وطنا اليوم:في مفاجأة غير كبرى كشفت وثيقة سرية عن هيئة حاكمة انتقالية لـ”غزة الدولية للسلطة الانتقالية”، ستعمل كـ”سلطة سياسية وقانونية عليا” بتفويض من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وضمت الوثيقة التي نشرتها وسائل إعلام بريطانية 21 صفحة أعدتها فرقة عمل بقيادة توني بلير، وكشفت عن العدد المقترح لأعضاء الهيئة الحاكمة الانتقالية لقطاع غزة، والذي يتراوح بين 7 و 10، وتشمل أسماء توضيحية من بينها اسم الملياردير المصري نجيب ساويرس، الذي يمتلك خبرة في الاتصالات والتكنولوجيا.
كما شملت الوثيقة اسم مارك روان، مدير شركة أبولو جلوبال مانجمنت؛ وأرييه لايتستون، من معهد اتفاقيات إبراهيم للسلام، ومستشار سابق لسفير ترامب الأول في إسرائيل هو ديفيد فريدمان.
وستضم الهيئة ممثلا فلسطينيا “مؤهلا” من رجال الأعمال أو الأمن (يفضل أن يكون من غزة)، ومسؤولاً كبيراً في الأمم المتحدة مثل سيغريد كاغ، بالإضافة إلى شخصيات دولية لضمان “الشرعية والمصداقية”.
ولم يمثّل طرح اسم رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس ضمن الأسماء المقترحة لعضوية مجلس إدارة قطاع غزة، في الخطة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد، مفاجأة كما تخيل الكثيرون.فالعلاقة التي تربط عائلة ساويرس مع الاستثمار في أمريكا ليست جديدة وتعود لعقود، وبالتحديد لعام 1999 عندما أسس هو وأشقاوه شركة في أمريكا لنيل المشروعات «من المنبع بدلا من العمل كمقاول مصري من الباطن يجني القليل من المكاسب».
طفرات عديدة شهدتها ثروة الرجل الذي يعد أغنى رجل في مصر، من خلال استثماراته داخل مصر وخارجها.
الطفرة الأولى جاءت عام 1996، عندما تأسست الشركة المصرية للاتصالات، أول شبكة هاتف محمول في البلاد، ثم طرحت رخصتها للبيع ليفوز بها ساويرس وشركاؤه «أورانج الفرنسية»، «فرانس تليكوم»، و«مورتورلا» الأمريكية في صفقة كلفت قرابة 370 مليون دولار آنذاك، وعملت شبكة الهاتف تلك باسم «موبينيل».
كما لعبت المعونة الأمريكية لمصر دورا في زيادة ثروة عائلة ساويرس، الذي أقر في برنامج «بلا حدود» على قناة «الجزيرة» عام 1999 بأنه للحصول على عوائد كبيرة من مشاريع المعونة الأمريكية، قرر تأسيس شركة في أمريكا لنيل المشاريع من المنبع بدلاً من العمل كمقاول مصري من الباطن، مبررا إقدامه على مثل هذه الخطوة بأن عمله كمقاول من الباطن لم يكن يحقق مكاسب كبيرة، بل كان يحصل على الفتات من الشركات الأمريكية.
وتحدث ساويرس عن أن تأسيس شركة في أمريكا سمح له بالحصول على تأشيرة الإقامة الخضراء، نافيا وقتها أن يكون حصل على الجنسية الأمريكية، لكن الأمر ظل محل جدل، خاصة مع ما تضمنته أوراق قضية رفعها ضده عام 2009 رجل أعمال إيطالي مقيم في سويسرا، طرحت شكوكا بأن ساويرس يملك جنسية أمريكية، الأمر الذي استدعى نفياً جديدا من الرجل
لكن الطفرة الكبرى التي شهدتها ثروة ساويرس جاءت من استثماراته في الخارج، ففي عام 2008، دخلت شركته «أوراسكوم تليكوم» للإعلام والتكنولوجيا في مشروع في كوريا الشمالية لإنشاء شبكة الهاتف المحمول « كوريولينك».
كما استفاد ساويرس كثيراً من الحراك الأمريكي عقب أحداث سبتمبر/ أيلول 2011، خاصة خلال الحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان. واشترى حصة تبلغ 45٪ من شركة «كونتراكت إنترناشيونال» الأمريكية، وهي شركة عملت في العراق في بناء القواعد العسكرية الأمريكية وإعادة بناء الطرق والجسور والمطارات.
وحسب معهد «ستوكهولم» الخاص بالتسلح ونزع السلاح والأمن الدولي، فإن شركة «كونتراك إنترناشيونال» حازت على عقود في العراق بمقدار 2 مليار و325 مليون دولار.
كما ساهمت في بناء مخازن للذخيرة ومهابط للمروحيات في قاعدة «باغرام» في أفغانستان، فضلاً عن توسعة مركز قيادة البحرية الأمريكية والأسطول الخامس في البحرين.
كما حصلت «كونتراك» ساويرس أيضا على عقد إنشاء مقر القيادة المركزية الأمريكية في إبريل/ نيسان 2003 والتي تمتد عملياتها في أكثر من 25 بلدا بدءا من القرن الأمريكي وحتى أسيا الوسطى بما فيها العراق وأفغانستان.
وفي مجال الاتصالات، حصلت شركة « أوراسكوم تليكوم « ذراع أوراسكوم للاتصالات المملوكة لساويرس، ورغم أنها شركة غير أمريكية، على عقود في العراق بعد الاحتلال مباشرة، حيث أسست أول شبكة اتصال هناك.
كذلك استثمر ساويرس في شبكات الهاتف المحمول في أفريقيا، حيث حازت شركته «أوراسكوم تيليكوم» على رخص تشغيل 12 شبكة للهاتف المحمول في الغابون، وتوغو، وبوركينا فاسو، وزامبيا، ومالي، وغينيا الإستوائية، وبوروندي، وأفريقيا الوسطى، قبل أن تتخارج من قطاع الاتصالات عبر الاندماج في شركة «فيمبلكوم» الروسية.
وفي بعض المشاريع خسر ساويرس مبالغ ضخمة وصلت الى 7 مليارات دولار في نزاعه مع السلطات الجزائرية التي استولت على شبكة الهاتف المحمول التي أسسها في البلاد، ووصل النزاع بينهما للتحكيم الدولي في عام 2017 عقب رفع ساويرس قضية تعويض.
وخلال السنوات الأخيرة اتجه ساويرس للاستثمار في تعدين الذهب في مصر، ويملك حالياً شركة «لامانشا» التي تعدُّ واحدة من أكبر 10 لاعبين في قطاع الذهب عالمياً.
وفي عام 2021 أسس صندوق «لامانشا للتمويل»، وهو صندوق استثمار مقرّه في لوكسمبورغ يختص بالعمل في مجال تعدين الذهب، ويدير أصولاً تزيد قيمتها على 1.4 مليار دولار أمريكي.
لم يكن ساويرس مجرد رجل أعمال تقليدي فقد سعى لبسط نفوذه من خلال الارتباط بالوسط الفني والثقافي والإعلامي، وكانت البداية مع تأسيس قناة «أون تي في» التي بدأت البث في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2008.
وعندما سُئل عن هدفه من وراء إنشاء تلك القناة، أجاب ساويرس بأنه لا يطمح للعب دورٍ سياسي، فالمنصب السياسي نقمةً لأنه يقيد حرية صاحبه، وإنما أراد إنشاءها ـ على حد قوله ـ لأنه يريد إطلاق قناةٍ فضائية تليق بالمصريين، خاصةً وأنه أعجبته صورة المصريين وهم يحملون الأعلام المصرية في إحدى مباريات كأس الأمم الأفريقية، قبل أن يبيع أسهمه في القناة إلى رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة عام 2016.
كما امتلك ساويرس نصيبا في إحدى أشهر الصحف المصرية الخاصة وهي «المصري اليوم»، التي كانت تعد أهم صحيفة مستقلة في البلاد خلال السنوات التي سبقت ثورة 25 يناير/ كانون الأول 2011. لم يكن تأسيس المؤسسات الإعلامية هو الطريق الوحيد الذي سلكه ساويرس لبسط نفوذه، فقد أسس جائزة ساويرس الثقافية، وهي جائزة سنوية تمنحها مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية في مجال الأدب المصري في الرواية والقصة القصيرة.
وبدأت المؤسسة منح جوائزها في دورتها الأولى في ديسمبر/ كانون الأول 2005.
كما أسس مهرجان الجونة السينمائي، في منطقة الجونة السياحية في مدينة الغردقة، وهو أحد المشروعات السياحية الكبرى التي تمتلكها عائلة ساويرس.
يتكون برنامج المهرجان الذي تأسس عام 2017، من ثلاث مسابقات رسمية (مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، ومسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، ومسابقة الأفلام القصيرة) والبرنامج الرسمي خارج المسابقة، إضافة إلى البرنامج الخاص.
وتصل قيمة الجوائز المقدمة إلى 224 ألف دولار أمريكي، إضافة إلى الجوائز العينية (جائزة نجمة الجونة، والشهادات) المُقدمة إلى الفائزين في المسابقات المتنافسة في إطار البرنامج الخاص.
وعادة ما يثير المهرجان جدلا واسعا، ففي عام 2020، اتهم المهرجان بالتطبيع، ووقع مئات السينمائيين والكتاب والشخصيات العامة بيانا رافضا لتكريم الممثل الفرنسي الذي وصف بعاشق للكيان الصهيوني، جيرارد ديبارديو، ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي.
وقال البيان وقتها، إن تكريم ديبارديو يمثل خرقا لما أجمعت علية الجمعية العمومية لاتحاد النقابات الفنية وغالبية فناني مصر من رفض كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني ومؤيديه، فضلا عن أن هذا الممثل كان متهما في قضية اغتصاب في فرنسا.
امتد نشاط ساويرس الى العمل السياسي، وأسس في 3 أبريل/ نيسان 2011 حزب «المصريين الأحرار» ذا المرجعية الليبرالية والذي انضم إليه بعض الشخصيات المعروفة، قبل أن يدخل الحزب في دائرة الصراع على الشرعية بين جبهتين إحداهما بقيادة ساويرس.
وكانت ثروة الملياردير المصري ارتفعت هذا العام إلى أكثر من 9.23 مليار دولار، متجاوزاً أخاه الأصغر ناصف، ومستعيداً لقب أغنى شخص في مصر بعد أكثر من عقد على تبدل الترتيب.
وحسب مؤشر «بلومبرغ للمليارديرات» فقد أضاف ساويرس 2.35 مليار دولار إلى ثروته منذ بداية العام.
نجيب ساويرس: من مشروعات المعونة الأمريكية إلى الترشيح لعضوية إدارة غزة
