وطنا اليوم:شهد معبر جسر الملك حسين، أحد أهم المعابر الحيوية بين الأردن والضفة الغربية، إغلاقًا مفاجئًا أدى إلى شلل تام في الحركة التجارية والسياحية في المنطقة. أحدث الإغلاق الذي جاء من الجانب الإسرائيلي أزمة كبيرة انعكست تداعياتها على مختلف القطاعات، مما أثار قلقًا واسعًا بين المواطنين والمسؤولين.
و يُعد معبر الجسر شريان الحياة الرئيس الفلسطينيين إذ يعتبر الطريق الوحيد الذي يربط الضفة الغربية بالعالم. فضلا عن كونه الممر الوحيد الحركة التجارية والإنسانية بين الأردن وفلسطين، اذ تمر عبره يوميًا مئات الشاحنات المحملة بالبضائع والمنتجات الزراعية والصناعية والمساعدات الإنسانية.
لم تقتصر الأزمة على الجانب التجاري فقط، بل امتدت لتشمل المسافرين والسياح. المئات من الأفراد، بما في ذلك طلبة وعمال وعائلات، علقوا على جانبي المعبر، مما خلق أزمة إنسانية واضحة
وبين ليلة وضحاها، تحوّل الجسر من معبر مكتظ بالمسافرين إلى بوابة مغلقة تصطف عندها علامات الاستفهام، فالقرار الإسرائيلي بإغلاق الجسر لم يُقرأ كإجراء أمني بحت، بل كخطوة مشحونة بالرسائل المبطنة: للفلسطينيين إن أي نافذة نحو العالم يمكن أن تُغلق في لحظة، وللمجتمع الدولي أن اعترافاته بالدولة الفلسطينية لا وزن لها على الأرض، وللداخل الإسرائيلي إن نتنياهو ما يزال يمسك بخيوط اللعبة.
ويعتبر الكاتب والباحث السياسي د. عقل صلاح أن قرار إغلاق الجسور من قبل الاحتلال الإسرائيلي يحمل في طياته جملة من الرسائل السياسية العميقة، سواء للشعب الفلسطيني أو للسلطة الفلسطينية، وللمجتمع الدولي والعربي وحتى للداخل الإسرائيلي.
ويوضح صلاح أن هذه الخطوة ليست مجرد إجراء أمني، بل هي رسالة مباشرة بأن “لا أمل في إقامة الدولة الفلسطينية”، وأن السيادة الإسرائيلية تبقى هي العليا في الضفة الغربية وفلسطين، في إشارة واضحة إلى أن أي تحركات سياسية أو دبلوماسية فلسطينية ستواجهها إسرائيل بسياسة الحصار والضغط.
ويعتبر الكاتب والمحلل السياسي فراس ياغي أن إقدام الحكومة الإسرائيلية على إغلاق “جسر اللنبي” أمام الأفراد والبضائع حتى إشعار آخر، يمثل خطوة أولى في سلسلة قرارات عقابية متوقعة ستتخذها إسرائيل ضد الفلسطينيين خلال الأيام المقبلة، خصوصًا بعد عودة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من نيويورك مطلع الأسبوع القادم.
ويوضح ياغي أن هذا الإجراء يأتي كرد مباشر على ما وصفته صحيفة “معاريف” بـ”المطرقة الدبلوماسية” التي تعرضت لها حكومة نتنياهو–سموتريتش–بن غفير، نتيجة موجة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية وما رافقها من ضغوط سياسية متصاعدة.
ووفق تقديرات شبه مؤكدة، يشير ياغي إلى أن إسرائيل تتجه لاتخاذ سلسلة من الخطوات التصعيدية.
ويبيّن ياغي أن أول هذه الخطوات قد تكون ضم أجزاء من الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك منطقة الأغوار، مستندة إلى ما يبدو أنه “ضوء أخضر ترامبي” لمثل هذه الخطوة.
ويشير ياغي إلى أن الإجراء الثاني المتوقع يتمثل في منع مسؤولي السلطة الفلسطينية من مغادرة محافظة رام الله والبيرة، ما يعني فرض قيود مباشرة على تحركاتهم.
أما ثالث الخطوات، بحسب ياغي، فهي بحث جدوى إلغاء التصنيفات الأوسلوية لمناطق (أ) و(ب)، بما يحوّل السيطرة الميدانية في هذه المناطق إلى يد الاحتلال بشكل مباشر.
ويشير ياغي إلى أن النقاش الإسرائيلي يشمل أيضًا فرض إغلاق شامل على الأراضي الفلسطينية ومنع التنقل بين المحافظات إلا بتصاريح خاصة، غير أن بعض الآراء داخل الحكومة تدعو إلى حصر العقوبات بالسلطة ومسؤوليها، مع محاولة “الفصل بين الشعب وقيادته” استنادًا إلى حالة التذمر الشعبي من أداء السلطة، وفق زعمهم.
ويلفت ياغي إلى احتمال صدور قرار إضافي يمنع جميع مسؤولي السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية من العودة إلى الضفة الغربية في حال كانوا خارجها، أو مغادرتها في حال تواجدهم داخل رام الله، حتى لو أُعيد فتح المعبر لاحقًا.
ويشدد ياغي على أن هذه السيناريوهات تعكس مسعى إسرائيليًا متدرجًا لتشديد الحصار على الضفة الغربية، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، بل أيضًا على مستوى الحركة السياسية للسلطة الفلسطينية وقياداتها.
إغلاق جسر الملك حسين يشل الحركة الاقتصادية والإنسانية في المنطقة
