غازي ابوجنيب الفايز
بداية أود القول أنه من باب الأخلاق ومن باب اخراج الفعل السياسي من قلّة الأخلاق باعتباره عملًا إنسانيًا راقيًا, لن أخوض في الحالة الشخصية لاختيار بعض الاشخاص المشاركين في حوارات رئيس مجلس الاعيان حول الاصلاح في الاردن ، لكن من المناسب التذكير من ناحية الشكل ان بعض ممن شاركوا في الحوارات ليس لديهم الخبرة السياسية او الاهتمام بالعمل العام او انهم لايملكون قواعد شعبية ، وهي أمور ضرورية تؤهل أي فرد او حزب او جمعية المشاركة في أية حوارات متعلقة بمصير وطن ، وكان على قائد الحوار الوطني ان يدقق في أسماء الاشخاص المشاركين وتاريخهم وعملهم سابقا ولاحقا ،وهل تستحق المشاركة بهكذا فعل وطني أراد منه جلالة الملك ان يكون حواراُ وطنياً يُفضي لإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية تساهم بإخراج البلاد من ازماتها.
أعتقد أن جلالة الملك يريد شئ، ومن يقود الحوار كعادته يريد شيئاً آخر لا علاقة له بالإصلاح.
ومن ناحية المضمون فقد كانت هذه الحوارات كما صورها وعبر عنها امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي عندما قال “كنا مستمعين وليس مشاركين” وبالتالي تم إفقاد الحوارات من الإستفادة من خبرات شخصيات و تيارات سياسية وازنة واصحاب الرأي والمعرفة مما افقدها قيمتها المتوخاة من مثل هذا اللقاء الذي بحسب رئيس مجلس الاعيان كان يهدف الى اجراء حوار ولكن الواقع هو طرح افكار من قبله تُلقى على الحضور ليكون الجميع تحت وصاية افكار هي بالنسبة للبعض عاجزة عن قيادة حوار وطني بالمفهوم السياسي.
ومن هنا فانني ارى ان معالجة اجراء الحوار الوطني بين مكونات المجتمع السياسية يجب ان تقوم على الاستماع الى ما تطرحه هذه التيارات السياسية من برامج وخطط واستراتيجيات وهي لديها هذه البرامج ، وايضا دعوة النقابات لطرح ما لديها من برامج ، ودعوة الشخصيات الوطنية المستقلة لتقديم رؤيتهم وبرامجهم، من اصحاب الخبرة السياسية والاعلامة والنقابية من المؤثرين في المجتمع ولديهم قواعد شعبية حقيقية، وليس من” المنفوخين ” اصواتا وقواعد مزورة أملتها ظروف الانتخابات ايا كانت هذه الانتخابات.
ان هذه الخطوة هي استهلال غير موفق لبداية حوار عقيم لا استطيع وصفه إلا ” بحوار الطرشان ” فلا من يقود الحوار قادر على إيصال رؤية جلالة الملك ولا المشاركين بجلسات الحوار قادرين على بلورة أفكار و برامج وخطط إصلاحية تجعل قائد الوطن يقتنع بما يُطرح، فالاصلاح الذي يريده جلالة الملك هو في البداية من اجل وضع اللبنة الاولى لعنصر الثقة المفقودة بين الدولة بأجهزتها وبين المواطن من مختلف الاتجاهات والتيارات والمشارب الفكرية . فالخطوة الصحيحة يجب ان تكون البحث في تمحيص البرامج الاصلاحية التي تقدمها الاحزاب والقوى السياسية والنقابية والشخصيات الوطنية للوصول الى قاسم مشترك يُقدَّم فيما بعد الى جلالته على قاعدة انه خلاصة ما اتفق عليه المتحاورون من المشاركين في الحوارات التي يقودها رئيس المجلس او اية جهة اخرى .
اما النهج الذي اتبعه رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز في اجراء الحوارات لن يؤدي الى نتيجة ، وهو يدخل في باب الحوار العقيم الذي سيزيد الامور تأزيما ، وهذا ما عبرت عنه بعض الاحزاب بعد لقاءاتها معه ، عندما صرحوا بأنها جلسات ليست مخصصة للحوار وانما الى الاستماع لافكار يطرحها رئيس المجلس ، وبالتالي فأن ما نراه مناسبا ان يتم اعادة غربلة كل ما قام به اارئيس على اساس ان الاصلاح مصلحة وطنية تحمي الدولة وتحمي النظام وليس على قاعدة ان جهة تطرح افكارها وعلى الجميع تنفيذ بنودها، والتي ثبت عبر سنوات انها قاعدة بالية لم تقدم للوطن الا الخراب والدمار والفساد والافساد … فهل يسمع صانع القرار او اية جهة معنية الى ما يطالب به الشعب ويصب في مصلحة الوطن ؟…ام ان المسيرة ستبقى كما هي قائمة الان لا تصب الا في مصلحة المتنفذين الذين سعوا ويسعون الى توجيه كل مقدرات الوطن نحو مصالحهم الشخصية..!