فيليا الدولة والعشائرية

30 مايو 2021
فيليا الدولة والعشائرية

 بقلم : الدكتور فيصل السرحان

أستاذ العلاقات العامة والاعلام

العشائرية منظومة اجتماعية متطورة ودائمة الحياة وقابلة للتعايش مع أي تقدم إجتماعي أو إقتصادي ، ويعتبر من لا يقر بأنها عنصر أيجابي ومؤثر في دعم منظومة السلم ألاهلي والركب الحضاري كمن يتقي حرارة أشعة الشمس الحارقة بغربال. العشائرية واكبت مراحل سلسلة تطور الحياة البشرية و مرت خلالها في عدة محطات، إبتدأت بمرحلة الصيد والتشاركية في كل شيئ حتى وصلت الى مرحلة تكوين الكيانات والدول ، فالعرب كانوا في مرحلة ما قبل ألاسلام عبارة عن قبائل دائمة الترحال تعيش في صدام ونزاع ، حتى جاء الاسلام ووحدهم وصهرهم في كيان واحد، وأسس لهم دولة كبيرة إشطرت وللاسف فيما بعد الى عدة دول بفعل عوامل كثيرة لا يسعني المجال لذكرها هنا ، العشائرية إذن وباختصار شديد، موروثا” انسانيا” قديما ًجديداً، لها وظيفة سياسية واجتماعية وإقتصادية متصلة، أنشئتها ظروف ومعطيات متعددة ، كمظلة حاضنة تضمن لابناءها أمنهم وتصون وتحصّن مصالحهم المختلفة ضد أي تهديد محتمل . أما الدولة فهي أم الجميع ، أسمى وظائفها تمتين وترسيخ ألانتماء للوطن عبر المساواة والعدل، وهي تفرض هيبتها بقوة ألاقناع والبرهان والادارة بالقدوة ، وهي تحمي وترعى التوزيع العادل للثروات وتساوي بين مواطنيها في الحقوق والواجبات، وتصون كرامتهم وتصهرهم في كيان الدولة الواحدة. ومتى تفشل الدولة في فعل ذلك، سيبدأ الفرد بالتخلي عن مسؤلياته تجاه دولته، وسيقوم بتوجيهها نحو الولاء لعشيرته، وعندئذ سنراه يدافع عنها بشراسة ويرجع اليها نسبا” وتعصبا”، ووقتها ستنبت مراكز قوى أخرى منافسة في المجتمع، ألامر الذي سيشكل مصدر خطر ينذر بتفككه وانقسامه وستبدأ الصراعات بالظهور بين نسيج ابناءه. ولتلافي مثل هذه الاوضاع، فإنّ على الدولة ان تسخّركل قدراتها لإحقاق الحق بين الناس، وإقناعهم بذلك، فتجاوز القانون مثلا”، يعني المساءلة والعقوبة ،والثأر يعني حكم المحكمة ،والجاني يتحمل تعويض المجني عليه، واشعارالمظلوم بأنه القوي ضمن قالب القانون، وأن المواطن ليس حاشية لها وانما شريك فيها . العشائرية كيان غير مخيف أبدا” وهي غير مناقضة للشعور الوطني والديني والطائفي والقومي وغيره، إنّها نسيج اجتماعي أثبت بالممارسة إمكانية التعايش مع كل المفاهيم والطروحات والانماط الحضارية والمدنية بسلاسة ويسر، والدولة والعشائرية في المجمل صنوان متلازمان باعثان للامن والامان دائماً، ولا “فوبيا” أبداً من ظهور بعض المشاحنات والمماحكات هنا وهناك ، فهذه طبيعة البشر.