رؤية الملك الحزبية بحاجة لإستراتيجية وطنية وآليات للتطبيق !

1 فبراير 2021
رؤية الملك الحزبية بحاجة لإستراتيجية وطنية وآليات للتطبيق !

بقلم الدكتور احمد الشناق
جاء تأكيد الملك عبدالله الثاني على ضرورة وجود حياة حزبية برامجية وتحمل همومهم وقضاياهم الوطنية الجامعة , وتعمل من أجل تحقيق تطلعاتهم عبر إيصال صوتها وممثليها إلى البرلمان, وصولاً لزيادة مشاركة الشباب والأحزاب في البرلمان.
هذه الرؤية الملكية التي يؤكد عليها الملك في كافة لقاءاته ، تتوافق مع مفهوم الأحزاب الإصلاحية البرامجية التي اعتمدت في العالم الديمقراطي بتداول ديمقراطي للسلطة ، وهو النمط الحزبي الذي صنع رفاه وتقدم في العالم الديمقراطي المتقدم .
ولكن قانون الأحزاب المعمول به في الأردن رغم كثرة التعديلات عليه ، بقي يتعامل مع الحزبية من منظور شمولي تكتلي بإعتماد العضوية في البناء الحزبي ، في حين أن الحزبية البرامجية تعتمد الماكينه
التكنوقراطية في بنائها الحزبي بإعتبارها حزبية تعتمد عضوية المؤازرة في عملية انتخابية .
– الحزبية بين المصطلح والمفهوم والنظرية والتطبيق
الحزبية البرامجية أو ما يطلق عليها الحزبية الإصلاحية ….
هي الحزبية التي تتبنى البرامج الإصلاحية في خدمة المجتمع وتتطور مع تطور حاجات المجتمع ومتطلباتة,
وهي حزبية تتقدم بحلول عملية وقابلة للتطبيق ومنطلقة من حقائق ووقائع بنهج علمي ….
وهو نمط الحزبية الذي يسود في العالم الديمقراطي ، ويتم التداول الديمقراطي للسلطة من خلالها ….
وهي لا تكتفي بالمطالبة أو الشعارات أو الخطابة ، وإنما تتقدم بحلول مثلاً لمسألة البطالة ، ولديها برنامج في تطوير الصحة والزراعة والضريبة وآليات تحقيق رفع دخل الأسرة ومعالجات للتضخم وحلول للنقل ، بمعنى لكافة شؤون الدولة والمجتمع ، ولكن يكون برنامج تفصيلي وقابل للتطبيق وبديل لبرامج وسياسات حكومية قائمة في السلطة في حال وصول الحزبية إلى أغلبية برلمانية ، أو أن تبقى للحكومة القائمة بحال وجودها في الأقلية البرلمانية ومعارضتها تكون نابعة من برنامجها الذي انتخبت عليه ….
وألية عمل الحزب يكون من خلال الإنتخابات وصولاً إلى برلمان ، وبالتالي تعريف الحزب هو ” ألية تنظيمية برامجية إنتخابية بين الشعب وصولاً لبرلمان ”
من خلال البرنامج الذي يتقدم به الحزب للجمهور …
وهذا يتطلب قانون إنتخاب يعتمد الحزبية في العملية الإنتخابية بمعنى إعتماد البرنامج والتنافس بين البرامج في العملية الإنتخابية, والحزبية البرمجية تعتمد اللجان الانتخابية في نظريتها التنظيمية ، بأهداف انتخابية .
وفكرة الحزبية البرامجية تقوم على أساس المؤازرة في الإنتخابات للبرنامج ، والحملات الإنتخابية تقوم على أساس طرح البرامج للناخبين ، بهدف الوصول للبرلمان ، والسعي لتطبيق البرنامج ، فالحزبية آلية لتطوير مؤسسة البرلمان ،ليتشكل مفهوم الأغلبية والأقلية وليكون برلمان منتخب بكتل على أساس البرنامج ، وتتشكل المعارضة البرامجية للأغلبية التي في السلطة التنفيذية …..
والحزبية البرامجية ترتكز على ماكينة تكنوقراطية في برنامجها ، فهي مدرسة العقول والخبرات والكفاءات العلمية والإقتصادية والسياسية ، وكل ما يتعلق بشؤون المجتمع وحاجاته والتي تتطور بتطور حاجات المجتمع …..
والأصل بالحزبية أن تكون أحزاب دولة وتعمل وفق منهج الدولة بما يحقق غايات وأهداف الدولة ….
والحزبية أنماط ولا بد للنمط الحزبي أن يتوافق ويعبّر عن طبيعة ومضمون وشكل الحكم في الدولة ، وفي الحالة الأردنية : نظام الحكم نيابي ملكي وراثي ، وهذا يعني أن شكل الحزبية ونمطها أن تكون حزبية برلمانية ملكية …..
فكرة الحزبية البرامجية الإصلاحية جديدة على البيئة العربية ، فالحزبية التاريخية قامت على الفكرة الشمولية بمفهوم الحزب التكتلي ، ولم يعتمد الإنتخابات كآلية في الوصول إلى السلطة بل استخدمت الدبابة وسيلة لذلك ، ولم تعيش المنطقة بتجربتها فكرة التداول الديمقراطي للسلطة … وبقي مفهوم الحزب أنة معارض للدولة ويقوم على الفكرة الإنقلابية وإعدام التعددية ….
وايظاً غياب مفهوم المجتمع المدني ، فالحزبية البرامجية لا تعمل إلا في بيئة المجتمع المدني ….
وأُولى متطلبات المجتمع المدني تنظيم الأدوار وتحديدها ، ليعمل الجميع في إطار ما يحددة القانون من غايات وأهداف لمؤسسات المجتمع المدني ….
والحزبية لا تندرج تحت مفهوم مؤسسات المجتمع المدني بإعتبارها تسعى الوصول إلى السلطة ،
وايضاً البيئة الحزبية في الأردن لم تأخذ بالإعتبار حوار السياسات ، وأقتصرت على حوار السياسة ، وجُلّ خطابها تعيش على القضايا الخارجية والسياسية …
وفي هذا الجانب ، أُنشئت وزارة للتنمية السياسية بإرادة ورؤيا ملكية ، بهدف مأسسة آليات للحوار بين الاحزاب والحكومات ومؤسسات الدولة لتنطلق الأحزاب وتضع برامجها من الحقائق والوقائع الاردنية والقابلة للتطبيق والتنفيذ ، وتم تغيب هذه الرؤية الملكية لإيجاد حزبية برامجية ، واقتصر دور الوزارة على إجراءات وظيفية بترخيص الأحزاب .
ولا زلنا لا نفرق بين مفهوم المعارضة والمواساة ، وهي إحدى تحديات العمل الحزبي في الأردن … في حين أن المعارضة تكون للسياسات الحكومية ، وكل حزب خارج السلطة يندرج تحت مفهوم المعارضة ، ومصطلح المعارضة لا يكون مسمى وترصيف دائم للحزب ، فلا توجد معارضة دائمة أو موالاة دائمة … وهذة إحدى اشكاليات العمل الحزبي …
وفي موضوع مدنية الدولة … الدولة الأردنية منذ نشأتها دولة مدنية بنهج إصلاحي ، والدستور الأردني دستور مدني ومبادئة الدستورية مدنية ، بتعريف المواطن أنة كائن إجتماعي وقانوني أمام الدولة ….
وآن الأوان ، تنظيم علاقة المجتمع مع الدولة ، بتنظيم الأدوار وتحديدها ، وفق ما يحدده القانون من غايات وأهداف ، فالجمعية تعمل وفق أهداف الجمعية ، وكذلك النقابة ، والحزب ، وإنهاء حالة التداخل ، بإعتبار الحزبية آليه تنظيمية للوصول للسلطة تنفيذية أو تشريعية وفق آليات ديمقراطية ، ولا تندرج تحت مفهوم مؤسسات المجتمع المدني ، فمؤسسات المجتمع المدني ” نقابة ، جمعية، اتحاد” تقوم على أساس خدمة مهن أو فئات أو قطاع معين ، وفق ما يحدده لها قانون ترخيصها ، وهذه إحدى إشكاليات العمل السياسي في الأردن ، بعدم التفريق بين مفهوم الحزب ومؤسسات المجتمع المدني.
رؤية جلالة الملك في ملف الاصلاح السياسي تتطلب آليات تطبيق ومراجعة شاملة وحقيقية من كافة الأطراف حكومة، مجلس الأمة، أحزاب ، وإعادة النظر بدور وزارات كالشباب والتنمية السياسة والثقافة ، ليعمل الجميع كإستراتيجية وطنية شاملة ، وتناول قوانين ملف الاصلاح السياسي كحزمة واحده ، ومشروع وطني تجديدي لمئوية الدولة الثانية ، وفق ثوابت الدولة بدستورها وقيمها ومبادئها العليا التي قامت عليها الدولة الأردنية
الدكتور أحمد الشناق