بقلم فايزة عبد الكربم الفالح
في نظرة تأمّلية، قلّبت صفحات الشغف، أمعنتُ النظر طويلاً في الكتب المتراكمة فوق بعضها على طاولتي الصغيرة . ثمّة على أقصى اليمين مُسوّدة لنصٍّ قد كتبتهُ وأسميتهُ “الجذور” أخذني هذا الاسم بعيداً ، حملني معه على جناح مُخيلتي شرقاً غرباً ، شمالاً وجنوباً. أبحث عن معناه في قاموس الحياة ، علّني أعثر عليه بين خيوط مهابة عباءة الزمن ، أو ربما بين أثافي التاريخ حيث مكارم الأبجديّة ،يمدّ القلم ظلاله إلى لفائف الأوراق ، يريد أن يُنجب مِدادَه من الطهر . مِداداً يتدفّق بلا انقطاع ؛ حاملاً معه حكايات الماضي ، وقصص العاشقين ، وسِيَر الأولين ، واقفاً عند فواصل الجُمل ما بين عالمٍ ساحر ، وآخرَ ساخر …! . ومن حيث ليل الأبديّة يمدّ القمر ضوءه إلى الأرض ، بلهفة الغائب العائد لحبيبته يعانق ضوؤه كلّ الجذور الضاربة في الوجود ؛ يجري في أنسجتها حتّى أعلى فروعها ؛ حاملاً معه إلى الفضاء وتراً يغنّي ؛ من أجل “الخبز والحريّة” كتبَ قلم الكاتب الصُحفي البرلمانيّ الأردنيّ الممتدّ من الجذور ، السابح قلمه في مجرّات الأكوان والأزمان ” فخري أنيس نجيب قعوار” .
من الرمال نبت قبس من نور …
جال الصَّبا هواه ، وبلغ الرشد صِباه ، اكتسب المعرفة من سوق التجارب ، وإن لم يحقّق في العلم مُناه ، اعتمد بكدّ الرزق على يُمناه ، فلح الأرض وروى سنابل القمح والشعير من ندى مُحيّاه ؛ غير أنّ الشابّ ” أنيس قعوار” حاله حال الشباب آنذاك .من حيث شَرَعَ بابه للزواج ؛ فُتحت عليه أبواب المسؤولية . ومن أراد الرزق الحلال؛ عليه أن يسير في الأرض ويبحث في مناكبها . وها أمّ المجرّة تنادي : ودّع قريتك “الفحيص” ولا تهجرها، وسِر إلى صحرائي وأسرج قدميك ، والقِ التحيّة على “المفرق” ؛ لتصلَ إلى أقصى شرق “الأردن” حيث بلدة “الإجفور” /الرويشد” واسلك يدك في جيبها فمنها معاشك . ما إن أثّث “أنيس” وزوجه “جميلة الشعيني السميرات” عشّهما فيها ، حتى جاءت له البشرى عام ( ١٩٤٥)حين عقدت الدايّة سرّ الوليد الجديد بحبل الحياة . وما إن سقطت جدعة الحبل السرّي منه حتّى أنغرست في أعماق رمال الصحراء ونبتَ منها الكاتب الصُّحفي البرلمانيّ “فخري قعوار ” فكان قبساً من نور .
شيّ ما ينمو معي ..
ينأى الليل عن خيمة الظلام بعيداً … يقول : ثمّة ضوء ينمو في داخلي… تهمس الرمال لكثبانها : وأنا كذلك هناك سرٌّ في داخلي … كذلك تقول أمّ “فخري” : وأنا مثلكما يوجد ما ينمو معي ولأجلي . لكنّي سأرحل صباح غدٍ ؛ تاركة لِلَيل العذارى صدى صوتي ، مُبقِيَة تحت الرمال جزءاً منّي… من “الإجفور” إلى “المفرق” حيث مكان جديد يجمعنا فيه ، أنا و “أنيس” وصغاري “فخري ، عاطف ، وفكري” ؛ فقد بتنا على جناح الرحيل نتقلّب . يبدو أن “أنيس” مثل الوقت ما إن يدخل بوتقة الزمان حتّى يخرج منها …! حزم قراره أن يعود وعائلته بعد ثمانِ سنين إلى مرتع الصِّبا بلدته “الفحيص” حيث حرث وزرع الأرض فحصدها . وما أشهى رغيف خبز صاج أمّ “فخري” كلّ صباح . كأنّها تخبز كفّها حناناً ؛ فرِحة تودّع طفليها “فخري” و “وعاطف” في أوّل يوم لهما في المدرسة ، وبشوق تنتظر عودتهما . توافدت الأعوام والسنين على “أنيس” وعائلته التي كلّما كثُرت ضاق العيش ؛ وإن كان في البساطة مُتسعاً . إلا أن جناح السفر حمله هذه المرّة أبعد من كلّ مرّة ؛ إلى دولة “قطر” ليعمل في التنقيب ؛ ليعود منها بعد سنتين . ما إن استراح “أنيس” حتّى حملته جناحيه إلى “الرويشد” حيث البدايات ؛ ليعمل في مستودعات التموين التابعة لشركة (التاب لاين) ، ثم أصبح أمين مستودع لها في “المفرق” فاستقر عمله آخيرا ، بعد ترحال وترحال … غير أنّ شيئاً ما بقي ينمو معه أيضاً .
ضفيرة شَعرٍ … من شِعرٍ …
على مرآة العمر تجدل ضفيرتها أمّ “فخري” وتُسرِّح شَعر الحزمة من أبنائها وبناتها على نشيد شعرٍ قد حفظته من الجدّات . وعين الماء تدمع فرحاً وسخاءً في جرّة أمّ “فخري” وفي قِراب وجِرار رفيقاتها من نساء القرّية ، تهتزّ عين الماء على خريرها طرباً ؛ حينما يلثم فمها أبريق الشاي الذي يحمله الصغير “فخري”. والبيت العتيق يفيض حناناً من رحيق ، حجرتان تتعاضدان بالصمود على الزمان ، الكبيرة منهما قنطرتها تنحني تواضعاً لهيبة المكان ، عمودانها الحجريّان يحمِلان عقدة السقف كما ابنان بارّان بأمهما . كانت حجرة بحجم القصر بعين فخري وأشقّائه ، هي المتسع لأحلام الطفولة ، للحبّ واللعب ، بها سباتهم ومعاشهم . وكم كانت شهيّة واجبات دروسهم التي يكتبونها كلّ مساء على ضوء البلّورة . وها هي الحجرة الأخت شاهدة على التعليلة التي كانت تدعو أمّ “فخري” القريّة إليها ؛ ابتهاجاً بقدوم أبي أولادها ” من المفرق . مرّت الأعوام مسرعة ، والصغير “فخري” يعانق رؤاه ، “فخري”ابن الإثنا عشر ربيعاً ؛ ما زال فارداً كفّه الأيمن يُراود ضفيرة أمّه حُلُماَ أبديّاً ، وكفّه الأيسر قابضاً على الذكرى من سوط ذنب الفيل المجدول ؛ كُلّما قصّرَ في واجباته المدرسيّة . وما بين هذا وذاك قد قَوِيَ عوده ، أخضرّت أغصانه وأينعت ثماره .
“فخري” … والدواة … والقرطاس
لا غَروَ في الممكن ؛ إذما تملّكت الهِيبات شخوصاً غير عاديين ، وإذما طوّعَ اللين الصعاب من أجلها ، إذ لا بدّ أن تتجلّى معالم التميّز على ملامح المُشتهى . وها هي قد بانت ملامح شخصيّة الكاتب “قعوار” ؛ فأبت إلا الظهور وهو على المقاعد الدراسيّة الإعدادية في مدرسة “المعارف” في “المفرق” حيث نال شهادة المترك منها بتفوّق . وإذما كتبَ الكلمات خطّطها ، وكأنه يزخرف من ألوان الشفق ملحمة غَجريّة ، قاطفاً من الخط العربي العتيق إحساسه الرقيق ، عبارات ترحيبيّة على يافطات إبتهاجاً بقدوم الملك “الحسين بن طلال” إلى المفرق ، فامتزج ندى جبينه وعَرَق يديه وانسكبا في محبرته ؛ فكان عمله يستحق المُكافأة ستة دنانير تقديراً لجهوده . وها سحاب قلمه يغدق بسخاء على أوراقه الكريمة البيضاء ، فسالت سطوره حتّى أمتلأت خزائن دفاتره بأوّل قصّة له ، وما أجمل بِكرُ البدايات ! فقام بإرسال أولى قصصه “حزن ثلاثة رجال” بالبريد إلى الإذاعة ؛ وبكلّ شغف العاشقين وقف الكاتب الفتى “فخري” على باب اللهفة منتظراً سماع قصّته ، فكان على موعدٍ مع مساءٍ عذب ؛ حين غرّد المذيع بقراءتها ؛ وما أجمل أن تُثمّن وتُقدَّر الأقلام الواعدة منذ نشأتها ، فازت قصّته بالمرتبة الأولى . نعم . المحسوسٍ و الملموس يكبران بالحبّ والعطاء ؛ حيث زاد شغف “فخري” بقراءة الكتب ، والدّواوين ، والرّوايات . وكلّما قرأ أكثر تولّعَ هُياماً بالكتابة ؛ وإذ به ينشر أوّل مجموعة قصصيّة في عام ١٩٦٣ م ، ثم تتالت قصصه انتشاراً في المجلات العربية: “القصة المصرية” “الأديب اللبنانية”، و”الأفق الجديد المقدسية”. نشر في صحف: “الجهاد”، “الدفاع”، “فلسطين”، و”المنار” . وإذ بالنجوم تُسرّح خُصلات الليل ، والكاتب القاصّ “فخري قعوار” يهمس في أذن القمر : أنا ، ودواتي ، وقرطاسي .
من الزرقاء.. إلى القدس …
لكلّ منهج في الحياة رسالة ، ولكلّ رسالة عنوان ، و الأولويات تتبع منهجها ، والأيام لا تحيد عن المُضي في مجرّة الأزمان، كذلك أهل المسؤولية لا يحيدون عن حملها مهما تعاقبت عليهم وعثاء الترحال ؛ ثمّة رسالة عليهم صياغتها . عنوانها : رؤاهم في رعاياهم … وها أمّ الرسالة تمضي ب “فخري” وأشقائه إلى مدينة “الزرقاء” من أجل تحقيق الأمل بهم لإكمال المرحلة الثانويّة فيها . وما إن أتمّ “فخري” الصّفّ الأول ثانوي ؛ و برغبة منه قرّر الذهاب إلى “القدس” لإتمام الثانوية العامّة “التوجيهي” في المدرسة الإبراهيميّة المصريّة . سافر “فخري” مُحمّلاً بطموحه ، ورجاء أبويه كان فيه أكبر . ولكن هل تطيق الأمّ فراقاً …؟! . يا لَوحشة الغياب ! وفي الغياب ما برح طيفه ماثلاً ! . ويا لَحرقة الأمّ عند كلّ وجبة طعام تعدّها ولم يأكل منها ولدها “فخري”. وذات مساء طرَحَتْ على ابنها “فكري” : ترى ماذا لو طبخت لأخيك الأكلة التي يُحبّها ، هل توصلها له …؟! . قال : بلى . بلى ، وحمل الطعام ساخناً ، ومضى به من الزرقاء إلى عمان فالقدس العربيّة ، والفرحة تسبقه… وصلَ … فسأل “فخري” أخاه في دهشة : ما الذي جاء بكَ …؟! قال “فكري”: صينيّة الدجاج . وبعد أن أنهى دراسته عام ١٩٦٤ م عاد والنجاح والفخر حليفاه ، ورؤاه والمدى والأفق تسابقه إلى “مصر ” أمّ الدنيا” .
الإرادة تصنع الريادة…
إنّ للطموح نجماً يَهدي دروب السابلين إليه ، أبواب سمائهم مشرعة للنور؛ لا يكدّر صفوها عجاج المستحيل . ثمّة رغبة ينشدها “فخري” منذ درّ قلمه على دفاتر الأيام صافي المِداد ، وفُطِمَ عليه عشقه للكتابة. شَغَلَهُ حبّ اللغة العربيّة وأدابها عن كلّ شيء ، راودها بالسرّ والعلن ، وراودته هي نهاراً جهارا ، فكانت هي السيدة الأولى التي عشقها بعد حبّه الأزلي لأمّه، وهُيامه السرمديّ بزوجته سيدة قلبه … وها هو يحمل نفسه وحقيبة سفره ؛ قاصداً “مصر” حيث جامعة “عين شمس” ، ولكن شاءت الأقدار أن يُقبَلَ بكلّيّة الحقوق لا بكلّيّة الأداب ؛ هو العشق بأيّة حال دروبه شائكة ، ولا يصل العاشق لحبيبته إلا بشقّ النفس … نعم . ما كان أمامه إلا أن يَدرس الحقوق ؛ ولكن بعد سنتين ما بين رغبةٍ وعدم رضى عاد من “مصر” إلى “عمان”؛ ليكون عشقه للأدب العربيّ حكاية يقصّها من بين دفتيّ كتاب منهاج اللغة العربية على طلّابه في مدارس “الزرقاء” . وإذ به لم يكتفِ أن يبقى عشقه في قلبه فقط ؛ إصراره للوصول إليه جعله ينتسب لجامعة “بيروت العربيّة” مُحقّقاً مراده بالوصول إلي حبيبته ، مشهراً فرحه بحصوله على درجة (الليسانس) في اللغة العربية وأدابها . وإذ بالإرادة تصنع الريادة.
في نهر عينيكِ عُمِّدْتُ… ومنه ارتويت…
“فخري” العملة الصعبة في زمن الحبّ والحرب ؛ لابد من سلام يلوذ إليه ، وقلب يكون سكناً له ، ويد تمسح عن ملامح وجهه عجاج السنين ، وقوة تدفعه إلى المُضي قُدما ؛ إذا ما ثقُلت على كاهليّه ظروف الحياة . “سحر قموه”… ينظر إليها ملء عينيه ، شريكة عمر ، رفيقة طريق ، حبيبة سرمديّة . المحرّك الأساس لبيتها وعائلتها الصغيرة ، مُقبِلة غير مُدبِرة ، كفرس أصيل في ساحة الحياة . متمّمة لكلّ شيء في حياة زوجها ، وفلذّات أكبادهما : “أنيس” ، “أميمة” ،” مجد” و”بهاء” . يدٌ تربِت عليهم ، ويدٌ تداعب بها حلمها ؛ فكانت المربّية الفاضلة الحاصلة على الشهادة العليا… متقلّدة مناصب ذات قيمة نوعيّة ؛ فخدمت المجتمع المحلّي ، ورعت المرأة والأسرة ، وأولت اهتماما كبيراً للطفل بشكل خاص . السيدة “سحر قموه” وطن ومنفى ، كما كان يراها “فخري” بعين الكاتب والأديب ، وبقلب الزوج المُحبّ وبفكر الرجل المُتقدّم. نعم . و بصوت قلبه أخبر الأكوان : في نهر عينيكِ عُمّدتُ ، ومنه ارتويتُ .
من حيث كان فَصلُ الخطاب ، غُلّقَت الأبواب.
حين يُفطَم المرء على فطرته الإنسانيّة السليمة ، وتُروى جذوره بماء المبادئ الزلال ، يجد نفسه أمام خيارٍ واحد لا ثاني له ؛ أن يظلّ يقاوم من أجل مبادئه ، ومن أجل الكلمة الصادقة ، وإن كان الثمن باهظاً . فقد فُصِلَ من أوّل مدرسة ثانويّة درّسَ فيها في الزرقاء . وما إن لملمَ أوراقه مجدداً حتّى تمّ قبوله معلماً للغة العربية في مدرسة أخرى ؛ ليحلّ مكان العلّامة الأردني “روكس العزيزي” بعد أن أُحِيلَ على التقاعد … ثم فُصِلَ “فخري” للمرّة الثانية . ولكنّه لم يألُ في خوض التربيّة التعلميّة ، فأصبح معلماً للغة العربية من جديد ، في أحدِ المدارس في منطقة الشميساني”عمان”. وعلى نفس الوتيرة سارَ بمبادئه ، ليجد نفسه مفصولاً للمرّة الثالثة ؛ بسبب مقالاته الناقدة المُفنّدة التي كان يكتبها في الصحف الأردنيّة آنذاك . نعم . وإن أكلَتْ المبادئ من كفّ حاملها يبقى كفه سخيّاً بالعطاء ؛ وإن فرغت جيوبه من دراهم معدودة…! .
ثمّ …
تعاقبت الفصول الخريفيّة والصيفيّة على الكاتب الأردني “فخري قعوار” ؛ إلا أنّ ربيع قلمه ظلّ مزهراً بالمِداد الضاري الصادق على صفحات جريدة الرأي الأردنيّة ، ينثر فتات الواقع عليها من خلال زاويته فيها “شيء ما” ولمّا جاء الحق ليزهق الباطل ، كتبَ مقالته “عمان في القلب” والتي أعيت مَن أستعصى على غيره خَدْشَ حيائهم . حيث تم فصله على إثرها من وظيفته في العلاقات العامّة في جامعة “اليرموك” في بداية تأسيسها عام (١٩٧٧)م . قراراً صادراً من رئيس الوزراء الأردني آنذاك . ولو لم تكن “عمان” في القلب لما كتبَ “فخري قعوار” ، ولما رضيت أم “محمد” بأرجل الدجاج لتكون إداماً فاخراً لعائلتها… ولما تَنَعَّمتْ مدام “اكس” على حساب فتات خبز المُعَثّرين…! ولما غَنّتْ “فيروز” من قلبها “عمان في القلب”. ولو لم تكن “عمان” كذلك لما كان فَصل الخطاب عند “فخري قعوار” ؛ ولما فُصِلَ وغُلِّقَ بوجهه كلِّ باب …! .
لا مبدأ على رّفٍ بعيد … ولا حرّ يباع كالعبيد
إذما أراد الكاتب أن يكون مثقفاً ، مُلمّاً ، عميقاً ، مُتفتّحاً ، مفتوناً بفكرة العدالة والتقدّم ؛ عليه أن يكونَ قارئاً مُتمعّناً مُتمَحّصاً بثراء شديد . وإذما أراد أن يكونَ مُختلفاً ؛ عليه أن ينطلق من جذور وواقع مَن حوله ، يُمَثِّلُ همّهم والهمّ الانساني العام . وهذا ما كان عليه الكاتب الصُحفي “فخري قعوار”؛ حينما أطلّ على الناس البسطاء من زاوية “نافذة” باسم مستعار هو “نزيه” بمعناه الدلالي و الجوهري . حيث كتبَ بهذا الاسم لمدة أربعة أعوام (١٩٧٥_ ١٩٧٨) في جريدة “الرأي” تناول من خلال زاويته (نافذة) هموم الناس الجارحة…! كما وعمل محرراً ثقافيّاً ، وكتب الكثير من التحقيقات الصحفيّة غطّى بها جميع المحافظات الأردنيّة . قلمه يكتب ولا تأخذه بالحق لومة لائم ، وعدسة المصوّر “يوسف علّان” تؤازره بالحقيقة . ولطالما كانت الحقيقة موجعة لا يتحمّلها بعض المسؤولين ؛ ليجد الكاتب الصُحفيّ “قعوار” نفسه قد فُصِلَ من جريدة “الرأي” عام (١٩٧٨) . وإذ بجريدة “الأخبار” تفتح أبوابها له على مصراعيها ؛ حاملاً زاويته “شيء ما” ليكتبَ فيها باسمه الصريح . وفي عام (١٩٨١) عاد يكتب في جريدة “الرأي” مجدداً ، وعادت زاويته معه يكتب فيها حتّى عام (١٩٨٨) ، وكأن لسان قلمه يقول : ازرع يا زارع القصب ، تُراك لم تحسبْ لحشرة السوس حِساب …! . وإذ بالكاتب ” فخري قعوار” يتلقّى كتاب فصله مرّة أخرى من جريدة “الرأي” ؛ “إثر الإجراءات التي اتخذتها لجنة الأمن الاقتصادي الصادرة في ٢٤ /٨/ ١٩٨٨ . وإذ بالعلّامة الأردنيّ الإنسان “روكس العزيزي” يتألم من حيث تألم الكاتب الأردنيّ الإنسان “فخري قعوار” ، وكتب له مالم يكتب لكاتب غيره ، كتبَ “روكس العزيزي” بوجع كلّ أردنّي شريف ، وبحرقة كلّ إنسان شفيف .








