د. عادل يعقوب الشمايله
ردةُ الفعل العالمية والاقليمية على الاحداث المفجعة والمرفوضة والمستنكرة في مناطق العلويين والمسيحيين والتي أدت الى قتل وتشريد وفزع الالاف من الابرياء المدنيين لا يجوز استغرابها واستنكارها حتى وإن كان هدفها ملاحقة غير الابرياء. فالافراط والتفريط سفاهةٌ ما بعدها سفاهة.
كما أن المطالبات بمحاسبة ومعاقبة المتسببين بها والمشاركين في القتل الطائفي الهمجي بغض النظر عن علاقتهم بالسلطة الحاكمة حاليا في سوريا هي مطالبات مشروعةٌ ومحقةٌ ويجبُ ان تتم على رؤوس الاشهاد.
لا زال العالم الاسلامي يعاني من اسباب ونتائج مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان.
لم تستطع كتبُ التراثِ إخفاءَ الاسباب التي ادت الى نقمة بطون قريش وانصار المدينة وما حولهما على سياسات الخليفة عثمان التي حولت الخلافة التي بدأت راشدةً زمنَ ابي بكر وعمر الى مملكةٍ امويةٍ خالصة، واقطعت البلاد المفتوحة للعائلات الاموية، وآثرتهم بالغنائم والسبايا والغلمان، وهمشت كبار الصحابة وقدماء المجاهدين من المهاجرين والانصار.
كما لم تستطع كتبُ التراث تفادي نقلَ حقيقةِ أنَّ الصحابةَ كانوا قد اهدروا دم الخليفة عثمان de facto عندما تخلوا عنه وتركوه لمصيره الذي بدا واضحاً أنه محتوم عندما حاصر الثوار منزلهُ فلم يدافعوا عنه لأنهُ لم يعد بإمكانهم انقاذهُ لتعنتهِ ولرفضه لأي حل توافقي حسب ما ورد في كتب التراث.
الطامةُ الكبرى حلت عندما رفضَ او تهربَ الخليفة المنصب علي بن ابي طالب من معاقبة قتلة عثمان لأنه مدينٌ للثوار الذين نصبوه خليفة في حين أنَّ معظم المهاجرين والانصار رفضوا او ترددوا عن مبايعته لاسباب عديدة.
ربما لم يكن بإمكان الخليفة علي معاقبة القتلة لعدة اسباب من بينها:
-أنهُ لا يملك جيشا يتفوق على المتمردين الذين قتلوا عثمان.
⁃رفض بعض المهاجرين وتردد البعض الآخر عن مبايعته بالخلافة مما حرمهُ من الشرعية القانونية لتجنيد جيش من غير المتمردين.
⁃أنَّ المهاجرين والانصار كانوا يرفضون مبدأ توارث السلطة. ولذلك لم يكونوا راغبين في اعادتها لبني هاشم خصوصا بعدما خبروا نتيجة التعصب للقبيلة خلال حكم عثمان. وهذا ما يؤكده رفض اهل مكة والمدينة مناصرة الحسين والخروج معه ضد يزيد.
⁃أنَّ المهاجرين والانصار كانوا قد وصلوا الى حالة من الغيظ والغضب جعلتهم غير مكترثين بمصير عثمان ولا الثأر له، لذلك لم يكونوا مستعدين لمواجهة المتمردين. فتركوا علياً ايضاً يواجه المطبَّ بنفسه. فطالما انه تسرع وقبل بتولي الخلافةَ رغم موقفهم السلبي فعليه تحمل الغرم مقابل الغنم.
استنفار الامويين وكثير من الصحابة والتفافهم حول معاوية لم يكن هدفهُ الحقيقي مبايعةَ معاوية بالخلافة وإنما كان هدفه استبعاد علي بن أبي طالب وبني هاشم أو ابتزاز علي للاحتفاظ بالمكاسب التي منحها لهم الخليفة عثمان وبقاء سيطرتهم على المملكة. فمعاوية لم يُبَايع الا بعد مقتل علي.
الحكمةُ التي يجبُ التمسكَ بها هي أنّ: -الاستئثار بالسلطة من قبل عائلةٍ أو فئةٍ او شلةٍ ترفضه وتأنفُ منهُ كافة الشعوب.
-أنَّ التهميش والتطفيش والتطنيش مرفوض من جميع البشر.
-أنَّ النهبَ والتشليح والإفقار مرفوض من جميع البشر.
-أن جمع المال من جيوب الناس بغير حق مرفوض من جميع البشر.
-أنّ هدف الزكاة والضرائب خدمةَ الشعب بعمومه دونَ تفرقةٍ مناطقيةٍ او فئويةٍ او قبليةٍ او عرقيةٍ او حسب الهوى.
أنَّ تجاربَ التاريخ ملخصها انّ عاقبة مخالفة أيٍّ مما بيناه اعلاه ستكون وخيمةً على المخالف. فالشعوبُ رغم كل شئٍ تبقى ويزول من بغى عليها.
هذا ما قاله ابن خلدون. هذا ما حصل لممالك العثمانيين والامويين والعباسيين والفاطميين والمماليك والرومان والقذافي وآل الاسد وشين الجاحدين بن علي وعلي عبدالله فاسد تاع اليمن وحكام السودان وايران والعراق ومعظم حكام افريقيا. وهذا ما تسبب في زوال الدول المستعمرة وطردها واضمحلالها