وطنا اليوم:كتب: عبدالهادي راجي المجالي
حين ينسحب أحدهم من لقاء تلفزيوني, بسبب وجود إسرائيلي فيه.. تضج المواقع الإخبارية وصفحات «الفيس بوك», بتمجيد هذا الفعل.. ورفض التطبيع.. وربما يتصدر الخبر صفحات المواقع, وأخبار «الفيس بوك».. ويشيد الشعب بهذا العمل, لا بل تخرج تحيات وبطاقات تأييد.. بالمقابل ماذا يحدث في إسرائيل؟ لاشيء.. لا تكتب الصحافة الإسرائيلية: أن عربياً انسحب وعلى الهواء مباشرة, لوجود ضيف إسرائيلي.. والخارجية الإسرائيلية لاترسل احتجاجاً لخارجيتنا, والأمر الأكثر خطورة في المشهد أن الجمهور الإسرائيلي لايتابع أصلا وسائل الإعلام العربية, والأمر الأكثر سخرية من كل ذلك أن الضيف الإسرائيلي.. الموجود على الشاشة يبتهج, لأنه في النهاية غير معني بانسحاب ضيف أو بقائه.. هو معني بتقديم وجهة نظر إسرائيل للعالم والدفاع عنها..
في الإعلام الإنسحاب من أمام إسرائيلي, لايعني أنك انتصرت.. والبقاء معه لايعني أنك مارست التطبيع وقبلت به, تلك نظرية عفا عليها الزمن.. ولكن المنطق يقول أن تبقى على الشاشة.. وتختم اللقاء ببصقة في وجهه, أن تعريه تماما.. وتسقطه, هذا ما يخشاه الإسرائيلي.. هو يخشى أن يعرى أمام الناس.. ويخشى أن يهان ويخشى أن يوصف بالنازي والمحتل والعنصري..
في مفاوضات مدريد عام (1991) لم ينسحب فاروق الشرع من اللقاء, حين تحدث (شامير) وكال الاتهامات لسوريا, بل مزق الخطاب المعد مسبقا وخرج على المنصة.. وقام بتعرية شامير تماما, وأخرج صورته وهو شاب.. وكيف كان مطلوبا للإستعمار الإنجليزي بجرائم حرب وقتل, يومها أقر العالم كله بهزيمة الوفد الإسرائيلي.. و اندحار حجتهم ومنطقهم, كان خطاب فاروق الشرع السبب الرئيسي في سقوط (شامير) ومجيء رابين لسدة الحكم في إسرائيل. القتال مع إسرائيل, لا يقتصر على الميادين فقط.. شاشات التلفزة فيها قتال.. ولو عدنا لحرب غزة, وشاهدنا قادة المقاومة الفلسطينية عام (2008).. وكيف أبدعوا في توظيف شاشات الإعلام, لفضح الجرائم الإسرائيلية ولإسكات قادتهم السياسيين والعسكريين لأدركنا أن القتال ليس بالبندقية والمدفع بل له اشكال وأصناف..
للأسف كل من ينسحب من لقاء تلفزيوني صار بطلاً, ونحن بطولاتنا بسيطة.. اختصرناها, في الانسحاب من لقاء تلفزيوني.. وحرق العلم الإسرائيلي, والشتم على «الفيس بوك»..
إن وصف إسرائيلي على شاشة تلفزيون عالمية (بالنازي) أو (الفاشي).. هي بحد ذاتها قادرة على أن تقض مضاجعهم, وتقلب كيانهم رأسا على عقب.. فقط راقبوا المقاومة الفلسطينية, وقيادات فتح والجبهة.. راقبوا أهلنا في فلسطين, كيف يوظفون الشاشات لساحات معارك حقيقية وينتصرون فيها وفي الميادين..
العلة ليست في الأخ المنسحب من اللقاء, ولكن العلة في إعلامنا الذي ينتج من حالة عابرة بطولة.. ونحن نصدق أن الحالة العابرة صارت بطولة.
abdelhadi18@yahoo.com
الرأي