وطنا اليوم – ديمة الفاعوري – كما جرت العادة، وفي ظل البروتوكولات المتعارف عليها، وبعد ان تصدر الارداة الملكية السامية، يلتئم مجلس النواب التاسع عشر في دورته الاولى، وفي المحطة الاولى من محطات المجلس، يستمع المجلس الى خطاب العرش الذي يلقيه جلالة الملك عبدالله الثاني، في مستهل اعمال المجلس، ليصار بعدها الى بدء عمل المجلس بانتخاب لجنة للرد على خطاب العرش السامي.
ان خطابات العرش هي خطابات رسمية يُفوَّض جلالة الملك بإلقائها بموجب الدستور، في افتتاح الدورات العادية لمجلس الأمة. وفيها يستعرض جلالته السياسات الوطنية ومرتكزات القضايا الحيوية الهامة في المنطقة. كما تتطرق خطابات العرش إلى خطط التنمية والسياسات المحلية، داعية إلى التعاون بين جميع الأجهزة والسلطات الحكومية لتحقيق أهداف وطنية محددة، بما في ذلك، على سبيل المثال، المشاركة السياسية الموسعة.
يلي انتخاب لجنة الرد على العرش المباشرة في انتخاب رئيس المجلس والمكتب التنفيذي الذي يضم نائبين ومساعدين للرئيس، ومن ثم يبدأ المجلس اعماله التي جاء من اجلها.
ولكنن ما هي الاستحقاقات التي سيواجهها المجلس الجديد؟
يلزم الدستور حكومة الدكتور بشر الخصاونة بتقديم بيانها الوزاري للمجلس الجديد، وطلب الثقة عليه خلال شهر من تاريخ اجتماع المجلس الجديد، حسب الفقرة 5 من المادة 53 من الدستور. وهذا اول استحقاق او لنقل اول امتحان للمجلس الجديد.
الاستحقاق الثاني والذي يتوقع ان يكون هو مناقشة مشروعا قانوني الموازنة العامة وموازنة الوحدات الحكومية المستقلة للسنة المالية 2021، وهي اولى المواجهات بين الحكومة ومجلس النواب، في ظل تحديات اقتصادية غير مسبوقة بسبب جائحة كورونا، رفعت عجز الموازنة من 2ر1 مليار دينار الى ما حوالي 5ر2 مليار.
وينتظر المجلس استحقاق آخر يتمثل في اقرار قانون الإدارة المحلية، بخاصة وأن العمر الزمني للمجالس البلدية ومجالس المحافظات التي انتخبت العام 2017 سينتهي العام المقبل، مع الحاجة لإجراء انتخابات جديدة وفق قانون الإدارة المحلية الذي يفترض ان يحل محل قانوني البلديات واللامركزية وبما يتوافق مع التعديل الذي جرى على وزارة البلديات التي اصبح اسمها وزارة الادارة المحلية.
المجلس الجديد وفي ظل الحاجة الماسة الى اقرار قانون انتخاب جديد، سيكون عليه ان يباشر في اعداد القانون او السير في مناقشة قانون تقدمه الحكومة، وفي ضوء ذلك فان المجلس ايضاً سيواجه الشارع الاردني من جديد من خلال قانون الانتخاب الذي يجب ان يأتي مغايراً للقانون المجحف الذ انتخب على اساسه المجلس الجديد.
الكثير من الاستحقاقات التي تنتظر النواب الجددن والكثير من التشريعات التي ستظهر مدى قوة او ضعف هذا المجلس، والكثير من القوانين التي هي بحاجة ماسة لاعادة النظر فيها وتعديلها، خصوصاً وان الرأي العام في هذه المرة لن يرحم وسيكون بالمرصاد لكل خطوة يخطوها المجلس.
ومن المتعارف عليه هو ان هناك عقدة عامة نيابية وحزبية ونقابية وشعبية، وستضع النواب في مواجهة خيارات صعبة وقاسية ربما تؤدي للإطاحة بالمجلس وحله، في حال ان الامور بين السلطتين وصلت لطرق مسدودة، وخيار الإطاحة بالمجلس يعني بالضرورة الإطاحة بالحكومة ايضان وهذا امر سابق لاوانه لا نريد الخوض فيه، لاننا لم نعرف بعد ما الذي يمكن للمجلس فعله.
المجلس النيابي الجديد مطالب بايجاد حلول كثيرة للعديد من القضايا التي تهم المواطن، ولكن السؤال هو هل لا زالت برامج النواب التي انتخبوا على اساسها صالحة، ام انها تعطلت بمجرد ان تم انتخابهم.
كورونا وتشعباتها ستلقي بظلالها على المجلس، والفقر والجوع والتهميش، والبطالة كلها قضايا لم تستطع المجالس الابقة ايجاد حلول لها، فهل يستطيع هذ المجلس ان يركب موجتها.
الكثير من التحليلات هنا وهناك تؤكد ان المجلس النيابي لا يملك عصا سحرية، وانه بحاجة وضرورة قصورة لالية تشاركية مع السلطة التنفيذية، من اجل ايجاد الحلول الممكنة لتلك المعضلات التي تواجه المجتمع.
عمليا، مجلس النواب تحت الضغط، وسواد الأعضاء يعرفون يقينا انهم جاؤوا بعد مخاض عسير، وانهم معنيين بالحركة باتجاه السير وليس عكسه ولذا فإن الأيام المقبلة حبلى بالمثير من الخيارات والتسريبات والحلول التوافقية.