وطنا اليوم:أظهر مقطع فيديو مجهري لفيروس كورونا اللحظات الأولى لاختراقه جدار خلية وتكاثره، حيث يتسلل الفيروس بحذر ويستعد للانقضاض على فريسته واختراق درعها، وحالما يتمكن من الدخول، يجبر مضيفته على إنتاج المزيد من الدخلاء، ثم يفجرها لينطلق عدد كبير من الغزاة الذين يواصلون عدوانهم على نطاق أوسع.
هذا المشهد الدرامي، سجله مقطع فيديو مجهري لفيروس كورونا وهو يصيب خلايا دماغ الخفافيش، ويعطينا نظرة عن الطريقة التي يُحول بها الفيروس الخلايا إلى مصانع لإنتاج الفيروسات قبل أن يقضي على الخلايا المضيفة.
أنتجت هذا المقطع صوفي ماري أيشر ودلفين بلاناس، عالمتا الفيروسات في معهد باستير في باريس، وقد حاز مقطعهما على إشادة مميزة في مسابقة مقاطع فيديو مجهرية برعاية شركة التصوير نيكون، ونشرته صحيفة The New York Times الأمريكية الإثنين 23 أغسطس/آب 2021.
يُظهر المقطع، الذي استغرق تصويره 48 ساعة وسجل صورة كل 10 دقائق، فيروس كورونا على شكل بقع حمراء تنتشر بين كتلة من البقع الرمادية، التي هي خلايا دماغ الخفاش.
بعد أن تصاب هذه الخلايا بالفيروس، تبدأ في الاندماج مع الخلايا المجاورة. وفي مرحلة ما، تنفجر الكتلة بأكملها، وتموت الخلايا.
تقول ماري، المتخصصة في الأمراض الحيوانية المنشأ، إن هذا الكيان المُعدي هو نفسه في الخفافيش والبشر، مع فارق واحد مهم: أن الخفافيش لا تمرض في النهاية.
أما في البشر، فبإمكان فيروس كورونا تفادي انكشافها والتسبب في مزيد من الضرر جزئياً عن طريق منع الخلايا المصابة من تنبيه جهاز المناعة إلى وجود الغزاة. لكن قوتها الخاصة تكمن في قدرتها على إجبار الخلايا المضيفة على الاندماج مع الخلايا المجاورة، وهي عملية تُعرف باسم الدمج الخلوي وتحول دون كشف فيروس كورونا أثناء تكاثره.
تقول ماري: “في كل مرة يضطر فيها الفيروس إلى الخروج من الخلية، يكون عرضة لخطر الانكشاف، ولذا إذا أصبح بإمكانه الانتقال من خلية إلى أخرى مباشرة، فيمكنه العمل بشكل أسرع”.
وقالت إنها تأمل أن يساعد المقطع في إزالة الغموض عن الفيروس، وتسهيل فهم وتقدير هذا العدو المخادع الذي قلب حياة مليارات البشر رأساً على عقب.