بقلم: فارس حباشنة
كلما وصلتني رسائل من أصدقاء يسألون عن ارتفاع أسعار الكنافة، أبتسم بمرارة. فالقضية – في رأيي – لا تكمن في ثمن الكنافة، بل في خطرها الصحي الفادح الذي لا يتحدث عنه أحد. نحن لا ندفع أموالنا مقابل حلوى، بل – للأسف – مقابل ما يُهدد أجسادنا بصمت.
منذ عشر سنوات قررتُ مقاطعة الكنافة وكل ما يشبهها من الحلويات، قرار لم يكن انفعالًا ولا ترفًا، بل قناعة مبنية على حقائق صادمة سمعتها من صديق كان مديرًا في أحد أشهر محالّ الكنافة في عمّان. هذا الصديق ترك العمل بدافع ديني وأخلاقي بحت، بعدما عجز عن الاستمرار في المشاركة بصناعة منتج يعلم تمامًا أنه يُطعم الناس السمّ الأبيض مغلفًا بالسكر.
قال لي يومها:
“الكنافة التي يأكلها الناس ليست كما يتصورون… تُصنع من أردأ أنواع الأجبان، تُخلط بزيوت مهدرجة فاسدة، وتُغطى بطبقة سكر كثيفة تخفي تحتها كل العيوب.”
هل تعلمون ماذا يعني الزيت المهدرج؟
إنه عدو القلب والشرايين الأول، يرفع الكوليسترول ويزيد احتمالات الجلطات والسمنة وأمراض الكبد. أما الأجبان التي تُستخدم في معظم محالّ الحلويات، فالكثير منها منتهي الصلاحية أو مُعاد تدويرها بطرق مريبة، لتوفير الكلفة وتحقيق الربح.
المفارقة أن الناس يفرحون بالكنافة كرمزٍ للفرح والمناسبات، بينما هي – للأسف – رمز خفيّ للتدهور الصحي الجماعي. الكنافة ليست فقط سعرًا مرتفعًا، بل عبء صحي باهظ يدفعه الجسد لاحقًا على شكل أمراض مزمنة.
إنني أدعو، من باب المسؤولية الصحية والأخلاقية، إلى مقاطعة الكنافة. ليس من أجل أسعارها، بل من أجل سلامة أجسادنا وأطفالنا. دعونا نُعيد التفكير في ثقافة الأكل المفرط بالسكر والدهون والزيوت الفاسدة. فليس كل ما يُبهج العين لذيذًا للقلب، ولا كل ما يُذيب اللسان حلوًا، يبقى كذلك حين يصل إلى الشرايين.
الكنافة اليوم، في كثير من محالّها، أخطر من السيجارة، لأنها تُمارس خداعًا ناعمًا باسم الفرح.
سلامتكم… أغلى من كل حلوى.