كيف زادت سياسات “الصندوق” الفقر بالأردن؟

7 يونيو 2021
كيف زادت سياسات “الصندوق” الفقر بالأردن؟

وطنا اليوم:حمّلت مؤسسات وخبراء ومنظمات مدنية سياسات صندوق النقد الدولي ووصفاته مسؤولية إضعاف نظم الحماية الاجتماعية والتفاوت الاجتماعي وزيادة الفقر في الأردن.

ورأى بعضهم أن تطبيق هذه السياسات، وبرامج “الإصلاح”، أثرت على الجوانب الاجتماعية مثل التشغيل والبطالة والوصول إلى الصحة والتعليم وأثرت في النهاية على خط الفقر لمعظم الأردنيين.

جاء ذلك في “ورقة سياسات” أعدها “مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية”، مطلع العام، بعنوان “سياسة الحماية الاجتماعية في الأردن ما بين الإطار النظري والتطبيق العملي”، ناقشت منظومة الحماية الاجتماعية خلال العقود الثلاثة الماضية وصولا إلى أزمة كورونا المستجد وأثرها على مستقبل الحماية الاجتماعية في الأردن.

الورقة، التي اعتمدت في منهجيتها على مراجعة عدد من الدراسات وإجراء المقابلات المركزة مع مستفيدين وخبراء بشأن الحماية الاجتماعية من القطاعين الخاص والعام والمجتمع المدني في عدة محافظات، ذكرت أنه منذ مباشرة الحكومة تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي؛ تأثرت مختلف برامج الحماية الاجتماعية سلباً جرّاء تنفيذ هذه السياسات، وتحديدا التعليم والصحة.

إذ تراجع إنفاق الأردن على التعليم والصحة والعمل خلال الفترة 2000-2010 من 25 بالمئة إلى 23 بالمئة في عام 2010. 

وأشارت الورقة إلى أن البرامج التي تبنتها الحكومة، في سعيها لضبط عجز الموازنة، أغفلت شريحة كبيرة من المواطنين والعمال المهاجرين واللاجئين، ما حرمهم أبسط تغطيات الحماية الاجتماعية. 

ولاحظت الورقة أن “متطلبات” صندوق النقد الدولي كانت من الأسباب الرئيسة في زيادة البطالة والفقر بين عامي 1990 و2005؛ إذ ساهمت في خفض الرفاه الاجتماعي، وارتفاع البطالة، وثبات الرواتب. 

كما لفتت إلى أن هذا الأمر عزز من توسع قطاع العمالة غير المنظمة وزيادة أعداد الأردنيين العاملين فيه، ما ساهم في زيادة الهشاشة الاجتماعية وحرمان العديد من الناس من بعض المزايا المتوافرة في منظومة الحماية الاجتماعية في قطاع العمالة المنظمة.

وكانت الحكومات الأردنية المتعاقبة تبنت عددا من هذه البرامج المسماة بـ”التصحيح الاقتصادي” التي تمثلت في رفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية، وتخفيض الإنفاق الحكومي و”ترشيق أعداد العاملين” والتحول إلى موازنات تخلو من الدعم المباشر للعديد من برامج الحماية الاجتماعية.

كما طبقت سياسات تقليص دور القطاع العام من خلال التحرير والخصخصة، وفتح السوق للمنافسة الخارجية، وتشجيع الصادرات، وزيادة الاعتماد على الإيرادات المحلية والتقليل من الاعتماد على المساعدات الخارجية.

وساهمت برامج صندوق النقد وسياسات البنك الدولي المتعاقبة، وفق الورقة، التي ترافقت مع ضعف الأداء الحكومي وارتفاع الدين العام وعجز الموازنة المستمر، في إضعاف منظومة الحماية الاجتماعية وزيادة معدلات الفقر..

حيث تبنت الحكومة عددا من البرامج في سعيها لضبط عجز الموازنة المتسارع من خلال رفع الدعم الحكومي عن السلع الأساسية وتخفيض الإنفاق الحكومي على هذه البرامج الحمائية.

واستمرت استجابة الأردن لسياسة صندوق النقد الدولي نحو التوجه إلى المزيد من التحرر الاقتصادي وتقليص مساهمة الدولة المالية في برامج الحماية الاجتماعية وتقنينها لتقصُر على الفئات الأكثر فقرا فقط دون تقديم بدائل عملية، مما ساهم في إفقار المزيد من الأردنيين، كما جاء في الورقة.

ومما زاد الأمر صعوبة؛ أن الحكومة فشلت في إنفاذ برامج الإصلاح الضريبي لتحقيق العدالة الضريبية وتوفير التمويل اللازم لدعم برامج الحماية الاجتماعية على نطاق واسع.

عام 2018، وصل معدل الفقر إلى 15.7 بالمئة، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 27 بالمئة بتأثير تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد، وفقا لتوقعات البنك الدولي.

وتعطي النسب المئوية المتزايدة للفقر والبطالة مؤشراً قوياً على أن أرضية الحماية الاجتماعية لا تعمل بشكل جيد وتتطلب مزيدا من الاهتمام وإعادة النظر في التدابير الاجتماعية القائمة، وأن هذه البرامج والسياسات أدت إلى إضعاف منظومة الحماية الاجتماعية، وبالتالي زيادة نسب الفقر.