سياسيون: لدى الأردن ميزات وإمكانات تمكنه من لعب دور محوري في الصراع العربي ‏الإسرائيلي

13 يوليو 2021
سياسيون: لدى الأردن ميزات وإمكانات تمكنه من لعب دور محوري في الصراع العربي ‏الإسرائيلي

وطنا اليوم – خلال ندوة لمركز دراسات الشرق الأوسط ‏في عمان، أكد المتحدثون في الندوة التي أقامها مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، اليوم الثلاثاء، بعنوان “دور ‏الأردن في القضية الفلسطينية ما بعد معركة “سيف القدس”، على أهمية تنويع الخيارات في ‏العلاقة الأردنية مع القوى الفلسطينية والقوى الدولية، بما يعزز من دور الأردن تجاه القضية ‏الفلسطينية ويحقق المصالح الأردنية العليا، لا سيما في ظل ما تشهده القضية الفلسطينية من ‏تطورات لصالحها بعد معركة سيف القدس، إضافة إلى التغييرات في الحكومة الإسرائيلية ‏واستمرار سياسات الاستيطان والتهويد.‏

وأشار المتحدثون في الندوة التي أدارها رئيس المركز جواد الحمد، وشارك فيها شخصيات السياسية وأكاديمية، إلى ضرورة استثمار التغييرات في توجهات الرأي العام ‏الأمريكي لصالح القضية الفلسطينية، ولما تمثله القضية الفلسطينية من ملف سياسي وطني ‏داخلي بالنسبة للأردن، وما يمثله قيام الدولة الفلسطينية من مصلحة وطنية أردنية، وموقف ‏الأردن الثابت في رفض سياسات الاستيطان وقضم الأراضي والتهجير وهدم المنازل، وأي ‏حلول مستقبلية على حسابه، مؤكدين على ضرورة استثمار الأردن لقوة الجبهة الداخلية ‏وتماسكها تجاه القضية الفلسطينية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.‏

طبيعة الدور والتحديات

وفي المحور الأول للندوة، ناقش المتحدثون “طبيعة الدور الأردني القائم قبل المعركة ‏والتحديات التي تواجهه”، حيث أكد الوزير الأسبق الدكتور أمين مشاقبة أن تراجع ‏العلاقات الأردنية- الإسرائيلية، يعود إلى سيطرة اليمين المتطرف على مفاصل الحكم في “‏إسرائيل”، وتحديداً الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو والنزعة، إضافة إلى أن سياسات الإدارة الأمريكية ‏السابقة بقيادة دونالد ترمب أثرت سلباً على تراجع الدور الأردني وقوة تأثيره. ‏

ولفت مشاقبة إلى أن معركة “سيف القدس” منحت الأردن قوة في الوقوف ضد ‏المخططات الإسرائيلية، وبأن قيمة الدور الأردني سوف تزداد كلما كانت الحكومة الإسرائيلية ‏أكثر عقلانية، مشدداً على ضرورة إعادة التنسيق مع الأطراف الفلسطينية وخصوصاً حركة المقاومة الإسلامية ‏‏”حماس”، وذلك دون مزاحمة مصر على دورها في القضية والقطاع.‏

تعزيز الدور الأردني

وحول الأبعاد (السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية) لانعكاسات المعركة على ‏الدور الأردني أشار أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في ‏ورقته إلى أن معركة سيف القدس كان لها انعكاسات على كافة الأطراف ذات الصلة، بما في ‏ذلك تعزيز الدور الأردني القائم في ظل تمتعه بواقع استراتيجي غير قابل للتجاوز، والمساهمة ‏في تعزيز الوحدة الوطنية الأردنية وإحياء الذاكرة الجمعية، خصوصاً لدى الشباب، فيما لم ‏يشكل هذا التصعيد أي تهديد أمني للأردن، بل فتح فرصاً جديدةً له، إضافة لتأكيد دور الأردن ‏كحاضنة اجتماعية واقتصادية لدعم وصمود الشعب الفلسطيني.‏

فرص الدور الأردني

وحول “الفرص أمام الدور الأردني وملامحه” أوضح النائب السابق جميل النمري أن ‏الأردن قد عانى قبل المواجهة الأخيرة من اشكالات معقدة في علاقته بالقضية الفلسطينية، ‏حيث كلما ارتفع التوتر والمواجهات في الداخل ارتفع التوتر في الداخل الاردني، كما عانى من ‏تنكر كيان الاحتلال لشروط الحل الشامل والعادل للقضية الفلسطينية الذي ينعكس بشكل ‏مباشر على الأمن الوطني الأردني والاستقرار، خاصة بوجود مشروع الوطن البديل ومشاريع ‏اليمين الاسرائيلي المتطرفة لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن.‏

واعتبر النمري أن المعادلات تغيرت في ظل السياق الذي جاءت فيه معركة سيف ‏القدس، حيث وفرت بيئة ممتازة لانقلاب الموقف لصالح الاردن وسياساته على جميع ‏المستويات، بتنامي الوعي الشعبي والسياسي بأن الاحتلال الاسرائيلي هو العائق الوحيد أمام ‏الوصول الى حل سياسي، وتنامي الثقة بإرادة الشعب الفلسطيني بالصمود على ارضه، إضافة ‏إلى اتحاد الموقف الرسمي والشعبي في مواجهة صفقة القرن وظهور الاردن بموقف قوي رغم ‏شح الإمكانات مقارنة بمواقف دول عربية اخرى هرولت للتطبيع المجاني مما عزز منسوب ‏الثقة بين الجانبين الاردني والفلسطيني شعبيا ورسميا.

كما أشار إلى ما حققته حركة “حماس” ‏من إنجاز ميداني وشعبي انتصارا للقدس ودحضت كل الروايات عن الاستقلال بإمارة غزة، ‏حيث أكد النمري ضرورة إعادة العلاقات مع “حماس” على قاعدة القواسم المشتركة في القضية ‏الفلسطينية، وإعادة ترسيم العلاقة مع السلطة الفلسطينية على قاعدة التشاور والتنسيق، وقطع ‏الطريق أي استغلال اقليمي للقضية الفلسطينية، واعادة بناء استراتيجية عربية متوافقة لدعم ‏القضية الفلسطينية، مع استثمار التغير الادارة الامريكية لصالح القضية.‏

ملامح الدور الجديد

من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي عاطف الجولاني في مناقشته “ملامح الدور الجديد ‏ومتطلبات نجاحه” على أنه في حال اختار الأردن اغتنام الفرص والمساحات التي أتاحتها ‏معركة سيف القدس، فإن من أبرز الملامح المتوقعة للدور الأردني الجديد في القضية ‏الفلسطينية على المستوى الرسمي في المرحلة الجديدة هي فتح علاقات أردنية أكثر توازناً ‏وانفتاحا مع مختلف القوى والأطر المؤثرة في الساحة الفلسطينية، ودور مستمر وفاعل في ‏رعاية المقدسات في مدينة القدس وفي حمايتها والإشراف عليها بما ينسجم مع الوصاية ‏الأردنية على المقدسات.‏

وعلى المستوى الشعبي، أكد الجولاني ضرورة وجود جهد شعبي منسٌق ومهدّف لتفعيل ‏جهود دعم حق العودة، وتشكيل ضغط مهم في ملف عودة اللاجئين إلى أرضهم، مشيراً إلى ‏أن نجاح الدور الأردني الجديد المنشود في القضية الفلسطينية يتطلّب عدة شروط مهمة من ‏أبرزها حسم الأمر واتخاذ قرار استراتيجي أردنياً بلعب دور أكثر فاعلية وتأثيراً في القضية ‏الفلسطينية، واعتماد مقاربة جديدة في العلاقة مع أطراف الساحة الفلسطينية، تقوم على أساس ‏وقوف الجانب الرسمي على مسافة واحدة منها، واستثمار التغير في الحكومة الإسرائيلية، ‏وإقناع الإدارة الأمريكية الجديدة بضرورة لعب الأردن دوراً أكثر نشاطاً وحيوية في الملف ‏الفلسطيني، إضافة إلى إسناد أوروبي لذلك.‏

جبهة داخلية داعمة

وفي حديثه حول “دور الجبهة الأردنية الداخلية في إحداث قفزة نوعية في دور الأردن في ‏القضية الفلسطينية”، أشار الكاتب والمحلل السياسي عبد الله المجالي إلى ما يشكله التاريخ ‏المشترك والتضحيات التي قدمها الأردنيون في فلسطين، وأواصر الوحدة بين الشعبين الأردني ‏والفلسطيني، إضافة إلى قداسة القضية الفلسطينية، من روافع للجبهة الداخلية الأردنية، معتبراً ‏أن الهبة الشعبية الواسعة خلال أحداث القدس ومعركة سيف القدس، وانخراط كافة مكونات ‏الشعب الأردني فيها، أظهرت مدى تماسك الجبهة الداخلية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ‏إضافة إلى انسجام الجانب الرسمي والتناغم مع الرأي العام والمواقف الشعبية، رغم التباين ‏بينهما في ملفين رئيسيين في آلية التعاطي مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والاعتراف بها ‏والتطبيع معها، وفي طريقة التخلص من الاحتلال. ‏

وأكد المجالي، أنه في ظل تماسك الجبهة الداخلية وتوافر ظرف دولي ورأي عام ‏عالمي يمكن أن يشكل ذلك رافعة كبرى لصانع القرار الأردني مما يتيح له استعادة دوره الحيوي ‏في الملف الفلسطيني، كما أن هناك فرصة متاحة لممارسة أقصى الضغوط على الاحتلال ‏الإسرائيلي لإيقاف تغوله في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، وتكريس دوره في الوصاية ‏على المقدسات في القدس، مع ضرورة البحث في خيارات متنوعة للتعامل مع الاحتلال بما في ‏ذلك خيار فشل تطبيق حل الدولتين بفعل السياسات الإسرائيلية.‏