وطنا اليوم – أٌقيم في المركز الثقافي الملكي مساء يوم أمس الجمعة حفل إشهار كتاب “المسيحيون والمواطنة في البلاد العربية بين الحقوق والواجبات الأردن أنموذجاً” للأب الدكتور بسام شحاتيت .
ويتناول الكتاب الذي رعت وزيرة الثقافة هيفاء النجار حفل إشهاره، حقوق المسيحيين وواجباتهم المدنية والكنسية في الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا ومصر والعراق ومنطقة الجليل، كما ويسلط الضوء على الوضع القانوني المسيحي في الجزيرة العربية واليمن .
ويحتوي الكتاب الذي أدار حفل إشهاره الباحث حنا ميخائيل سلامة، على خمسة فصول في 527 صفحة وصادر عن دار ورد للنشر والتوزيع، ويتعمّق في دراسة وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني والقوانين الكنسية والأحوال الشخصية، ويعود إلى تاريخ المسيحية في المشرق العربي ودور الحوار المسيحي الإسلامي في تعزيز المواطنة والعيش المشترك، كما ويعالج الكتاب القوانين المتعلقة بالحقوق والواجبات خصوصاً في موضوعات الإرث والمرأة والطفل والتبني والحرية الدينية وحرية الضمير والمعاملة بالمثل.
وقال مندوب وزيرة الثقافة، مدير المركز الثقافي الملكي الدكتور سالم الدهام، إن الوجود المسيحي في البلاد العربية التحم بالوجود الإسلامي مشكلاً وحدة دفاع عن العروبة، مشيراً إلى الأخوة واحترام الشعور الديني الذي تجذّر في القيم الثقافية والاجتماعية في المجتمع العربي لا سيما الأردني الذي لا يمكن فيه التمييز بين أفراد المجتمع الذي يعيشون العادات والتقاليد ذاتها.
وسرد الدكتور الدهام قصصا من التاريخ الأردني تمثل المحبة واللحمة بين أبناء المجتمع الأردني، كما واستذكر قيادات عربية وأردنية من المسيحيين الذين ضحوا بأنفسهم دفاعاً عن القضايا العربية.
وأشار أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأردنية الدكتور ليث نصراوين، إلى أن الأب شحاتيت ومن خلال كتابه نجح في تقديم صورة ناصعة عن واقع المواطنة الأردنية التي تمثل أنموذجاً وركيزة أساسية يقوم عليها المجتمع الأردني، مشيراً إلى التجانس الاجتماعي والديني والحالة الفريدة من الاحترام المتبادل الذي يتميز به المجتمع الأردني تحت مظلة سيادة القانون والإرث الذي بناه الأجداد من محبة وتكاتف وترابط وتلاقي القلوب وتشابك الأيدي والعمل مسيحيون ومسلمون بكل أخوة وتصميم لأجل الأردن وثقافته المتنوعة .
وأضاف، أن المواطنة ليست بالفكرة الوليدة في المجتمع الأردني بل هي حالة قانونية تجذرت منذ تأسيس الإمارة وطيلة المئوية الأولى للدولة حتى يومنا، مشيراً إلى أن هذا المبدأ خضع لتطورات دستورية وقانونية عديدة بدأت في دستور الإمارة عام 1928، مبيناً الدكتور نصراوين أن الحماية القانونية للمواطنة تعززت في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني الذي ثبّت راية المواطنة والسبّاق في المناداة بالحقوق والحريات للجميع بصرف النظر عن أي اعتبارات أو تمايزات اجتماعية أو ثقافية أو دينية.
من جانبه قال أستاذ الفلسفة بالجامعة الأمريكية في مأدبا الدكتور ربيع العايدي، إننا نقف اليوم لنطالع كتاباً قيماً مدوناً بطريقة مدروسة وبحرفية يتطرق بها الكاتب إلى الحضارة المسيحية، مشيراً إلى انسجام والتصاق الحضارة المسيحية بالحضارة والثقافة الإسلامية التي لا يمكن أن تكون تعددية بلا وجود مسيحي .
وأضاف، أن الكتاب يؤكد على ضرورة استخدام المواطنة بدلاً من مصطلحات دخيلة، مشيراً أننا أمام مرحلة ترغب فيها قوى الشر بزيادة الاحتقان في البلاد العربية مؤكداً أن هذا الاحتقان يواجه بهذا الكتاب القيّم وبالوعي والمواطنة ونشر الثقافة الصحيحة والسلم والإجراءات القانونية التي تصب في إطار المواساة والكرامة لجميع المواطنين.
وقال الأديب كايد هاشم في كلمة ألقاها نيابة عن الدكتورة هند أبو الشعر، إن الكتاب الذي ينبثق عن أطروحة دكتوراة، يعالج موضوعاً مهماً ومؤرقاً في العالم خصوصاً بعد الهجرات والأحداث التي وقعت في المنطقة خلال العقد الماضي .
وأضاف، أن الكتاب المترجم عن الإيطالية، عاد الى المراجع العربية واللاتينية والفرنسية والمؤتمرات والمقالات العلمية والإنترنت وغيرها ويبلغ عددها 1012 مرجعا الأمر الذي يشير إلى مهارة الكاتب وقيمته، موضحاً أهمية أن يكون رجل الدين على قدر كبير من الثقافة المتنوعة واللغات كما هو الأب شحاتيت الذي اختار الأردن أنموذجاً في الحديث عن المسيحية .
وقال أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة الهاشمية الدكتور جمال الشلبي، إن ما طرحه الكتاب ليس مجرد وجهة نظر بل أطروحة دكتوراه تحمل قيمة علمية كبيرة موثقة بدقة وبعمق وغنية بالمراجع التاريخية والجغرافية ومنبثقة من جامعة دينية مهمة على مستوى العالم .
وأضاف، أن الكتاب تناول الأنا والآخر وأن الوجود المسيحي هو الروح العربية وتاريخها الذي عاش بين الشدة والرخاء على امتداد قرون في عالمنا العربي، مشيراً إلى أن الأردن هي الأرض المقدسة التي تعترف بالدين كممارسة وشعائر وحريات منذ تأسيسه وهو اعتراف قادم من الأصل والفصل والجذور، مبيناً أن الكتاب قيمة علمية مضافة في مرتكزات المسيحية ومفاهيمها ومرجعياتها وفي بنية الكنسية دينياً ووظائفياً .
وبين الدكتور الشلبي أن الكتاب هو دعوة لفهم تطورات الواقع في المسيحية الحالية بالنظر للتاريخ والجغرافيا ودحض فكرة شعب الله المختار الاستعلائية وتركيزه على مفهوم الناس جميعاً، مشيراً إلى دور الهاشميين في المنطقة ورعايتهم للمسيحية منذ وثيقة المدينة التي وقعها الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة وصولاً إلى بناء الدولة الأردنية الذي التف فيه الجميع حول المحافظة عليها بغض النظر عن الدين والأصول .
وقال الكاتب الأب الدكتور بسام شحاتيت إن الكتاب كان حُلماً لكنه تحقق بالدراسة والبحثِ والتحصيل العِلمي والأكاديمي والخبرة العملية والمتابعة المستمرة التي جعلت الكاتب يستوفي موضوعاته كاملة، مشيراً إلى أن الكتاب يشكل ركيزة لبناء ثقافي إعلامي جديد يتمثل بإطلاق المركز الثقافي الإعلامي “نور الشرق”.
وأضاف، أن صدور الكتاب في خضم احتفالات المملكة بمئويتها، يمثل خطوةً إيجابيّة ومدماكاً في بناء وتطوير قوانين الأحوال الشخصيّة والثقافة القانونيّة والحقوقية والواجبات في البلاد العربيّة وتعزيز دولة القانون والمواطنة والمؤسسات.
كما وقدمت جوقة الأردن البيزنطية خلال حفل الإشهار ترنيمة ومغناة أردن أرض العزم، وقام الكاتب بتوقيع الكتاب للحاضرين