فادي السمردلي يكتب: السمو الأخلاقي في العمل الحزبي مفتاح الديمقراطية والثقة بين الناس والسياسة

29 ثانية ago
فادي السمردلي يكتب: السمو الأخلاقي في العمل الحزبي مفتاح الديمقراطية والثقة بين الناس والسياسة

بقلم فادي زواد السمردلي* ….

*#اسمع_وافهم_الوطني_افعال_لا_اقوال*

*المقال يصوّر حالة عامة، وأي تشابه عرضي مع أشخاص أو وقائع حقيقية غير مقصود.*

ماذا يعني السمو الأخلاقي في العمل الحزبي ؟

يُعد السمو الأخلاقي في العمل الحزبي أحد الركائز الأساسية التي تضمن استقامة الحياة السياسية واستقرار الدولة، حيث لا يمكن أن تزدهر الديمقراطية الحقيقية دون وجود أحزاب سياسية تتبنى القيم والمبادئ الأخلاقية في ممارساتها وخطاباتها وبرامجها فالأحزاب ليست مجرد أدوات للوصول إلى السلطة فقط، بل ينبغي أن تكون مؤسسات مسؤولة تعمل على تمثيل المواطنين وخدمة مصالحهم بصدق وشفافية ومع ذلك، فإن الواقع في بعض الدول( ابعدهم الله عن الأردن) يشير إلى أن غياب الأخلاق في العمل الحزبي يؤدي إلى تفشي الفساد، واحتكار السلطة، وإضعاف ثقة المواطنين بالمؤسسات السياسية، مما يهدد مستقبل الديمقراطية نفسها.

عندما تتبنى الأحزاب السياسية نهجًا أخلاقيًا في عملها، فإن ذلك ينعكس بشكل مباشر على المشهد السياسي، حيث تسود قيم الحوار والتنافس الشريف، بدلًا من التخوين والتشهير والممارسات غير النزيهة فالحزب الأخلاقي هو الذي يعتمد على البرامج الواقعية، ويقدم حلولًا حقيقية لمشكلات المجتمع، بدلًا من استغلال مشاعر الناس عبر الشعارات الرنانة والوعود الزائفة كما أن الالتزام بالأخلاق يضمن احترام الخصوم السياسيين، ويحول دون انتشار ثقافة الكراهية التي قد تؤدي إلى الانقسامات المجتمعية الحادة.

وعلى العكس، فإن غياب القيم الأخلاقية في العمل الحزبي يؤدي إلى ظواهر خطيرة مثل التلاعب بإرادة الناخبين، واستغلال النفوذ لتحقيق مصالح شللية ضيقة، مما يفرغ الديمقراطية من مضمونها الحقيقي فحينما تصبح السياسة مجرد صراع على السلطة بأي وسيلة كانت، دون الالتفات إلى المبادئ والقيم، يفقد المواطنون ثقتهم في الأحزاب، ويتحول العمل الحزبي إلى مجرد وسيلة لتحقيق المصالح الشخصية، بدلًا من كونه أداة للتغيير والإصلاح.

إن انتشار الممارسات غير الأخلاقية( لا قدر الله )داخل الأحزاب السياسية ينعكس بشكل مباشر على أداء الدولة ككل، حيث يؤدي إلى ترسيخ ثقافة الفساد والمحسوبية، مما يضعف كفاءة المؤسسات ويؤدي إلى تراجع معدلات التنمية فالأحزاب التي تفتقر إلى النزاهة غالبًا ما تلجأ إلى ممارسات مثل استغلال المال السياسي، أو إقصاء الكفاءات لصالح الولاءات، أو استخدام وسائل الإعلام لنشر الأكاذيب وتشويه الخصوم، مما يخلق بيئة سياسية غير صحية تعيق تقدم المجتمع.

كما أن غياب الأخلاق عن العمل الحزبي يجعل القرارات السياسية خاضعة للمصالح الشخصية أو الضغوط الفئوية، بدلًا من أن تكون مبنية على المصلحة العامة ففي بعض الأحيان، نجد أن بعض الأحزاب في الخارج قد لا تلتزم بالقيم الأخلاقية فتميل إلى تقديم الوعود الانتخابية الشعبوية التي لا يمكن تحقيقها، فقط لكسب الأصوات، مما يؤدي إلى الإحباط الشعبي عندما يتضح أن هذه الوعود لم تكن سوى خدعة انتخابية.

الديمقراطية الحقيقية لا تقوم فقط على وجود انتخابات وأحزاب، بل تحتاج إلى ثقافة سياسية نزيهة تضمن التزام الجميع بقواعد الشفافية والمساءلة والاحترام المتبادل وعندما تكون الأحزاب ملتزمة بالقيم الأخلاقية، فإن ذلك يعزز ثقة المواطنين في النظام السياسي، ويشجعهم على المشاركة الفعالة في الانتخابات وصنع القرار كما أن الأحزاب الأخلاقية تكون أكثر قدرة على تقديم نماذج قيادية يُحتذى بها، مما يساعد في بناء مجتمع سياسي قائم على الحوار البناء، بدلًا من الصراعات العبثية التي تعيق التقدم.

ومن هذا المنطلق، فإن تعزيز الأخلاق في العمل الحزبي يتطلب جهودًا مشتركة من مختلف الأطراف، سواء من داخل الأحزاب نفسها، أو من المجتمع المدني، أو من الدولة التي يجب أن تضع قوانين واضحة لمكافحة الفساد السياسي وتعزيز الشفافية والمساءلة كما أن الإعلام يلعب دورًا محوريًا في فضح الممارسات السلبية ، وتسليط الضوء على الأحزاب التي تلتزم بالنزاهة، مما يساعد الناخبين على اتخاذ قرارات مستنيرة عند اختيار ممثليهم.

في النهاية، لا يمكن أن ينجح أي نظام ديمقراطي دون التزام الأحزاب السياسية بالأخلاق، لأن العمل الحزبي غير النزيه يؤدي إلى انهيار الثقة بين المواطنين والسلطة، ويفتح الباب أمام الفوضى والاستبداد فالأحزاب التي تسعى لتحقيق المكاسب عبر وسائل غير سوية قد تحقق نجاحات مؤقتة، لكنها لن تصمد على المدى البعيد، لأن الشعوب سرعان ما تدرك زيف الشعارات والخطابات الفارغة لذلك، يجب أن يكون السمو الأخلاقي هو القاعدة الأساسية التي تحكم العمل الحزبي، لأنه الضمان الوحيد لبناء ديمقراطية حقيقية تحقق تطلعات المواطنين وتخدم مصلحة المجتمع بأسره.