قبول حماس بخطة ترامب..لماذا الآن؟ ولماذا تأخرت الموافقة؟

16 ثانية ago
قبول حماس بخطة ترامب..لماذا الآن؟ ولماذا تأخرت الموافقة؟

وطنا اليوم- بقلم د.قاسم العمرو- يبدو أن قبول حركة حماس ببنود خطة ترامب التي كانت قد رفضتها سابقًا — سواء صراحة أو ضمنيًا — جاء في توقيت بالغ الحساسية سياسيًا وميدانيًا، مما يثير تساؤلات حول الدوافع والغايات الخفية لهذا التحول، وحول ما إذا كان القبول اليوم اعترافًا متأخرًا أم محاولة لتجنب الإبادة الكاملة في غزة.

في اللحظة التي باتت فيها غزة تحت نيران غير مسبوقة، وبعد شهور من المجازر والتدمير الممنهج للبنية التحتية وتهجير مئات الآلاف من المدنيين، بدا واضحًا أن المعركة تجاوزت بعدها العسكري إلى محاولة طمس الكيان الفلسطيني المقاوم نفسه.
من هنا، فإن قبول حماس ببنود كانت قد رفضتها قبل سنوات، قد يُقرأ على أنه موقف اضطراري لا يعكس قناعة فكرية أو سياسية، بل يعبر عن إدراك متأخر لحقيقة المشهد الإقليمي والدولي: أن الحرب لم تعد حرب مواقع، بل حرب وجود.

لكن السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا الآن؟ ولماذا تأخرت هذه الموافقة؟ ولماذا كل هؤلاء الضحايا وما هو الثمن الذي تحقق؟

الجواب الأقرب للواقع أن حماس، وربما القيادة السياسية الفلسطينية عمومًا، أساءت تقدير حجم التحولات الدولية. فبينما كانت تراهن على تغيّر المواقف الغربية مع تصاعد الكارثة الإنسانية، كانت واشنطن وتل أبيب تعملان على خلق واقع ميداني جديد يجعل أي مفاوضات لاحقة تُدار من موقع الإذعان لا الندية.
هذا التأخر في القبول أو التفاعل مع الطروحات السياسية جعل غزة تدفع ثمنًا باهظًا من دماء أبنائها، وأعطى إسرائيل مبررًا إضافيًا للاستمرار في مشروع “الاستئصال التدريجي” تحت عنوان “محاربة الإرهاب”.

القبول المتأخر بخطة ترامب يمكن قراءته أيضًا كـ محاولة لتدوير الأزمة سياسياً، فحماس تسعى لإعادة التموضع بعد أن استُنزفت قواها البشرية والعسكرية، ولعلها تحاول بذلك إرسال إشارة للمجتمع الدولي بأنها طرف يمكن التعامل معه سياسيًا، لا مجرد فصيل مسلح.
لكن هذه الخطوة، إن لم تكن جزءًا من رؤية فلسطينية موحدة تشمل الضفة وغزة ومؤسسات منظمة التحرير، ستبقى مجرد مناورة تكتيكية في زمن فقدت فيه المناورات جدواها.

في النهاية، تبقى الحقيقة المرّة أن غزة كانت الميدان الذي دُفع فيه الثمن الأكبر، وأن كل تأخير في اتخاذ القرار، وكل خلاف بين القوى الفلسطينية، ساهم في إطالة عمر الكارثة، بل وفي تحقيق أهداف إسرائيلية غير معلنة: تدمير البيئة الاجتماعية للمقاومة ومسح معالم الحياة من قطاع غزة.

اليوم، ومع هذا “القبول المتأخر”، قد تكون حماس تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولكن الواقع يقول إن قبول أي خطة يأتي بعد مقتل الآلاف ودمار المدن، ليس مكسبًا سياسيًا بل اعترافًا مأساويًا بحجم الخسارة الإنسانية والسياسية التي تكبدها الفلسطينيون وربما تطمس معالم القضية والى الابد.