قلاع من غبار….!!

5 يونيو 2021
قلاع من غبار….!!

بقلم: سهل الزواهره

نِظام،حُكومة،بَرلمان،حَرَاك،خُبز ،أسعار،حوار ،شارع ،أمن ، وطن، إصلاح ،فتنة،عشائر، ديموغرافيا، دفاع، كل ذلك و غيره في خلاَّطٍ كَبيرٍ مُختَل يخْفق بِشكلٍ مَجنون بِمقاديره و بنا، لا شيء لهُ مَلامح واضحة أو معالم دالة و حتى الطعم مَسيخٌ مليخٌ كلحمِ الحُوار التَبَسَ على ذوي الألبابِ والذوقِ، زلزالٌ من جهاتٍ أربع يضرب و يقلب فيترُك شُروخًا عميقةً بِعمقٍ في مسلماتٍ خَيَبت الظُروف ظُنوننا بها فتداعت تداعي شُجَيرة لم يُحسنْ الزارعُ غَرسَها و تَركها عاريةً مُستَباحة و كَلَّفَ بأمرِ عِنايتِها منْ لا يكترث لها و لا لِثَمرها المفروض، وأصبحَ الكذبُ شريعة والإدِّعاءُ دین و تَخريس الأفواه مَذهَبْ، و انطلقت أحناشُ الأرضِ و غربانُ السماءِ و بغبغاوات الكَلمة لِتُجهضَ كُلَّ صوتِ حقٍ مُخالِف، وذُبِحَ طَرَفة من الوريد الى الوريد، و أُطفئت كَلُ بارقةِ أمل و خُرِّبَ مِقلاعُ داوود فَصالَ جالوت و جال متبخترًا على جَسَدِ الوطنِ المَسروق و مراعيه المُجدِبة و أهله الجَوعى، وسادَ منطقُ الفضلِ والمَكارمِ و لم يَتبقَ للكرامةِ مَعالِمْ، طَوابيرٌ من المُفقَرين قَصدًا، و أصواتُ المُنافقين ضَرَبت بَرقًا و رَعدًا تُبَشِّرُ بِحكمةِ حَكيم و كرمِ كَريم و علمِ عَليم ، و حلَّتْ الوصاية على الجُيوبِ و الهواءِ و النورِ و الماءِ، و العقول صُودِرتْ فلا قولَ إلاَّ قَول أهل الإصطفاء و أصحاب العِصمة و أولياءِ النعمة، و عُلِّبَتْ الاتهامات و تَشيطن الحقُّ و قُزِّمَتْ المَساجد و انتُقِصتْ النُصوصُ و الوصايا وحُرِّفَت المَناهج و أُقصي أهلُ العزم و الشرف و قُرِّبَ عِوضًا عنهم أهل القمار و والترف .

عَجیبٌ أمرُ وَطنٍ يأمنُ فيه اللص السارق وينعم فيه الفاسد المارق و يُعادُ تَدويره بتحاذق، و يَحظى بالحظوة و الصدر ويُساق إليه توريثًا الأمر، و تتم حمايته وتحصينه و تُشَحذُ الأقلام و الألسُن لِتَلميعهِ والذبِّ عنه.

كيفَ يَستطيعُ أولئِكَ النَفر الكالح، رُوَّاد البارات و المَسارح الاستمرار بالدَجَلِ و التَّدليس على الناسِ و اللَعب على مَشاعِرهم البَريئة النقية و ابتزازهم باسم الأمان المَزعوم الذاوي و الدينار الخائب المتهاوي يوما بعد يوم الى غياهب المجهول ألف ذراع وذراع.

فليعلم كل مُفسد مُتأبلِس مُتسلط وكل مأجور رخيص مُتخبط أنَّ الثقة الأبدية ضربٌ من ضروبِ الخَيال و أنَّ بَرقلتهم وعَويصَهم لن يحفظ تلك الثقة المُنتَحلة، و لا بد من لحظةٍ فارقةٍ قادمة لا مَحالة سَتزولُ معها هذهِ الثقة المُصطنعة و لن يَبقى بعدها مَخبأ لِعطرٍ بعدَ عَروس و لن تنفعهم ضَرائب أو مُكوس، و لن يحميهم سَواتر ولا تُروس و ستُصبح الأفواهُ اللاهجةُ بالدعاءِ أفواهًا لا يهمها إلَّا إسكاتَ جَحيم جُوعِها وضَمأ مُستقبلها، والأسنانُ الأليفة التي لم تَعَض يَوماً ستُسنُ لِتقضمَ كلَّ من تلاعبَ بحياتِها و مُقدراتها و تاجرَ بآمالها وسَمْسَرَ على مستقبلها.

 ألا يَظن أولئك المُرتَزقة أنَّ حِيَلَهُم و تَنَطُعهم قد باتَ لا يَنطلي على فرخِ دجاجة، كيف لا يستشعر مَنْ يتَبجح بِفهمهِ الفَريد و شهاداته الباسقة من أرقى جامعاتِ العالم بأن الأمور لم تعدْ كما كانت، كيف لا يقلق من ضيَّعَ البَلد وشرعنَ الكَبَدْ و الأوراق التي يملكها تَتساقط من يديهِ الواحدة تِلو الأخرى و لم يبق إلا قلاعًا مِنْ غُبار ستَتطاير حتماً مع أوَّلِ نَفخةِ غَضب مُنَظَمة من المخدوعين المُضللين .