وطنا اليوم – كتبت الزميله بشرى نيروخ –
في نحو 7833 مدرسة حكومية وخاصة وعسكرية وأخرى تابعة لوكالة الغوث الدولية يعمل 163 ألفا و425 معلما ومعلمة بدأب لزرع المعرفة والأمل في الأجيال منذ طفولتهم وحتى آخر صف مدرسي ليصبحوا بناة مؤهلين لبناء الوطن، كيف لا وهم يحملون رسالة مقدسة تقول إن “المعلم ليس ناقلا للمعرفة فحسب، بل صانعا للوعي وباحثا يسهم في تطوير العملية التعليمية بما يواكب التحديات العالمية”.
وبمناسبة يومهم العالمي الذي يصادف غداً الأحد تحت شعار مهنة التدريس باعتبارها مهنة تعاونية”.
وفيما تعمل وزارة التربية والتعليم على تطوير مهارات المعلمين من خلال برامج التنمية المهنية المستمرة، بما في ذلك التدريب على استخدام التكنولوجيا الحديثة وأساليب التعليم التفاعلي، وتحسين بيئة العمل ودعم المعلمين ماديا ومعنويا، يولي الأردن بقيادته الهاشمية اهتماما كبيرا بتطوير قطاع التعليم، باعتباره المورد الأساس للتنمية المستدامة في الدولة الحديثة، وحجر الزاوية في بنائها وهو ما أكدته الورقة النقاشية الملكية السابعة بعنوان “بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة”، التي ركز فيها جلالة الملك عبدالله الثاني على أن “ثروتنا البشرية، أغلى ما يمتلك الأردن من ثروات، وهي قادرة، إذا نالت التعليم الحديث الوافي، على صنع التغيير المنشود، وليس أمامنا إلا أن نستثمر في هذه الثروة بكل قوة ومسؤولية، فلا استثمار يدر من العوائد كما يدر الاستثمار في التعليم”.
وتسعى وزارة التربية والتعليم من خلال مبادراتها لدعم المعلم الأردني، بحسب ما يؤكد أمين عام الوزارة للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة، موضحا أنه يتم تطوير المعلمين مهنيا من خلال الدورات التدريبية وورش العمل، مع ربط ذلك بنظام الرتب، وبما ينعكس إيجابا على تطور المعلم مهنيا وماديا.
وأشار العجارمة الى ان الوزارة تتيح الفرص للمعلمين المشاركة في الجوائز المحلية والعالمية، وتيسير السبل لهم للوصول إلى مراتب متقدمة من خلال جائزة المعلم المتميز، والمدير المتميز، والمرشد المتميز ضمن جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي.
وأضاف، إن الوزارة تترجم التوجيهات الملكية بدعم المعلم في كافة المجالات من خلال سياسات وخطط واضحة، بحيث تعكس رؤية جلالته كما جاء في خطاباته العديدة لتطوير المعلم، ومنها الورقة النقاشية السابعة لجلالته، موضحا أن هذه الجهود تهدف إلى تعزيز مكانة المعلم وتحسين أدائه، وبما ينعكس إيجابا على جودة العملية التعليمية بشكل عام.
معلمون وتربويون أكدوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن هذه المناسبة تعود والأردن يحقق إنجازا تلو الإنجاز في المسيرة التعليمية، كما تقول المشرفة التربوية للغة الانجليزية بلواء المزار الجنوبي الدكتورة نسرين الجعافرة، مشيرة الى أن رمزية يوم المعلم تتجاوز كونه مجرد مناسبة للاعتزاز بالرسالة السامية التي يؤديها المعلم في تنشئة الأجيال وصناعة المستقبل، بل هو محطة للتأمل في عظمة هذه الرسالة وقدسية دور المعلم كونه ليس ناقلا للمعرفة فحسب، بل صانعا للوعي وباحثا يسهم في تطوير العملية التعليمية بما يواكب التحديات العالمية.
وأشارت الجعافرة الى أن الفوز بالمسابقات الدولية المتخصصة في مجال الأبحاث التربوية (جائزة الشيخ فيصل آل ثاني وجائزة خليفة التربوية) يؤكد النموذج المشرف للمعلم الأردني القادر على الإبداع والتميز في المحافل العالمية وصياغة المستقبل التربوي المشرق، مؤكدة أن دور المعلمين أكبر من حدود الصفوف، وإبداعاتهم وأبحاثهم يمكن أن يكون لها صدى يتجاوز الوطن ليصل إلى العالم كافة.
مدير مديرية أندية المعلمين في وزارة التربية والتعليم إبراهيم عساف قال: نجدد الاعتزاز بمعلمي ومعلمات الوطن الذين يبادلون الوطن والقيادة وفاء بوفاء. كيف لا، والمعلم الأردني هو جندي الوطن، وحامي العقول، ومتسلح بالوعي والانتماء، مشيرا الى أن رسالة المعلم المعرفية والتربوية هي حجر الأساس في بناء الأجيال وصناعة الوعي.
معلمة اللغة العربية نسرين أبو الرب، قالت، إذا أردنا أن نتحدث عن المعلم، فهو مهندس للنفس البشرية، وصانع الأجيال، ويضيء سراج النور والمعرفة والعطاء في نفوس طلبته أينما كانوا.
وأكدت ابو الرب أن المعلم ليس مجرد ناقل للمادة التعليمية أو العلمية داخل الغرفة الصفية، بل يتجاوز ذلك ليصبح مربيا وزارعا للقيم والوطنية في قلوب طلبته وهو الذي يفني عمره بين أبجدية اللغة العربية وهجائيتها، وبين الأرقام والحروف والعلوم، ليصنع جيلا مبدعا يحمل رسالة خدمة الوطن وبناء الأمة.
أستاذ التاريخ والعلوم الاجتماعية في مدرسة سحاب المهنية الثانوية للبنين ثامر القبيلات قال: السلام عليكم يا صناع الحضارة، يا ورثة الأنبياء، الذين تكللون جهودكم بالنجاح والفلاح كل عام، فالمعلم يفرح بنجاح طلابه، لأنه يعلم أن نجاحهم نجاح له، لافتا الى ان المعلم يبني سلما للصعود إلى الحلم والنجاح ويزرع في الجيل الأمل.
وأشار إلى أنه في يوم المعلم، نستذكر بكل تقدير واعتزاز كل من علمنا حرفا، أولئك الذين نذروا أعمارهم لبناء الأجيال ورسم لوحة المستقبل في أوطاننا.
كان مصدرا رئيسا للمعرفة والعلم داخل المدرسة، كما كان شخصية مؤثرة وفاعلة في المجتمع، ويحظى بالتقدير والاهتمام من أهالي القرية أو الحي في المدينة.
وأوضح أن مهمة المعلم اليوم تركز على تعريف الطلبة بالوسائل التي تمكنهم من الوصول إلى المعرفة والعلوم، وتسهيل حل المسائل العلمية باستخدام الأدوات التقنية الحديثة المتوفرة لديهم، خاصة مع انتشار استخدام الإنترنت ومواقع البحث.
وأكد المستشار التربوي فيصل التايه أن الكلمات تقف احتراما وتقديرا أمام عظمة المعلم الأردني، الذي كان أول من رسم الأحرف الأولى في عقول الأجيال، وزرع بذور المعرفة، وساهم في تشكيل وجدان الأمة.
وأشار الى التجربة الأردنية في مرحلتها الذهبية حولت الشعارات إلى أفعال والسياسات إلى إنجازات ملموسة، حيث وضعت القيادة الهاشمية التعليم في صميم مشروع الإصلاح الوطني، إدراكا بأن بناء الإنسان أهم من بناء الحجر، موضحا أن جلالة الملك عبدالله الثاني، جعل من التعليم قضية وطنية كبرى لأن المعلم ليس مجرد موظف يؤدي ساعات عمل، بل هو قائد يبني الوعي ويرسخ القيم، ويعد الأجيال لحمل راية الأردن بفخر.
وعلى نهج جلالة الملك، أكد سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني أن المدرسة هي مصنع للأمل، وأن المعلم هو بطل هذه المعادلة، كما جسدت جلالة الملكة رانيا العبد الله إيمانها العميق برسالة التعليم من خلال مبادرات نوعية مثل مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية، وبرنامج “مدرستي”، وأكاديمية تدريب المعلمين، والتي وضعت المعلم في قلب العملية التربوية، وفقا للتايه.
ولم تكن هذه الجهود مجرد رؤى، بل ترجمتها وزارة التربية والتعليم إلى واقع ملموس، حيث يتمتع المعلم الأردني اليوم بحقوق طال انتظارها، بدءا من تسهيلات السكن والأراضي، ومرورا بزيادة مقاعد أبنائه في الجامعات، وتوسيع بعثات الحج، وتحسين الرواتب والامتيازات المهنية، مما أعاد الاعتبار لمكانته الاجتماعية والمادية.
وأوضح التايه أن هذه المكتسبات ليست مجرد مكافآت وقتية، بل استثمار وطني في صانع الإنسان، وضمان لاستقراره الأسري والمهني ليواصل أداء رسالته بثقة واعتزاز.
وأكد أستاذ المناهج والتدريس في جامعة الحسين بن طلال الدكتور مصطفى جويفل، أن المدرسة تعد أداة المجتمع لتحقيق فلسفته وغاياته في تربية الأجيال معرفيا وجسديا ونفسيا، مشيرا إلى أن المعلم يلعب دورا محوريا في بناء المجتمع وتنمية الوطن في ظل التحديات التربوية الحالية.
وأشار جويفل الى أهمية بناء نظم تعليمية مرنة ومتكيفة مع التطورات الحديثة، مع التركيز على تدريب المعلمين بشكل مستمر ومتكامل، مؤكدا أن المعلم هو العنصر الأكثر أهمية في التأثير على تعلم الطلبة، على الرغم من صعوبة قياس هذا التأثير في الجوانب النفسية والاجتماعية.
معلمة مادة الثقافة المالية والتربية المهنية في مدارس ابن تيمية نداء حجاوي، قالت إن يوم المعلم، يمثل مناسبة مميزة لتقدير الدور الحيوي الذي يلعبه المعلم في بناء الأجيال الصاعدة وتربيتها تربية صحيحة وسليمة.
وقالت حجاوي إن دور المعلم من أسمى المهن وأكثرها تعباً، إلا أن هذا التعب يختفي عند رؤية الطلاب وهم يتفاعلون ويقدرون المعلم بشكل جميل وصادق، مشيرة الى سعادتها وشعورها بالفخر حين وضع طلابها على رأسها تاجًا صنعوه من ورق للتعبير عن امتنانهم وتقديرهم لها.
وأشارت إلى أن كل معلمة ومعلم ينسى كل متاعب المهنة حين يتشاركون مع طلابهم لحظات الحب والذكريات الجميلة، مؤكدة أهمية الاحتفال بيوم المعلم تقديراً لدوره الكبير، ومكانته العظيمة في بناء الأجيال.
يشار إلى أن اليوم العالمي للمعلمين الذي ينظم سنويا بتاريخ 5 تشرين الأول منذ عام 1994، جاء لإحياء ذكرى توقيع توصية اليونسكو ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرسين، ووضع مؤشرات مرجعية تتعلق بحقوق ومسؤوليات المعلمين، ومعايير إعدادهم الأولي وتدريبهم اللاحق، وحشدهم، وتوظيفهم، وظروف التعليم والتعلم.(بترا)