بقلم: الدكتورة اسيل شوارب
دفعني نقاش غني كنت فيه مستمعة ومتابعة، لكتابة هذا المقال الذي يطيب لي في البداية ان أقدم التحيات لموقع “وطنا اليوم الاخباري” ممثلا بالزميل الدكتور قاسم العمرو والدكتور نضال أبو زيد على احتضانهم لمجموعة فكرية عبر تطبيق الواتساب وجعل المشتركين في ندوة مستمرة حول قضايا الساعة. ومع كوكبة متميزة من ذوات لها كل الاحترام كان موضوع الليلة الماضية” خيارات الأردن المستقبلية” بإدارة قديرة من الدكتور ذوقان عبيدات ومداخلات غنية من معظم الأعضاء.
مجموعة من التساؤلات خطرت لي:
- هل للمستقبل خيارات أم خطط؟
- اذا كان للاردن خيارات فمن يمتلكها؟
- هل خيارات الاردن المستقبلية تنموية أم هي خيارات والسلام؟
- هل ستفرز تلك الخيارات بعض من الفقوس مثلا؟
- هل المطلوب خيارات تنفذ ام ارادة تصنع خيارات؟
وبما أن التنمية علم والحديث عنها يرتكز على مؤشرات وخطط تنفيذية، فإننا اليوم نقف في مواجهة نتائج تقرير عالمي وضع الاردن في مرتبة محرجة وأشار لتراجع في معظم جوانب التنمية. كما في مواجهة نخب اقتصادية وسياسية ساهمت في متوالية فشل قاعدتها أداء حكومي ضعيف ومؤسسات متواضعة الإمكانات.
وحتى لا تكون التنمية حبر على ورق أو ثرثرات في مواقع التواصل الاجتماعي يجب أن نبحث عن ثلاثة مفاتيح هي: الرؤية والوعي والموارد نضعها في اطار أهدافنا ونتفق على خطط لتحقيقها وحمايتها وإدامتها وتكون أولوياتها الصحة والتعليم وتحسين مستوى الدخل ودعم المسؤولية المجتمعية للحكومة ومشاركتها.
اذن لم نعد نحتاج لحكومات تقليدية بل نحتاج لحكومة قادرة على بناء شراكات من نوع جديد في العالم ومع المواطن، المهم ان تعود بالفكر التنموي على الأردن بنتائج أهمها العدالة الاجتماعية والرفاه والتقدم .
حكومات تعي المزايا التنافسية المستدامة للأردن وتحددها بوضوح من خلال دراسة التجارب الناجحة في بعض الدول بغية استخلاص الدروس المستفادة منها، مع أهمية نزول الجامعات إلى الميدان وتبني استراتيجيات إدماج الشباب المبدع في المشاريع العملية وترسيخ مهارات الريادة وسماتها الشخصية، مما يشجع هؤلاء الشباب على المبادرة والمنافسة
وجهة أن شعار المئوية الثانية ” سياسة أقل وتنمية أكبر” ونحتاج لوزارة التنمية البشرية لا التنمية السياسية، مقومات فكرية جيدة ضمن شعار: لا يمكن لأي مشروع تنموي أن ينجح دون اعتناق “الفكر التنموي”، عبر وضع ” أردن المستقبل” فوق الاعتبارات.
يتطلب “الفكر التنموي” بناء الثقة المتبادلة وتنمية رأس المال الاجتماعي والثقافي، والابتعاد عن عقلية الإقصاء والاستقطاب والتخوين. إننا بحاجة إلى أردن الاعتدال والعدالة الاجتماعية، والحضارة والسياحة والفنون والإبداع والريادة. بإدارات كفؤة ونزيهة لمؤسسات التعليم والصحة والخدمات العامة ضمن نظام رقابي ومحاسبة رسمية واعلامية ومجتمعية صارم. وبمشاركة حقيقية للقطاع الخاص ضمن علاقات مسؤولة مع المجتمع والقطاع الحكومي في التشغيل ودفع الضرائب.
أما عن فرص العمل وبوابات التشغيل الحقيقية فأمامنا ثلاث بوابات أكيدة ومستدامة هي للعودة للاقتصاد الزراعي بكل ما يتضمن من صناعات تستقطب حاليا عمالة وافدة، برنامج حرفي مهني متطور عالي التدريب، وتطوير خطط الجامعات في تخريج كفاءات علمية جاهزة للسوق العالمي.
الشباب جانب مهم في خطط المستقبل التي لا تتضمن فقط حلول للبطالة والمشاركة السياسية بل يجب العودة لتفعيل المؤسسات الاجتماعية الثقافية الرياضية التي كانت يوما ما ممثلة بأندية شبابية نشطة تهدف لتحسين جودة الحياة وتمنح الشعور بالرضا والتقدير والسعادة.
المحافظات حلقة مهمة غائبة عن التنمية، والبلديات لا زالت قاصرة عن أدوار تنموية حقيقية في المجتمعات المحلية؛ حان الوقت في مئويتنا الثانية الانتقال لريادة المجالس البلدية في الخدمات إيجاد الاستثمارات ومشاريع تنموية حقيقية.
اذن نحن أمام خطط علمية تنموية يقودها الفكر التنوي ضمن منظومة سياسية اقتصادية اجتماعية كفوءة قادرة على صياغة تنمية شاملة حقيقية.
لم تكفي السطور السابقة للاجابة عن تساؤلاتي بل وضعتني في مواجهة تساؤلات أكثرز
شكرا لهذه المجموعة الطيبة الملهمة ومعا لبناء أردن جدير بأبنائه.
*رئيس قسم العلوم التربوية جامعة البترا