نضال ابوزيد
بعد أن أُعلن عن أعضاء اللجنة الملكية لتحديث منظومة الاصلاح السياسي والتي لاحظنا فيها وجوه ضمت كل اطياف المجتمع الأردني من كافة التيارات السياسية والفكرية إسلامي وشيوعي وقومي ومدني، في فسيفساء وطنية، يبدو أن انتقاءها تم بعناية فائقة حسب مخرجات الأسماء التي ظهرت بشكل يوحي ان من افرز هذه الأسماء درس بعناية إمكانية الخروج بمخرجات تشكل مزيج وطني سياسي واقتصادية وإداري.
ولكن…. تبقى الجملة النمطية والسؤال الأعمق الذي يدور في اروقة الصالونات النقاشية في مدينة كانت ولازالت في صف الوطن على طول المئة عام من عمر الدولة الأردنية، لماذا تغيب مدينة سحاب في كل مرة عن كل محاصصة تتم في اروقة القرار الأردني؟ ، لم تكن مدينة ام المأذن ومدينة ام الشهداء (كما لقبها الحسين الراحل) إلا منبع فكري و وطني لم يسجل فيها ولا عليها الا انها انحازت دائما للوطن.
ثمة عبث يدور في زاوية مطبخ القرار الأردني، وثمة أيضاً مفاهيم متشابكة تدور في عقول من يُشار او يستشار، حيث مدينة سحاب ليست مع العزف المنفرد ولم تكن كذلك، و ضمت في ثنايا و أركان بيوتها وصالوناتها الحوارية عقولاً ومفكرين ساسة ومنظرين، فيها الباشوات والعسكر وفيها 11 برفسور و 26 دكتور جامعي وسياسيين واقتصاديين وخبراء في الطاقة والنظام، وخبراء في السياسة والادارة، شاركت رجالات سحاب كل الحوارات التي مرت على تاريخ الدولة الأردنية ( ولست هنا بصدد إجراء سرد تاريخي لماهية تاريخ مدينة سحاب) لان الكل يعرفها من الطرة إلى الدرة.
لماذا تغيب سحاب في كل مرة عن بوصلة الدولة الأردنية؟، سؤال جدلي، والسؤال الأعمق الاخر، لماذا تتنحى بوصلة الدولة عن التقاط إشارات وأفكار العقول التي خرجت من رحم مدينة سحاب؟، فكرياً ثمة ندوات جرت في سحاب خاطبت عقل الدولة الأردنية، واجتماعياً لاتزال سحاب في مقدمة الحضور الاجتماعي الوطني، الا انه لم تسجل أياً من لجان الفكر الأردنية ان نهلت من الفكر الذي ولد في سحاب بداً من لجنة الحوار الوطني إلى لجنة الأجندة الوطنية إلى لجنة الميثاق وآخرها لجنة تحديث منظومة الإصلاح السياسي، عتب يسجل بحروف وطنية بأن سحاب تأُتى ولا تأتي.
غيب المستشار وغيب صانع القرار عقول سحاب عن كل سرديات الحوار الأردني، وسحاب لم ولن تستجدي ان تكون الا في صف الوطن، لان الحق الوطني لايُستجدى بل يكتسب ولا يمنح، لكن حقاً على مطبخ القرار ان يلتفت إلى مفكريها الذين لن اسرد اسمائهم لن بوصلة السياسة والاقتصاد والادارة ومجسات الدولة تعرفهم تماما، وتعرف تاريخهم الذي كان على مر التاريخ إلى جانب الوطن والقيادة، ثمة تغيب ممنهج وتوليد لنسخ هجينه لا يتناغم مع عقول فكرية في سحاب، التي لم تتململ يومياً تجاه وطنية قدمتها سحاب طبق من ذهب بشهداء لايزال أبرز معالمها يشهد على اسمائهم في منتصف مدينة سحاب، لم نطلب يوماً ان تلتفت لنا الدولة لأننا الاقدر على العيش في الوطن من كفاف الحياة، ولكن يسجل عتب وطني على حالة التجاهل التي بدأت تستشعر بها عقول خرجت من رحم المعاناة الوطنية و واكبت تطور الدولة وهي تدخل في مئويتها الثانية، ولا تزال مدينة سحاب فكرياً تغيب عن بوصلة الدولة الأردنية.