وطنا اليوم:واصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الأسبوع حملته التصعيدية ضد مؤسسات التعليم العالي، عبر إرسال رسائل إلى رؤساء كبرى الجامعات الأمريكية، للضغط عليهم من أجل توقيع ما يُعرف بـ”الميثاق من أجل التميز الأكاديمي في التعليم العالي”، وهو اتفاق يمنح أولوية في الحصول على التمويل الفيدرالي (الاتحادي) ومزايا أخرى مقابل التزام الجامعات بدعم أجندته السياسية.
ووفقًا لتقرير نشرته نيويورك تايمز، أُرسلت الرسائل يوم الأربعاء إلى جامعات: أريزونا، وبراون، ودارتموث، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وبنسلفانيا، وجنوب كاليفورنيا، وتكساس، وفاندربيلت، وجامعة فيرجينيا.
ووقّع الرسائل كل من وزيرة التعليم ليندا مكماهون واثنين من كبار المسؤولين في البيت الأبيض، ودعت الرسائل قيادات الجامعات إلى “التعهّد بدعم أجندة الرئيس ترامب السياسية لضمان استمرار تدفق التمويل الفدرالي للأبحاث”.
قيود على التنوع والحريات الأكاديمية
ينصّ الميثاق، الذي نشرته صحيفة واشنطن إكزامينر، على منع أخذ أي عوامل مثل الجنس أو العرق أو الانتماء السياسي أو الميول الجنسية أو الهوية الجندرية أو الانتماءات الدينية بعين الاعتبار — صراحة أو ضمنًا — في قرارات القبول أو الدعم المالي للطلبة، مع استثناءات محدودة للجامعات الدينية أو الأحادية الجنس.
كما يُلزم الموقعين بإجراء تغييرات في هياكل الحوكمة الجامعية، بما في ذلك “تحويل أو إلغاء الوحدات المؤسسية التي تعاقب أو تهمّش أو تحرّض ضد الأفكار المحافظة”.
ردّ مباشر على الاحتجاجات التضامنية مع غزة
تتضمّن الوثيقة أيضًا بنودًا تستهدف الاحتجاجات الطلابية ضد الدعم الأمريكي لإسرائيل في عدوانها المستمر على غزة. وتنصّ على أن الجامعات تتحمّل مسؤولية منع: أي تعطيل للتدريس أو المكتبات أو أماكن الدراسة، أي مضايقات أو اعتداءات على طلبة أو مجموعات طلابية، أي إغلاق أو عرقلة لمناطق داخل الحرم بناءً على العرق أو الجنسية أو الدين، كما تلزم الجامعات باستخدام “القوة القانونية عند الضرورة”، وفرض عقوبات “صارمة وسريعة ومتسقة” بحق المخالفين، وفقاً لمنصة “كومن دريمز”.
قيود إضافية على الهوية الجندرية والطلاب الدوليين
ويفرض الميثاق تعريفات صارمة للنوع الاجتماعي، خاصة في ما يتعلق بالرياضة، إلى جانب قيود على أعداد الطلاب الدوليين. ويأتي ذلك في سياق استهداف إدارة ترامب المتكرر للرياضيين المتحوّلين جنسيًا والباحثين الأجانب، وفقا لمنصة “كومن دريمز”.
وفي حين عبّر رئيس مجلس أمناء جامعة تكساس، كيفن إلتايف، عن “تشرفه” باختيار الجامعة للحصول على “مزايا تمويلية محتملة”، ونيّته دراسة الوثيقة سريعًا، امتنعت الجامعات الأخرى عن التعليق.
انتقادات حادة ووصف بـ”الابتزاز السياسي”
سبق أن استخدم ترامب التمويل الفدرالي للضغط من أجل فرض تغييرات في سياسات القبول، والقيود على الطلاب المتحوّلين جنسيًا، وقمع الاحتجاجات ضد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في غزة. وقد وقّعت بالفعل جامعتا براون وبنسلفانيا اتفاقيات مع الإدارة، بينما اختارت جامعات أخرى المواجهة.
ووجّه منتقدون اتهامات لاذعة للإدارة، واصفين الخطوة بأنها “ابتزاز” و”عملية تهديد” و”رشوة سياسية”.
وقالت سالومي فيلغوين، أستاذة القانون في جامعة ميشيغان، إن “هذه الإدارة تبتز الجامعات للتنازل عن حريتها الأكاديمية. لا علاقة لذلك بالجدارة أو بمفهوم الحكومة الصغيرة”.
ووصف دامون كيسو، أستاذ الابتكار الصحافي في جامعة ميزوري، الوثيقة بأنها “وثيقة استسلام غير مشروط”، فيما حذر إدوارد سواين، أستاذ القانون في جامعة جورج واشنطن، من أن الخطوة “تدفع نحو نموذج تصبح فيه الحكومة الفدرالية حاكمًا فعليًا لجميع الجامعات، العامة والخاصة، كما تفعل الحكومات المحلية مع مؤسساتها”.
وتساءل سواين: “بعيدًا عن مسألة الفدرالية، في أي مرحلة تتحول كل جامعة إلى جهة حكومية؟”.
تجميد الرسوم ومفارقات سياسية
رغم معارضة الجمهوريين التقليدية لإلغاء ديون الطلاب والتعليم المجاني، يتضمّن الميثاق بندًا لتجميد الرسوم الدراسية لخمس سنوات، بالإضافة إلى تعليم مجاني في التخصصات العلمية الصعبة في الجامعات التي تتجاوز قيمة وقفها المالي 2 مليون دولار لكل طالب جامعي.
وقال ريتشارد بينتر، المستشار القانوني السابق في البيت الأبيض خلال إدارة جورج بوش، والأستاذ بجامعة مينيسوتا، إن الإدارة “محقة في ضرورة تجميد الرسوم الدراسية”، لكنه وصف تركيزها على “تعريف الجنس” بأنه “عرض جانبي سخيف يقوّض إصلاح التعليم العالي”.