وطنا اليوم:يسود صناع القرار في فرنسا ذهول قوي من الآفاق المقلقة التي أخذتها المقاطعة والإدانة السريعة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول الجدل القائم في ملف الإساءة الى الدين الإسلامي، وبالخصوص بعدما جاء التنديد من أنظمة معتدلة مثل الأردن والمغرب والكويت التي تعد من شركاء باريس سياسيا وتجاريا.
وكان الرئيس الفرنسي ماكرون قد بدأ الجدل بعدما قام وبشكل مفاجئ بإعلان محاربة “الانعزالية الإسلامية”، وخلق أجواء من التوتر، ووقعت العملية الإرهابية التي استهدفت أستاذا عرض في القسم رسوما مسيئة لنبي الإسلام. وبدل الرهان على الهدوء، قام ماكرون بتحدي الجميع والدفاع عن الرسوم الكاريكاتورية المسيئة.
وتوالت ردود الفعل، وإذا كانت تلك الصادرة عن الجماعات الإسلامية منتظرة وجزء كبير من الشعوب العربية والإسلامية بسبب مكانة الدين في حياتها، فلم تكن تنتظر باريس ردود فعل حكومات دول معتدلة.
وهكذا، المفاجأة التي أذهلت باريس ليس إقدام أنظمة مثل تركيا وإيران على التنديد بفرنسا في هذا الظرف العصيب بل صدور الاحتجاج عن حكومات معتدلة مثل الأردن والمغرب والكويت.
وكتبت جريدة “لوفيغارو” الفرنسية اليوم في مقال بعنوان “موجة مضادة لفرنسا تغزو العالم العربي”، “إذا كان الملك عبد الله قد شارك سنة 2015 في المسيرة في باريس ضد الإرهاب الذي استهدف شارلي إيبدو، فهذه المرة المملكة الأردنية الهاشمية أعربت عن قلقها من نشر الرسوم المسيئة لملياري مسلم والأماكن المقدسة”. وتناولت جريدة “فالور أكتييل” (القيم الحالية) وهي محافظة مسيحية كيف انضم المغرب بدوره الى الحملة وهو البلد المعتدل.
وترى “لوموند” في مقال لها اليوم بعنوان “انتقادات ونداءات للمقاطعة بعد تصريحات ماكرون حول الرسومات المسيئة للرسول محمد” أن هذه المرة صدرت المواقف التي تنتقد ماكرون عن تلك الدول التي نددت بالعملية الإرهابية التي ذهب ضحيتها الأستاذ سامويل باتي. واستعرضت مواقف دول حليفة لفرنسا ومعروفة بمحاربتها للتطرف وكيف هذه المرة تنتقد ماكرون بسبب تصريحاته وتعتبرها تصب في صالح المتطرفين الذين يستغلونها لتعزيز خطابهم العدائي ضد الغرب وضد الأنظمة العربية والإسلامية المعتدلة.
وكتب المفكر بنجامين بارث اليوم في جريدة “لوموند” في وصفه لوضع فرنسا في العالم العربي مستشهدا بمطعم فرنسي شهير في العاصمة القطرية الدوحة “الطبخ الفرنسي بدون مواد فرنسية”، قائلا “تدخل الى المطعم الذي يحمل علامة فرنسا ويقدم الأطباق الفرنسية الفاخرة لكن لا تجد الأكلات الفرنسية لأنه جرى سحبها بسبب المقاطعة”.
ومن خلال النقاشات الدائرة في القنوات الإخبارية مثل إلـ” سي إي” و”بي إم تي في” يتساءل أكثر من محلل كيف وصلت فرنسا الى هذا الوضع بعدما كانت ضحية الإرهاب والآن أصبحت مركزا لانتقادات المسلمين في العالم الإسلامي وفي دول معتدلة.