بقلم الدكتور ذوقان عبيدات
خبير تربوي
أعجبني هذا المصطلح، ففي الوقت الذي رفع فيه الدعم عن الخبز، وعن المحروقات وعن كل ما كان مدعوما، بدأنا نشاهد دعما جديدا ومن نوع جديد، هو دعم الذكاء!!
فمن الذي يحتاج دعما ذكائيا؟.
كنا نقرأ في الفلسفة أن هناك علاقة عكسية بين الذكاء وبين الحصول على المناصب، حيث ترتفع المكانة الوظيفية بارتفاع الغباء.
وفي التاريخ العربي القديم أمثلة عديدة لمسؤولين تقلدوا الحكم دون درجة ولو محدودة من الذكاء!! وفي الحياة الحاضرة، شاهدنا محليا وعربيا وعالميا مسؤولين بذكاء متواضع، طبعا لا يمارس المسؤول قليل الذكاء مسؤوليات بنفس درجة ذكائه، بل بذكاء مدعوم!! فما الذكاء المدعوم ؟ وما الدعم ؟ ما مصادره؟ ولماذا؟
لنعترف أولا، أن أصحاب الذكاء العالمي لا يصلحون لوظائف الدولة، ولنقل إن فرصهم محدودة حتى في القطاع الخاص!! ولذلك يستبعدون ويتعرضون لكل عوامل الإحباط من تشكيك، وتهم وتوريط…. الخ.
إذن تبقى الفرصة واسعة لأصحاب الذكاء القليل. فكيف يتصرف هؤلاء!!
إنهم يبحثون عن الدعم، دعم ذكائهم. وأشكال الدعم هي الحماية العليا ممن يمتلكون سلطة قوية، ثم يبدأ الدعم من خلال تهيئة البيئة المناسبة، فالفساد ذكاء مدعوم، أو داعم لقليلي الذكاء، وغياب القانون هو دعم للذكاء المحدود، وانحراف القرار، والعشيرة، والمحاصصة، والكوتا، والحماية كلها دعم لقليلي الذكاء.
كان رفع الدعم عن الخبز وغيره مأمونا، فلم يسقط الرغيف، صحيح أنه تضعضع وتغيرت نكهته، وزادت أسعاره، وقل وزنه، ونقص حجمه، لكنه ما زال مطلوبا!! فماذا لو تم رفع الدعم عن الذكاء المحدود؟ ومن يجرؤ على رفع الدعم عن الذكاء؟
الذكاء المحدود بالأصل هو قليل، ولو رفعنا عنه الدعم هل سيصمد كما صمد الرغيف؟ في الغالب، لست متفائلا برفع الدعم عن الذكاء، بل أرى أن الاتجاه السائد هو زيادة الدعم للذكاء المحدود، وسنرى مستقبلا مزيدا من دعم الغباء، ومن تسيّد قليلي الذكاء!!.
هذه ليست خواطر من ذكي، بل دراسة لواقع ترى فيه – دون حاجة لاختبار ذكاء- غير الأذكياء، يتقدمون الصفوف!!
وأخيرا، إن رفع الدعم عن محتاجيه سيؤدي إلى فرص متكافئة وعدالة ومساواة، وهذه قيم غير مدعومة أصلا!!.
لو دعمنا ذكاءهم بذكاء اصطناعي ، هل سيرفع ذلك من مقدار ما يمتلكون من ذكاء؟