وطنا اليوم-أثار بوست نشره النائب السابق عسّاف الشوبكي على صفحته في فيسبوك جدلاً واسعاً حول صفقة شراء مؤسسة الضمان الاجتماعي نحو 56 ألف دونم من أراضي مشروع “مدينة عمّرة” التي تقع ضمن أملاك خزينة الدولة. فقد طرح الشوبكي سلسلة من الأسئلة الجوهرية التي ما تزال دون إجابات رسمية واضحة، أسئلة تطال جوهر إدارة أموال الضمان، وحق الحكومة في بيع أراضي الخزينة، والبعد الاجتماعي لهذه الأراضي التي ترتبط تاريخياً بعشائر محلية.
من باع لمن؟ ولماذا؟
يشير الشوبكي في منشوره إلى أن صفقة البيع تمت بين جهتين حكوميتين: الحكومة من جهة، وصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي من جهة أخرى. وهذا ما يدفع إلى التساؤل:
إذا كانت الأرض مملوكة للخزينة، فكيف ولماذا تم بيعها لصندوق الضمان؟ وهل ثمة فائدة مالية حقيقية من تحريك أصول الدولة على هذا النحو؟
الأسئلة تمتد أيضاً إلى السعر الذي دُفع، والجهة المستفيدة فعلياً، وأسباب عدم تقديم أي توضيح للرأي العام حتى اللحظة.
هل للحكومة الحق في بيع أراضي الخزينة؟
ما أثاره الشوبكي يعيد فتح ملف قانوني حساس: إلى أي مدى تستطيع الحكومة التصرف بأراضي خزينة قد ترتبط بحقوق تاريخية للعشائر؟ وما هي المعايير أو الإجراءات التي يجب اتباعها قبل إتمام أي عملية بيع من هذا النوع؟الصمت الرسمي يزيد القلق الشعبي، خصوصاً في ظل غياب أي دراسة معلنة توضح الجدوى أو المصلحة الوطنية من نقل ملكية هذه المساحة الضخمة.
ماذا سيفعل الضمان بهذه الأراضي؟
السؤال الأبرز الذي طرحه الشوبكي، ويشاركه فيه آلاف الأردنيين، هو:
ما خطط الضمان الاجتماعي لشراء 56 ألف دونم؟
هل سيتم تطويرها ضمن المشروع المعلن؟ هل ستباع لاحقاً لمستثمرين؟ هل ستعود الحكومة لشرائها؟ أم أنها مجرد عملية نقل أصول بين مؤسسات الدولة من دون رؤية واضحة؟
هذه الأسئلة لا تتعلق فقط بالإدارة المالية، بل بمستقبل أموال المتقاعدين، الذين يُفترض أن تُدار مدخراتهم بحكمة واستثمارات محسوبة لا بمشاريع غير مكتملة أو غامضة.
الحقوق العشائرية… عقدة إضافية في المشهد
أبرز ما جاء في بوست الشوبكي أن بعض عشائر بني صخر والبلقاوية تؤكد أن هذه الأراضي هي واجهات عشائرية ومراعي أجدادهم التي تأخر تفويضها لعقود.
هذا البعد الاجتماعي يضع صفقة الضمان في منطقة حساسة، إذ لا يمكن تجاهل مطالب السكان المحليين ولا وزنهم التاريخي في المنطقة.
فهل تمت دراسة هذا الجانب قبل إتمام البيع؟ وهل جرت مشاورات حقيقية؟
عدم الإجابة يفتح الباب لتأويلات وتوترات يمكن تجنبها بالوضوح والشفافية.
غياب الرواية الرسمية… أصل المشكلة
الأسئلة التي طرحها الشوبكي ليست اتهامات، ولا هي محاولة للتصعيد، بل هي مطالبة بحقائق يفترض أن تقدّم قبل إتمام أي مشروع بحجم مدينة جديدة.
غياب المعلومات المتعلقة بقيمة الصفقة، تقييم سعر الدونم، الوضع القانوني للأرض، وجدوى المشروع، جميعها عناصر تجعل الرأي العام في حالة ارتياب.
أموال الأردنيين ليست مجالاً للتجريب
المسألة تتجاوز صفقة بيع وشراء، فهي تمسّ صلب الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة.
وما لم تُقدّم الحكومة وصندوق الضمان بياناً واضحاً ومتكاملاً يجيب عن الأسئلة التي فجّرها بوست الشوبكي، ستظل القضية مفتوحة على مزيد من التساؤلات والانتقادات، وربما على احتقان اجتماعي يمكن تجنبه بسهولة عبر مكاشفة شفافة.






