لا تدعوا الفكرة تضيع!..ردا على منتقدي وزير الداخلية

دقيقة واحدة ago
لا تدعوا الفكرة تضيع!..ردا على منتقدي وزير الداخلية

بقلم: د. قاسم العمرو

في زحمة المواقف والانفعالات، وفي خضم الجدل الدائر بين مؤيد ومعارض لمبادرة وزير الداخلية مازن الفراية للحد من مظاهر التبديد في المال والوقت، يجب أن لا تضيع الفكرة الأساسية وسط الضجيج. فالمسألة ليست في شخص الوزير أو في توقيت الحديث عنها، بل في جوهر الفكرة التي تمسّ صميم الوعي المجتمعي والسلوك اليومي في حياتنا العامة.

لقد تحولت بعض المناسبات الاجتماعية إلى سباق مفتوح في البذخ والمظاهر، وكأن القيمة تُقاس بما يُنفق لا بما يُعبّر عن أصالة المجتمع وتكافله. إننا أمام نزيف حقيقي، ليس فقط في المال، بل في الوقت والطاقة والموارد. نزيف يكرّس الفجوة الطبقية بين القادرين والفقراء، ويُعمّق الإحساس باللاعدالة في مجتمعٍ يرزح تحت ضغوط اقتصادية ومعيشية متزايدة.

إن المبادرة التي أطلقها الفراية، سواء اتفقنا أو اختلفنا حولها فهي تفتح بابًا لنقاش وطني أوسع حول ضرورة ترشيد الإنفاق وضبط العادات الاجتماعية التي تجاوزت حدود المعقول. فليس من المنطق أن تُهدر آلاف الدنانير في مظاهر شكلية بينما يعاني كثيرون من صعوبة تأمين احتياجاتهم الأساسية. الإصلاح الاجتماعي لا يبدأ من التشريع فقط، بل من إعادة النظر في أنماط السلوك اليومي، وفي ثقافة الاستهلاك التي غلبت على قيم القناعة والتوازن.

إن الدعوة لوقف الإسراف ليست دعوة للتقشف، بل نداء للعقل والضمير. هي خطوة باتجاه مجتمع أكثر وعيًا وعدالة، مجتمع يدرك أن الكرامة لا تُقاس بحجم الولائم ولا بعدد السيارات في الموكب، بل بما نتركه من أثر إيجابي في الناس وفي الوطن.

لذلك، فإن من واجب النخبة والإعلام والمجتمع المدني أن يتبنوا هذا الطرح بعقلانية، لا بردود فعل آنية. فالفكرة تستحق أن تُحمى من التسييس، وأن تتحول إلى سلوك جمعي يحافظ على المال العام والخاص، ويعيد التوازن بين المظهر والجوهر.

إن كبح جماح الإسراف والتفاخر ليس تقييدًا للحرية، بل حماية للإنسان من ذاته، وحفاظ على قيمنا الأردنية الأصيلة التي قامت على الاعتدال والتكافل لا على المظاهر والترف.

حتى ما يروح فكركم لبعيد..علاقتي بالمنتقدين اقوى واقدم الف مرة من معرفتي وعلاقتي بالوزير مازن