وطنا اليوم:في الوقت الذي تشهد فيه العديد من المنشآت الاقتصادية خاصة المتضررة من جائحة كورونا، حالاتٍ من المخالفات والإغلاقات لعدم التزام أصحابها بأوامر الدفاع، يقع ضحية هذا التقصير المئات من العمال الذين تم الخصم من أجورهم طيلة فترة إغلاق المنشآت التي يعملون بها.
هاشم (عامل مصري) كان يعمل في أحد المقاهي الشعبية في العاصمة عمان، يقول إن فرق التفتيش الصحية والمهنية كانت قد وجهت مخالفة لصاحب المقهى الأسبوع الماضي لعدم توفر أي نوع من التدابير الوقائية كالكمامات والمعقمات، وبعدها بيومين تكررت المخالفة وتم إغلاق المقهى لمدة أسبوعين.
ويضيف هاشم خلال حديثه لـ “المرصد العمالي الأردني” أنّ المقهى ما زال مغلق حتى الآن، وأنه دون عمل منذ أكثر من أسبوع علماَ أن مسؤولية ما حصل كانت بسبب صاحب المقهى.
ويشير هاشم الى أن صاحب المقهى كان غير ملتزم بتوفير الكمامات والمعقمات بشكلٍ دائم، ما أدى الى إغلاق المقهى وتعطله عن العمل، ناهيك عن أن المقهى كان يقدم الأراجيل بالخفاء لتعويض بعض من الخسائر التي تكدبها صاحب المقهى جراء الإغلاقات المتكررة.
لم يكن الأمر متوقفاً فقط على عدم تعويض هاشم عن فترة تعطله عن العمل، فهو أيضاً لم يستفد من برنامج “استدامة” الذي يؤمن 50 بالمئة من أجر العامل في المنشآت الأكثر تضرراً، كونه عامل مهاجر وليس أردنيّ”، فالعمالة المهاجرة خارج نطاق الاستفادة من “استدامة”، “لو اني مشمول ببرنامج استدامة كان ما فرقت معي لانه نص راتبي كان رح ينزلي من الضمان بالنهاية”.
حال هاشم كحال المئات من العمال الذين وقعوا ضحية هذا التقصير من قبل أصحاب المنشآت ومخالفتهم لأوامر الدفاع والتي كانت سبباً لتعطلهم عن العمل دون أي ذنب.
عمار الذي يعمل في محل ألبسة متواضع في منطقة جبل الحسين، يقول إن فرق التفتيش خالفت المحل قبل عيد الفطر بثلاثة أيام، وبعد يومين من المخالفة قامت بإغلاق المحل لتكرار المخالفة، والتي كانت بسبب غياب التباعد الاجتماعي، واكتظاظ المحل بالزبائن في تلك الفترة.
ويضيف عمار لـ “المرصد العمالي” أن المحل تم إغلاقه لمدة اسبوعين كاملين، وان صاحب المحل قام بخصم هذين الاسبوعين من أجره الشهري الذي يصل الى 300 دينار، أي ما يعني تم خصم 50 بالمئة من أجره.
لم يكن عمار يعلم أن صاحب المحل سيقوم بخصم فترة إغلاق المحل من أجره الشهري، خاصة وأن الذنب يقع على عاتق صاحب المنشأة في نهاية المطاف لعدم اهتمامه بالتدابير الصحية وغياب التباعد الاجتماعي بين زبائن المحل، عدا عن ذلك أن عمار غير مستفيد من برنامج استدامة كونه غير مشمول بالضمان الاجتماعي الذي يعتبر شرطاً من شروط الاستفادة من استدامة.
ميرفت مهيرات نائبة مدير المدينة لشؤون الصحة والزراعة في أمانة عمان، تقول إن مخالفة أي منشأة وإغلاقها بسبب مخالفتها لأوامر الدفاع تتم حسب نوع كل منشأة وطبيعة كل مخالفة.
وتوضح مهيرات خلال حديثها لـ “المرصد العمالي الأردني” أن المنشأة المخالفة يتم معاقبتها أولاً بغرامة مالية محددة، وفي حال تكررت المخالفة يتم إغلاق المنشأة مدة لا تقل عن أسبوع ولا تزيد على أسبوعين كحد أقصى، وذلك حسب أوامر دفاع مختصة بهذا الشأن.
وأشارت الى أن إغلاق المنشآت المخالفة منذ بداية جائحة كورونا تنوعت أسبابها بين عدم الالتزام بالتباعد الاجتماعي وعدم ارتداء الكمامات واختراق حظر التجول، إضافة الى ان هناك بعض المنشآت غير المصرح لها بالعمل كانت تعمل بالخفاء وتمت مخالفتها وإغلاقها.
ولفتت مهيرات الى أن المقاهي التي تقدم الأراجيل هي أكثر المنشآت التي خالفت أوامر الدفاع وتم إغلاق العديد منها، يليها محلات الألبسة وبعض من المنشآت غير المصرح لها بالعمل مثل مراكز البلياردو ومحلات الألعاب الإلكترونية (محلات البلاستيشن)، والمراكز التعليمية التي كانت تعمل بالخفاء.
وبحسب أمر الدفاع رقم (19) في البند ثالثاً، تعاقب المنشأة التي تخترق حظر التجول الذي يبدأ من الساعة العاشرة مساءً وحتى السادسة صباحاً بغرامة مالية لا تقل عن 1000 دينار ولا تزيد على 2000 دينار إذا كانت المخالفة لأول مرة، ويتم إغلاق المنشأة لمدة 14 يوماً في حالة تكرار المخالفة.
أما أمر الدفاع رقم (26)، تعاقب منشآت القطاع الخاص التي لا تلتزم بالاشتراطات الصحية مثل التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات وبروتوكولات واجراءات العمل الصحية والوقائية، بغرامة مالية لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 1000 دينار إذا كانت المخالفة للمرة الأولى، وبغرامة مقدارها 1000 دينار ويتم إغلاق المنشأة لمدة 7 أيام في حالة تكرار المخالفة.
لكن من ناحية قانونية، يقول مدير بيت العمال حمادة أبو نجمة إن أي منشأة يتم إغلاقها بسبب تقصير من صاحبها نفسه يجب عليه دفع أجور العمال كاملةً طيلة فترة إغلاق المنشأة، وذلك بحسب قانون العمل.
ويضيف أبو نجمة لـ “المرصد العمالي” أن هذا يعتبر انتهاكاً لحقوق العمال اذا كان التقصير من صاحب المنشأة، وأن أي عامل يتعرض لمثل هذه الحالة يجب عليه تقديم شكوى لوزارة العمل لاسترداد حقوقه.
من جهته، قال الناطق باسم وزارة العمل محمد الزيود إن أغلب الشكاوى العمالية الواردة للوزارة طيلة فترة الجائحة كانت تتمثل بتخفيض الأجور وتأخيرها وعدم دفعها للعمال في كثير من الأحيان من قبل أصحاب العمل.
وأوضح الزيود لـ “المرصد العمالي” أن الوزارة تعاملت مع مثل هذه الشكاوى، وتمت مخالفة أصحاب المنشآت، التي كانت أغلبها ضمن المنشآت الأكثر تضرراً.
وحاول المرصد العمالي التواصل مع الناطق باسم أمانة عمان الكبرى لمعرفة عدد المنشآت المخالفة لأوامر الدفاع والتي تم إغلاقها، إلا أنه لم يبادر بالإجابة.