وطنا اليوم:تنتقل القطة “فتوشة” من قطة تصارع حتفها بجانب مكب نفايات في شوارع العاصمة عمان, إلى قطة مرفهة تبدو علامات الصحة على جسدها المكتنز وشعرها النظيف وهي تجلس مرتاحة على وسادتها الناعمة بعد أن تناولت وجبة دسمة ونظيفة أعدتها لها منقذتها.
“فتوشة” كانت واحدة من بين 28 قطة أنقذها الزوجان عدي وهبة أبو حديد من التشرد، أو تم احتضانها لتعيش خلال أشهر.
إنقاذ القطة “فتوشة” كان ملهمًا للشريكين لافتتاح فندق للقطط في الأردن أغسطس الماضي لإيواء المنقذة منها والأخرى التي لا يستطيع أصحابها العناية بها لفترة معينة بسبب السفر أو الانشغال مقابل أجر يومي يبلغ 7 دولارات.
يقع فندق “ماو” شمالي العاصمة عمان في منطقة بدر الجديدة، ويتسع لـ 16 قطًا, حيث تحصل فيه القطط على خدمات فندقية كاملة الطعام والشراب والمبيت واللعب والرعاية الصحية.
وليس هذا فقط, فالفندق بحسب عدي أبو حديد “يقدم خدمة نقل القطة من منزل أصحابها إلى الفندق وبالعكس بعد التواصل معهم من خلال صفحتهم على تطبيق فيسبوك أو تطبيق انستجرام Mau Arabian Cats”.
ويقول: “أصبحنا قادرين أنا وزوجتي هبة بعد التردد لفترة طويلة على الأطباء البيطريين والقراءة المستمرة عن التعامل مع القطط وإنقاذها واللجوء للعيادة البيطرية، هي قطط لا تمتلك طريقة للتعبير عن الألم والتعب غير أصواتها، انقذنا أنواع مختلفة منها المحلية والانجورا والشيرازي والراشن بلو”.
“لدينا ما يقارب 28 قطة، تم إنقاذها بينما لدينا غرف فندقية مستقلة تتسع لـ16 قطا، مخصصة للضيوف”.
ماذا يقدم الفندق من خدمات؟
بسبعة دولارات لليلة الواحدة تستطيع تأمين قطك في هذا الفندق لينعم بغرفة وبخدمات ممتازة شريطة حصوله على مطاعيمه الخاصة للحفاظ على بيئة آمنة وصحية لبقية القطط.
من خلال جولة في الفندق الواسع ترى غرفة تتوزع فيها مجموعة من الخزائن المقسمة والمفتوحة التي تمثل غرفًا للقطط, بالإضافة لاتساع الغرفة للعب فتتحرك فيها القطط التي تنعم بصحة جيدة وتقفز في كل الزوايا وتجلس على الشبابيك والأرائك والأدراج.
عدي ابو حديد، يقول: “المكان عادة ما ينال إعجاب مرتاديه معلقين أنا بقدر أنام بهذا المكان مش البسة في اشارة الى خدمات الخمس نجوم التي تتلقاها القطط”.
ويرتاد الفندق طبقات اجتماعية مختلفة بين المتوسطة والغنية، ويجد بعض الزبائن في الفندق ملجأ لهم لترك قططهم في ايدي امينة عند سفرهم إلى الخارج او لمن يريد أن يمنح قطته قسطا من الرفاهية كي تشارك اللعب مع قطط اخرى.
ربى، إحدى السيدات التي وضعت قطتها التي أنقذتها من الشارع- في أمانة الشريكين, أثنت على الخدمات المقدمة والمعاملة اللطيفة والرحيمة التي تتلقاها القطط في الفندق، بعد أن تعرفت على هبة منذ زمن من خلال أحد مجموعات الفيس بوك المهتمة بالقطط ورعايتها وإنقاذها. “ووجود مكان نظيف وأشخاص يمتلكون الخبرة والمهارة للتعامل مع القطط يطمئنني ويجعلني أنصح مالكي القطط الآخرين باللجوء للمكان عند الحاجة”. كما تقول
لكن في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية للاردنيين، وصعوبتها بعد جائحة كورونا، وفقدان الكثير من الأفراد لوظائفهم يرى البعض أن فندق القطط نوعًا من الترف والخدمة الفائضة عن الحاجة, فيعتقد الشاب ليث داود أحد مربي القطط أن فكرة الفندق غير ضرورية قائلًا: “طول عمرنا ومن لما وعينا على الدنيا والقطط عايشات في الشارع, لا داعي للفندق؟”.
لينا المومني التي تعتني بقطها منذ سنتين فتقول: “القطط بحاجة لمثل هذه الأماكن, لكنها قد لا تناسب الوضع الاقتصادي لكثير من مربي القطط, فأفضل الاستعاضة عن الفندق بطريقة أخرى عند اضطراري لترك المنزل بأن أؤمن أحد أفراد العائلة أو إحدى صديقاتي المقربات على قطي”.
وهنا تخالفهم لمى الحموري الرأي, وترى “أنه من المريح والمطمئن أن تستطيع ترك قطها في فندق مخصص لخدمته في فترة غيابها دون خوفها من حدوث أي مكروه له”.
لكن أبو عدي حديد يرى أن على من يربي حيوانًا أليفًا تحمل مسؤوليته وتأمين احتياجاته, “زبائن ماو على اختلاف أوضاعهم المادية لا يضعون قططهم في الفندق ترفيهًا لها, وإنما لحمايتها في فترة غيابهم عنها وعن منازلهم دون القدرة على تأمين رعاية لهذه الحيوانات”.
“الاهتمام بهم مسؤولية مجتمعية يتقاسمها كل الأفراد في المجتمع على اختلاف ثقافاتهم ومستوياتهم وأنماطهم المعيشية للحفاظ على التوازن الحيوي الذي يشكل أساس هذا الكون”.
وقد يتبادر إلى ذهنك أن تسمية المكان جاءت نسبة لصوت المواء الذي تصدره القطط, إلا أنها مأخوذة من اسم فصيلة القطط العربية وهي فصيلة الماو التي تعود في أصولها إلى الحضارة المصرية وتعد أذكى أنواع القطط وأكثرها مرحًا.
يسعى الزوجان هبة وعدي لتطوير الفندق بالرغم من الصعوبات المادية، ويأمل الزوجان قديم توعية مجتمعية للاهتمام بالحيوانات الأليفة بشكل أفضل, كما يعملان على تخصيص جزء من الدخل الخاص بالفندق لجمعيات إنقاذ الحيوان, وإنتاج كل ما تحتاجه القطط من مستلزمات باسم مشروعهم “ماو”.