بقلم: المحامي حسين أحمد عطا الله الضمور
في زمنٍ أصبح فيه البعض يقيس العطاء بعدسات الكاميرات، ويبحث عن الضوء أكثر مما يبحث عن الواجب، يسطع النموذج الأردني متفرّدًا… نموذجٌ يعمل بصمتٍ وإخلاص، لا يبتغي سوى رضا الله وضمير الواجب.
ما يميز الجهد الأردني الإنساني أنه لا يسعى إلى الاستعراض الإعلامي، ولا يتاجر بالمعاناة، بل يضع العمل فوق القول، والواجب فوق الظهور.
هي عقيدةٌ راسخة رسّخها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، القائد الذي جعل من خدمة الإنسان – أيًّا كان دينه أو جنسه أو موطنه – رسالةً هاشمية خالدة.
منذ اللحظة الأولى للأزمات في غزة، لم يكتفِ الأردن ببيانات التعاطف، بل كان على الأرض.
جنودٌ، وأطباء، ومسعفون، وفرق إغاثة يعملون بصمت، يتقدمهم التوجيه الملكي السامي بإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم، مستمدين العزم من قائدٍ آمن أن الإنسانية لا تعرف الحدود، وأن الواجب لا يُؤجَّل ولا يُعلن بل يُنجز.
ولم يكن سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني إلا امتدادًا لنهج والده، يعمل بتواضع القادة، يتفقد الميدان بنفسه، ويشارك في العمل الإنساني لا من باب البروتوكول، بل من باب الواجب والقدوة.
وفي الوقت الذي انشغل فيه كثيرون بتبادل الاتهامات وتسجيل المواقف السياسية، كانت فرق الإغاثة الأردنية تعمل ليل نهار داخل غزة، تمدّ يد الرحمة، وتعيد الأمل إلى قلوب المنكوبين، حاملةً على صدورها شعار النشامى، وعلى جباهها نور العطاء.
هذا هو الأردن…
وطنٌ لا يرفع صوته إلا بالفعل، ولا يظهر إلا حيث تُصنع الإنسانية.
قيادته تعمل بصمتٍ يشبه الدعاء، وشعبه يمدّ يده لا ليُصفّق، بل ليُسعف.
إنه نهجٌ هاشميّ خالد، لا يحتاج إلى أضواءٍ لتُظهره، لأن نوره من ذاته… من صدقه، وإيمانه، وولائه.