لا يمكن لإدوات الفساد ان تكون أدوات إصلاح جديد

5 يونيو 2021
لا يمكن لإدوات الفساد ان تكون أدوات إصلاح جديد

بقلم : الدكتور هاني العدوان 

لنتفق ابتداء ان هذه المرحلة التي نحياها على صعيدنا الوطني تختلف كليا عن كل مراحل الحياة الاردنية ، اذ لم نعهد إجماعا شعبيا بهذا الزخم والجهر على نقد السياسات الحكومية وفشلها في ادارة شؤون الوطن وعلى كل الصعد الإدارية والإقتصادية والسياسية بصعيديها الداخلية والخارجية، وحتى على المستوى الإجتماعي .
‌ ومرد هذا الزخم هو حجم الاحتقان النفسي الشديد لدى الناس جراء الضغوطات التي تمارسها الحكومة وفشلها المتراكم في حل كثير من القضايا الوطنية ومعالجالتها العقيمة لكل ما يستند للواقع بصلة إلا ثمة ما لديها من حلول أمنية تجاهد بها شعبها في سبيل الدفاع عن فشلها واخفاقاتها المتكررة والمرحلة دون أي اعتبار للمعايير الأخلاقية والقانونية وحتى أعرافنا العشائرية ولا لحجم الفساد الذي استشرى معظم مفاصل الدولة وحالة الفقر غير المسبوقة وتمدد البطالة وتفشيها في أوساط الشباب والتي تجاوزت الخمسين بالمئة، ولا للأعباء الضريبية المفروضة اذ تشكل الإيرادات الضريبية التي يتحملها المواطن ثلاثة أرباع الإيرادات المحلية ، ولا لإرتفاع مؤشر الدين العام والتي تجاوزت فوائده السبعين بالمئة من العجز المقدر في الموازنة ولا لخنق الحريات التي كفلها الدستور بنص المادة ١٥ من الدستور الأردني التي افرغتها الحكومات المتعاقبة من حقها الدستوري جراء تعديلاتها عليه لصون فشلها المتراكم من النقد وسن قوانين مخالفة لنص الدستور من خلال المجلس التشريعي مثل قانون العقوبات وقانون الجرائم الإلكترونية وقانون منع الإرهاب وقانون المرئي والمسموع والمطبوعات والنشر وقانون الدفاع وقانون منع الجرائم، والتي جميعها تعاقب المواطن على التعبير عن الرأي وعدم التجمهر ولا نستبعد قوانين جديدة لمنع الهمس وإخراج اصوات الشهيق والزفير .
واذا ما كانت ارادة الاصلاح المنشود جامعة يلتف حولها الشعب والقيادة ولطالما نودي بها لإنقاذ الوطن والحفاظ على استقراره اجتماعيا واقتصاديا وامنيا وسياسيا فالواجب اولا وابتداء ان نلغي النهج القائم على اعتماد معايير العلاقة الشخصية والشللية والواسطة والمحسوبية والعلاقات التجارية والاقتصادية والمنافع المتبادلة وتوريث المناصب وتغييب الكفاءات الوطنية عن دائرة صنع القرار
والتي كانت سببا رئيسا في مصائبنا التي تذكر ولا تحصى ولا تعد .
وعليه لا يمكن لإدوات الفساد ان تكون ادوات اصلاح جديد ، فهل من كان بالأمس سببا لأوجاعنا وتدهور حالنا سيكون اليوم مصدرا لإسعادنا.
ان حالة الالتفاف الشعبي وخاصة العشائري الذي حظي به النائب اسامة العجارمة وخروج الناس بهذا الزخم
‏لإن وجعهم بات فوق قدراتهم على تحمل الفقر والبطالة كما القهر والظلم والاستبداد وتحطيم إرادتهم وسلب حقوقهم بالعيش في حياة كريمة
خرجوا ليقولوا كفى ضياعا للوطن ، كفى استهتارا بنا وبقدراتنا وبمصيرنا ومصير وطننا كفى عبثا بمقدرات وطننا المسلوبة والمنهوبة ، كفى قهرا لشبابنا المؤهل والمسلح بالمؤهلات العلمية العالية الذي يصارع من اجل لقمة عيش لا يجدها الا بشق الأنفس وأقرانه من أبناء الذوات ينعمون بمناصب ومكاسب لا يمكن ان يصلوها عند احتساب الكفاءة .
إن الاصلاح الذي يحقق للوطن استقراره ويحافظ على مكتسباته ويعيد له توازناته ومكانته الاقليمية والدولية ويصون حقوق مواطنيه ويحافظ على كرامتهم وتأمين الحياة الكريمة لهم ورفع الظلم عنهم وان يكون الجميع متساوون في الحقوق والواجبات لا يمكن له ان يتم ونعيشه واقعا إلا بالتخلص كليا من النهج العقيم القائم الذي شل الوطن وارهقه ودمر اقتصاده وأنهك مواطنيه وقزم ادواره التي كانت اكبر من محورية في عيون العالم اجمع .
ان الاصلاح الجاد الذي نرنوا اليه ونطالب به جميعا يبدأ من التخلص اولا من بطانات الفساد والإفساد ليكون الملك لنا جميعا وحتى تكون الحقائق بائنه أمامه دون تقزيم او تشويه .
ان حرصنا على العرش كحرصنا على الوطن وهما في خلدنا ومن صميم اهتمامنا وتعلقنا ، وعلى ذلك لنجدد عهدنا بميثاق جديد نوطن فيه كل ما ينفع الوطن ونعود عن كل ذنب اقترفناه بحقه وهذا ينجز بالإرادة الفاعلة وهي المطلب الذي بات هو السبيل الوحيد أمامنا اذا ما أردنا ان نكون نشامى بالاسم والمضمون .