هلِ انتصرتْ حماسُ وانهزمتْ إسرائيلُ؟

34 ثانية ago
هلِ انتصرتْ حماسُ وانهزمتْ إسرائيلُ؟

د. عادل يعقوب الشمايلة

ينشغلُ العربانُ هذه الأيام، ومنذُ إعلانِ مشروعِ ترامب، بالدفاعِ عن حماسَ من قِبَلِ البعض، ومهاجمتِها واتهامِها من البعضِ الآخر.

يتحدّى القرآنُ الكفارَ بقوله تعالى:
﴿ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [النمل: 64].

ويقول سبحانه:
﴿ وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المؤمنون: 117].

ويروي القرآنُ طلبَ النبيِّ إبراهيمَ عليه السلام من ربِّه أن يُبرهنَ له على قدرتِه في إحياء الموتى حتى يطمئنَّ قلبُه، قال تعالى:
﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [البقرة: 260].

ويروي لنا القرآنُ طلبَ الحواريين من المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام أن يُريهم اللهُ آيةً على قدرتِه، قال تعالى:
﴿ إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112)
قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) ﴾ [المائدة].

تركِّزُ هذه الآياتُ على أهمية البرهان في الإثبات، وبالتالي التقليل من أهمية أيّ أقوالٍ أو ادعاءاتٍ أو مزاعمٍ أو دعواتٍ تفتقرُ إلى البرهان.

وقد استحدثتْ علومُ الإدارةِ والاقتصادِ والطبِّ والهندسةِ مفهومَ “المعايير والمقاييس والمؤشرات” لإثبات الإنجازات والنجاح، أو لإثبات الفشل والتراجع، للابتعاد عن المهاتراتِ والصخبِ الفارغ، وكذلك لإثبات الربحِ والخسارةِ في التجارة، وتحديدِ الحالةِ الصحيةِ للإنسان والأخطارِ المحتملةِ عليها، حيثُ يطلبُ الأطباءُ من مراجعيهم إجراءَ الفحوصِ المخبريةِ لبيانِ نسبِ الدهنياتِ والسكرِ والمعادنِ في الجسم.

وعلى ضوء ما تقدّم:
فإننا نسمعُ الأرضَ في غزةَ “بتتكلم عبري”:

– صِراعُ طناجرِ الجوعى عند منصّات توزيع المؤن يُبرهنُ على من هو المنتصرُ ومن هو المهزوم.
– المقابرُ الجماعيةُ تُحفَر يوميًّا في غزة، ولم نُشاهد مقبرةً جماعيةً للإسرائيليين لا في غزة ولا في إسرائيل.
– الأرضُ الملطّخةُ بالدماء هي أرضُ غزة.
– المنازلُ والمستشفياتُ والمدارسُ والجامعاتُ والطرقُ والمزارعُ والسياراتُ المدمَّرة التي تبثّ صورَها الفضائياتُ هي في غزة، لا في إسرائيل.
– طوابيرُ المهجَّرين والهائمين على وجوهِهم، ومن يحملون ممتلكاتِهم على ظهورِهم أو رؤوسِهم أو على العربات التي تجرّها الدوابّ، هي لعربِ غزة، لا ليهودِ إسرائيل.
– الطرفُ الذي قُتِلَ معظمُ مقاتليه ودُمِّرتْ أسلحتُهُ وأنفاقُهُ ومخابئُهُ هو حماسُ، لا إسرائيل.
– الطرفُ المطلوبُ منه تسليمُ سلاحِه هو حماسُ، لا إسرائيل.
– الطرفُ الذي أُمِرَ أن يُسلِّمَ الرهائنَ وقَبِلَ هو حماسُ.
– الطرفُ الذي طُلِبَ منه أن يتخلّى عن الحكمِ ويسلّمهُ لغيرِه وقَبِلَ هو حماسُ، لا إسرائيل.
ولم يروِ التاريخُ حادثةً واحدةً تخلّى فيها المنتصرُ عن الحكمِ وعن سلاحِه، وأبدى استعدادَه لمغادرةِ وطنِه إذا ضُمِنت سلامته، إلا حالةَ حماس.
– إسرائيلُ استعادَتْ جميعَ رهائنِها، بينما لم يتمّ تبييضُ سجونِها من الأسرى الفلسطينيين كما وعدت حماس.
– لا يزال المسجدُ الأقصى يتعرّضُ لاستفزازاتِ الإسرائيليين، ولم يوقفهم أو يردعهم “طوفانُ الأقصى”.
– مخيماتُ جنينَ وطولكرمَ دُمِّرت وشُرِّدَ أهلُها.

من يُشكّك في أن غزةَ بتتكلم عبري وستظلّ كذلك لسنواتٍ قادمة، هو المؤدلَجُ الذي يُصرّ على مقولته “عنزة ولو طارت”، وكذلك من يزعم أنّ غزةَ وحماسَ انتصرتا وأنّ إسرائيلَ انهزمت.

يقول القرآن الكريم:
﴿ دَعْهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الأعراف: 186].
﴿ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ﴾ [فصلت: 52].
﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً ۖ فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ ﴾ [الجاثية: 23].