الوباء الحقيقي: البعد عن التعليم

14 نوفمبر 2020
الوباء الحقيقي: البعد عن التعليم

بقلم: أنس علي الكساسبة
يُعرف التعليم عن بُعد على انه اعطاء فرصة التعليم وتوفيرها لطلاب لا يستطيعون الوصول عليه بشرط توفر التطورالتكنولوجي و مصادر العملية التعلمية. و لكن الغريب ان وزارة التربية والتعليم أعادت تعريف التعليم عن بعد بتفرد من وزيرها على انه منصة تحتوي مجموعة من الفيديوهات المفرغة لمن يستطيع الوصول اليها من اولئك الطلبة الذين يمكلون التكنولوجيا متجاهلاً مئات الالوف من الطلبة الذين لم يستطيعوا الوصول للمنصة منذ بدء الجائحة و بحسب الرقم المعلن من الوزارة ( وهو ما يشكك به الكثيرون).
و الغريب ايضاً ان وزارة التربية والتعليم تصر على انها تمتلك تكنولوجيا التعليم عن بُعد و شهدنا بالاسبوع الماضي عرضاً للانجاز من وزير التربية والتعليم للتجربة لكل من الكورويين و الكويتيين. و المضحك المحزن ان وزارة التربية والتعليم حتى هذة اللحظة لا تعلم ان ما تقوم به هو ادارة عملية تعليم الكتروني ( منصة جامدة) و ليست تعليم عن بُعد. و الفرق ان التعليم الالكتروني هو جزء من عملية التعليم عن بُعد و ليس العكس.
لن نطلب من وزير التربية و التعليم الاطلاع على تجربة الدول الاوروبية في التعليم عن بُعد لأنهم لم يغلقوا المدارس و رفعوا شعار “المدارس اخر شيء يمكن اغلاقه”, و لكن يمكن ان نطلب من وزير التربية و التعليم ان يطلع على تجربة  التعليم عن بُعد في الامارات و هي دولة عربية لها نفس الثقافة و نفس عدد سكان في الاردن. في الامارات, أداروا عملية التعليم عن بُعد بشكل تفاعلي مباشر بين المعلم (معلم المدرسة التي يعرفه الطالب) و الطالب من خلال تكنولوجيا  “زووم” , “ميكروسوفت تيم” و منصات التعليم الالكتروني مثل “بلاك بورد” و “موودل”.
فعلى سبيل المثال من خلال بلاك بورد (Blackboard) يمكن للمعلم و الطالب التفاعل من  خلال:
–       توفير المادة التعليمية مهما كانت و اتاحتها للطلبة مكتوبة و مسموعة و مرئية.
–       في بلاك بورد, يمكن استخدام تقنية (Collaborate Ultra  ) والتي من خلالها يمكن للمعلم الظهور بجلسات حية مباشرة و يمكن تسجيلها و اتاحتها و هي خالية من التصنع و المونتاج.
–       ايضاً, يمكن للمعلم استخدام اللوح الالكتروني و الشرح بخط اليد.
–       يمكن تقسيم الطلبة الى مجموعات منفصلة لتقليل الازعاج و يمكن للمعلم التنقل بينهم و فتح الكاميرا و الميكروفون و مشاركة الملفات.
–       يمكن من خلال بلاك بورد رفع الوظائف و متابعة دخول الطلبة و اجراء الامتحانات و جميع ما يمكن طلبه لادارة التعليم عن بعد.
بعد هذا السرد, السؤال الموجه لمعالي وزير التربية والتعليم هل ما يتم في الاردن يمكن ان يرقى لتسميته “تعليم عن بُعد ” ام انها مجرد منصة (منيصصة) تحتوي على فيديوهات جامدة لا تفرق بشيء عن ما هو موجود في الكتاب. و السؤال الأهم: هل طلبتنا والاهالي يمتلكون التكنولوجيا الكافية للتعلم عن بُعد الذي لا نملكه. و هل هاتف في بيت مع 5 جيجابايت في الشهر تكفي لأسرة فيها اثنين وثلاثة أطفال. وهل الاهالي يمتلكون الوقت الكافي لادارة تعليم ابناءهم!!! اسئلة ليس لها اجابات عند وزير التربية!
واني من خلال هذا المقال أتوجه الى سيدي صاحب الجلالة الملك المعظم حفظه الله و رعاه الذين تعودنا منه التدخل في وقت تخاذل الحكومة و اجهزة الدولة كما شهدنا بالامس القريب. طلبي لجلالة الملك ان يوعز للحكومة بترتيب اوراقها واعادة فتح المدراس من بداية السنة القادمة حتى لو تطلب الامر ان يتم تقسيم الصف الواحد الى ثلاث مجموعات مع مراعاة الاحتياطات الصحية و اغلاق الشعبة التي تظهر بها اي حالة ” وليس المدرسة باكملها”.
كما اتوجه بالنداء الى سيدتي صاحبة الجلالة الملكة رانيا حفظها الله بالتدخل كونها صاحبة فضل في كثير من المبادرات في المدارس و التعليم في المملكة الاردنية الهاشمية و لها ايادي بيضاء من خلال مبادرة مدرستي و غيرها من المبادارات. ندائي لصاحبة الجلالة بالتدخل المباشر في وضع استراتيجية العودة للمدارس في اسرع وقت ممكن.
واختم مقالي هذا بتصريح لمسؤول بمنظمة الصحة العاليمة “على انه يجب الابقاء على المدارس مفتوحة و لا يمكن ان نسمح بوجود جيل ضائع بسبب فيروس كورونا”  و في موضع اخر ” ان الوباء الحقيقي هو بعد الطلبة عن مدارسهم”.

/ دكتوراة علم حاسوب