هل تحبون الملكة؟

18 أبريل 2021
هل تحبون الملكة؟

بقلم : فلحة بريزات

فاجأتني مدرسة أمريكية بسؤال اخترق فضاء الصف الذي الحقت به؛ لإتقان لغة العم سام ( هل تحبون الملكة نور في بلدكم)؟.
كان ذلك أول الوعي، وأول الصدمات السياسية، وأول المكاشفة، وأول الزهر..كان ذلك منتصف تسعينيات القرن الماضي، حين كان العمر ربيعياً، ويحمل في ثناياه مشروعية الأحلام وبساطتها.
دوت إجابتي بلكنتها الأردنية المعتقة، وبملامحها البدوية في فضاء الصف، منسجمة مع القناعة الأردنية آنذاك، إذ كانت (نحن نحب ما يحبه مليكنا))
لم أتوقف عند السؤال كثيراً، وقد اخبرت شقيقي (موسى) الذي كان استاذاً زائراً في معهد بروكنز في واشنطن وكنت بضيافته، بتفاصيل الحوار.
في الحقيقة، لا أعلم دواعي السؤال وبواطنه، لكني أعلم يقيناً كيف أجيب عن أسئلتهم.
لا أدري إذا كان مخيال السيدة التي تستبقي سنين عمرها الحياة كان وليد اللحظة، أو جاء من باب تعزيز قناعة أجهل نوازعها، فالمهم بالنسبة لي عند وطأة السؤال، هو تقديم إجابة بدرجة ممتاز.
والأهم كان تصدير جوابٍ يحمل دلالات تبرزعمق علاقة الشعب مع قيادته ليس فقط للمدرسة، إنما للدارسين الذين اختلفت مشاربهم وتنافرت مآربهم، وقد هاجر بعضهم تاركاً وطناً اثخنته الجراح وويلات الحرب بفضل زندقة حكامه..
كان يقنيني أن الجواب مدججاً بنرجسية وطنية، فنحن شعب أودعنا الله محبة (الحسين) رحمه الله الذي كان الأردن قبلته، والشعب بوصلته، والعدالة عنوان مسيرته.
اليوم ومن باب الافتراض، استحضرت هذه الحادثة، فالذاكرة تُنعش القديم عندما يضيع الواقع بخطاب صاغه من تبرعم نفاقه في تربة مصالحه، ليحملوا إلينا بعضاً من الحقائق، وكثيراً من السراب.
ماذا لو قصدني السؤال ذاته مرة ثانية، فكيف هو حال الإجابة ولونها ؟!.
بالضرورة لن تكون الإجابة ذاتها أوتدور في فلكها، ولهذا القول مبرراته وسياقاته، فالوعي أصبح متقدماً بعض الشيء، والقناعات تجاوزت العناوين المعلبة خاصة في ظل سلسلة اختناقات متوالية أوجدتها سياسات عامة لشخوص ساهمت في تمزيق البلاد وحًملت ملفاته السياسية والاقتصادية، والاجتماعية في بريد رغائبه ، بعد أن قطعوا أوصاله الوطنية الأصيلة فأصابوها بمقتل.
يعيش في الوهم من يقفزعن سياقات ومآلات سلسلة تطورات الواقع المحلي هذا إذا -اسقطنا القبضة الخارجية – فنقاط الاختناق اليوم تجاوزت القدرة الاحتمالية للجميع؛ بعد أن سار الوطن في غابة من المتناقضات والسجالات بفضل من استنبت نظريات التدجين السايسي، وفظاظة القوانين التي وضع مسوغاتها من التقطوا اللحظة، فأتقنوا الصعود على أكتاف حتى الراقدين في القبور..
ما نحتاجه اليوم قراءة متأنية لواقعنا بعين المبصر، ورؤية نافذة لما وراء المنظور والمحظور تحكمها ضرورة وطنية عاجلة لإصلاح ذات البين مع الناس، وإشراكهم فعلاً، في صياغة مستقبل وطنهم، لأنهم الركن المتين الرصين في بنيان الوطن ورفعته.
أخيراً مهما كان المبرر، فالميل إلى الهيمنة على كل شيء هو بلا شك خطوة باتجاه خسارة كل شيء، وفي جملة معترضة – المسيرة لا تمضي إلا بقوانين لا تغيب عنها حقوق المجاميع، ولا تخضع لمزاجية التنفيذ، ولا تتجاهل الحقائق على الأرض.-.
هل من آذان صاغية تعي، أم على القلوب أقفالها.