذّب ادعاءات المنظمين.
وتجدر الإشارة إلى أن ملكة جمال البحرين، منار نديم دياني، وملكة جمال المغرب، كوثر بن حليمة، تتنافسان و78 مترشحة أخرى على لقب هذا العام. وكانت الإمارات قد أكدت مشاركة ممثلة عنها في المسابقة، إلا أنها لم تعلن اسمها ولم يتأكد هذا من عدمه إلى الآن.