وطنا اليوم:هل تنتهي الانتخابات بالفوضى؟ سؤال ما زال يتردد في الولايات المتحدة حتى الآن وسيظل يتردد حتى 20 يناير/كانون الثاني على الأقل، فما الذي ينتظره الأمريكيون والعالم فيما تبقى من فترة رئاسة دونالد ترامب الرافض الاعتراف بالهزيمة؟
تواريخ هامة على طريق الحسم
أعلنت وسائل الإعلام الكبرى في الولايات المتحدة فوز جو بايدن الذي أصبح يلقب بالرئيس المنتخب، لكن الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب رفض الاعتراف بالهزيمة وأعلن اللجوء للقضاء لإثبات فوزه، فمتى تنتهي المعركة القضائية ويصبح جو بايدن أو دونالد ترامب الرئيس بشكل رسمي؟
بداية لابد من الإشارة لنظام الانتخابات في الولايات المتحدة حيث يختار الناخبون من يمثلون الولاية في المجمع الانتخابي وذلك يوم الانتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما حدث بالفعل، ويكون ممثلو كل ولاية ملزمين بالإدلاء بأصوات الولاية طبقاً لنتيجة التصويت الشعبي، وبالتالي فإن المجمع الانتخابي يصوت رسمياً بعد الانتهاء من فرز الأصوات بشكل كامل وإعلان النتيجة رسمياً في جميع الولايات.
يوم 8 ديسمبر/كانون الأول: هذا هو الموعد النهائي للانتهاء من حسم الدعاوى القضائية المتعلقة بالانتخابات في كل ولاية، أي هو اليوم الذي تنتهي فيه عمليات إعادة الفرز أو أي منازعات قضائية أخرى، إن وُجدت. وفي هذه الانتخابات، أعلن ترامب أنه سيرفع دعاوى قضائية في جميع الولايات التي فاز بها جو بايدن بعد يوم 3 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لكن ما المؤكد أن هناك دعاوى بالفعل تم رفعها من جانب فريق ترامب القانوني في بنسلفانيا وميشيغان وجورجيا.
14 ديسمبر/كانون الأول: تتم عملية التصويت من جانب ممثلي كل ولاية من خلال بطاقات اقتراع ورقية وتتم العملية في مبنى برلمان كل ولاية، ويلتزم المندوبون بنتائج التصويت الشعبي بمعنى أن المرشح الذي يحصل على غالبية أصوات الولاية (ولو بفارق صوت واحد) يحصل على جميع أصوات الولاية في المجمع الانتخابي. لكن ولايتي مين ووايومينغ فقط توزعان أصواتهما بين المرشحين للرئاسة بحسب نسبة الأصوات التي يحصل عليها كل مرشح فمن يحصل على 25% من أصوات الناخبين يحصل على صوت واحد من الأربعة المخصصة لولاية مين في المجمع، ولولاية وايومينغ 3 أصوات فقط في المجمع.
دونالد ترامب
23 ديسمبر/كانون الأول: وبعد أن تتم عملية التصويت، وعد الأصوات في كل ولاية يقوم المندوبون بالتوقيع على 6 شهادات توثق التصويت يتم إرسالها عبر البريد المسجل للمسؤولين في الولاية ولرئيس مجلس الشيوخ (حالياً هو مايك بنس نائب دونالد ترامب)، ولابد أن تصل تلك البطاقات يوم 23 ديسمبر على الأقصى.
يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021: تنعقد جلسة مشتركة للكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ ويتم فتح مظاريف التصويت واحتساب النتائج، وفي حالة حصول مرشح على 270 صوتاً أو أكثر من المجمع الانتخابي (538) يقوم رئيس مجلس الشيوخ بإعلان الرئيس ونائبه الفائزين بالانتخابات، وبالطبع من الواضح أن جو بايدن حصل بالفعل على أعلى من النسبة المطلوبة من أصوات المجمع الانتخابي.
يوم 20 يناير/كانون الثاني 2021: يبدأ هذا اليوم بوصول الرئيس المنتخب إلى البيت الأبيض، حيث يكون الرئيس المنتهية ولايته في استقباله، ثم يتوجهان معاً إلى حفل التنصيب الذي عادة ما يحضره جميع الرؤساء السابقين الذين ما زالوا على قيد الحياة، حيث يدلي الرئيس المنتخب بالقسم ثم يوجه كلمة للأمة إيذانا ببدء فترة رئاسته.
ما هو الموقف الآن؟
اليوم الإثنين 9 نوفمبر/تشرين الثاني – بعد 6 أيام من يوم الانتخاب – فاز جو بايدن بـ294 صوتاً في المجمع الانتخابي مقابل 214 فقط لدونالد ترامب، وما زالت عملية الفرز في ولايتي نيفادا (6 أصوات) وجورجيا (16 صوتاً) ونورث كارولينا (15 صوتاً) لم تصل بعد للنقطة التي يتم فيها حسمها من جانب المراقبين ووسائل الإعلام لصالح أي منهما، مع تقدم بايدن في نيفادا وجورجيا وتقدم ترامب في نورث كارولينا.
أي أن الأمور تبدو محسومة بالفعل، لكن ترامب ما زال مصراً ليس فقط على عدم الاعتراف بالهزيمة ومواصلة التقاضي وصولاً إلى المحكمة العليا، لكن ربما يكون الأخطر هو الرسالة التي يواصل التأكيد عليها وهي أن “الانتخابات مزورة” وأنه أي ترامب هو الفائز فيها.
ومن جانبه، وجه جو بايدن بصفته الرئيس المنتخب خطاباً ركز على ضرورة التوحد كأمريكيين واحترام نتائج الانتخابات، لكن حالة الاستقطاب الحادة التي تشهدها الولايات المتحدة ووجود متظاهرين من الجانبين في شوارع كثير من الولايات، خصوصاً بنسلفانيا وجورجيا وأريزونا، كثير منهم يحمل السلاح يجعل الأمور متوترة والسيناريوهات جميعها فوق الطاولة، بحسب التعبير الأمريكي.
ولا يزال كثير من أنصار الرئيس ترامب يؤمنون بأنه قادر على الفوز في نهاية المطاف والبقاء في البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية، رغم إعلان فوز جو بايدن بالفعل، بحسب تقرير لشبكة CNN، وفي ظل التقارب الواضح بينهما في السباق وإصرار ترامب على تأكيد رسالة “التزوير”، لا أحد يمكنه توقع رد فعل اليمينيين المتطرفين من أنصار الرئيس الجمهوري.
هل سيناريو الفوضى قائم؟
“هل تنتهي معركة ترامب وبايدن بالفوضى؟”.. هذا عنوان تقرير لمجلة The National Interest رصد سيناريوهات الفترة المتبقية من ولاية ترامب وصولاً إلى يوم تنصيب الرئيس الجديد أي ظهيرة يوم 20 يناير/كانون الثاني 2021، في ظل الانقسام الحاد الذي تشهده البلاد خلال أشرس انتخابات رئاسية في التاريخ الحديث وأكثرها جذبا للناخبين، فقد أدلى نحو 160 مليون أمريكي بأصواتهم هذه المرة بنسبة تخطت 66.6% وهي النسبة الأعلى منذ 120 عاماً.
ويرصد التقرير حالة الانقسام الحاد الذي تشهده البلاد ثقافياً وسياسياً وانعكاس ذلك على التصويت الحالي المنقسم بصورة واضحة بين فريق ترامب المقتنع بأن الفريق الآخر فاسد وشيوعي ويريد تغيير هوية أمريكا الرأسمالية، وفريق بايدن المقتنع بأن الفريق الآخر عنصري وفاشي وغير أمريكي، وبنظرة على إجمالي التصويت الشعبي يتضح مدى التقارب عددياً بين الفريقين، حيث صوّت لبايدن أكثر من 74 مليون ناخب حتى الآن مقابل أكثر من 70 مليوناً صوّتوا لترامب.
لكن ذلك لا يعني أن الأمور بالقطع ستخرج عن السيطرة في الشارع، حيث يرى كثير من المراقبين أن فرصة ترامب في إطالة أمد المعركة القانونية تعد ضعيفة، في ظل التقدم الواضح لجو بايدن في صناديق الاقتراع والذي على الأرجح سيمنحه أكثر من 300 صوت في المجمع الانتخابي في نهاية المطاف، فهو حالياً لديه 294 ويتقدم الفرز في نيفادا (6 أصوات) وجورجيا (16 صوتاً)، ما يعني أنه قد يصل إلى 316 صوتاً في نهاية المطاف.
النقطة الأخرى تتعلق بعدم وجود مؤشرات على حدوث خروقات أو انتهاكات انتخابية ضخمة يمكن أن تؤدي إلى تغيير النتيجة في أي من الولايات المتنازع عليها – من وجهة نظر ترامب – حيث تتركز الشكاوى على عدم وجود مراقبين من حملته في بعض مراكز الفرز أو طلب استبعاد بطاقات اقتراع وصلت بعد يوم الانتخاب أي 3 نوفمبر/تشرين الثاني وهي لا تمثل هامشاً يسمح بتعديل النتيجة حال استبعادها، بحسب مراقبين للنتائج.
ففي ولاية جورجيا، على سبيل المثال، يتقدم بايدن بعد فرز 99% من الأصوات بأكثر من 10 آلاف صوت، وليس من المرجح أن تؤدي عملية إعادة الفرز إلى تغيير الفائز، بحسب تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية رصد 31 حالة فقط تمت فيها إعادة الفرز في البلاد خلال العقدين الأخيرين، منها 3 حالات فقط (الحديث هنا عن 5778 انتخاباً على مستوى البلاد خلال 20 عاماً وليس فقط الانتخابات الرئاسية)، تغيرت فيها النتيجة، ولكن حتى في تلك الحالات كان فارق الأصوات بين الفائز والخاسر بين 200 و400 صوت، لكن بايدن يتقدم بأكثر من 10 آلاف صوت.
وفي ولاية أريزونا، حيث يتقدم بايدن بأكثر من 18 ألف صوت، قالت حملة ترامب، السبت 7 نوفمبر، إنهم رفعوا قضية يزعمون فيها أن إدارة الانتخابات في مقاطعة ماريكوبا رفضت أصواتاً لبعض الناخبين، واعتمدت حيثيات الدعوى في المحكمة العليا للولاية على شهادات بعض الناخبين الذين زعموا أن مسؤولي الانتخابات طلبوا منهم الضغط على أحد مفاتيح ماكينة التصويت بعد الإدلاء بصوتهم بالفعل.
وبحسب خبراء القانون، تعتبر فرصة ترامب ضئيلة في أن تؤدي القضايا التي رفعها بالفعل أو تلك التي يقول إنه سيرفعها إلى تغيير نتائج الانتخابات في أريزونا وجورجيا وميشيغان وبنسلفانيا وغيرها دفعة واحدة، والحديث عن تكرار سيناريو 2000 بين جورج بوش وآل غور لا يحمل أي قواعد يمكن البناء عليها فالاختلافات بين الانتخابات وقتها والآن كثيرة ويستحيل عملياً أن يتكرر نفس السيناريو.