اختتام مؤتمر مستقبل السياحة في العقبة بمشاركة واسعة ومناقشات حول الاستثمار والاستدامة
مؤتمر مستقبل السياحة يسلط الضوء على التطوير الاستراتيجي والتسويق الرقمي والاستثمار السياحي في الأردن
العقبة تستضيف يومين من فعاليات مؤتمر “الرؤية الاستراتيجية للسياحة في الأردن” واختتامها بنجاح
وطنا اليوم: اختتمت يوم الثلاثاء في مدينة العقبة فعاليات مؤتمر مستقبل السياحة “الرؤية الاستراتيجية للسياحة في الأردن”، الذي نظّمته شركة رمال البتراء للتدريب والتنمية على مدار يومين، بحضور محافظ العقبة أيمن العوايشة، وأمين عام وزارة السياحة والآثار الدكتور فادي بلعاوي، ونائب مدير عام هيئة تنشيط السياحة وائل الروسان، ورئيس مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شادي المجالي، وأمين عام ورئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر النائب الدكتور حسين العموش، ومفوض السياحة والشباب الدكتور ثابت النابلسي، وعدد من الخبراء والمختصين والمهتمين بقطاع السياحة.
وأكد رئيس مجلس مفوضي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة شادي المجالي أن العقبة أثبتت رغم التحديات التي تمرّ بها المنطقة، قدرتها على الإنجاز، حيث استقبلت فنادقها حتى نهاية تموز الماضي أكثر من 532 ألف زائر بزيادة نسبتها 13% عن العام الماضي.
وأضاف المجالي خلال افتتاح مؤتمر مستقبل السياحة “الرؤية الاستراتيجية للسياحة في الأردن”، إن نسبة الإشغال الفندقي ارتفعت إلى 47% مقارنة بـ 39%، في حين سجل مطار الملك حسين الدولي أكثر من 106 آلاف مسافر بزيادة 11 %، وهناك عودة قوية للبواخر السياحية بعد التوقف شبه الكامل عام 2024، حيث استقبلت العقبة 10 بواخر حملت ما يزيد على 19700 راكب.
وأشار المجالي إلى أن هذه النجاحات الملموسة لم تأت من فراغ، بل كانت ثمرة رؤية استراتيجية ومشاريع متكاملة وضعتها سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة في صميم عملها.
وبيّن أن انعقاد هذا المؤتمر في العقبة ليس صدفة، فالعقبة اليوم تشكل الوجهة الأولى في المثلث الذهبي (العقبة – وادي رم – البترا)، وهي القلب النابض للسياحة الوطنية، ومن هنا، ننطلق برؤية استراتيجية تجعل من العقبة أكثر من مجرد وجهة شاطئية، لتكون مركزاً عالميا للمؤتمرات والمعارض، وميداناً مفتوحاً للتجارب السياحية الفريدة والفعاليات الشبابية.
من جانبه أكد أمين عام وزارة السياحة والآثار الدكتور فادي بلعاوي خلال افتتاح أعمال المؤتمر، أن الحكومة اعتبرت السياحة قطاعاً رئيساً لقيادة النموّ وتوفير فرص العمل وجذب الاستثمارات باعتباره من أهم محركات رؤية التحديث الاقتصادي للأعوام 2023-2033.
وقال، إن الوزارة أقرّت صندوق المخاطر بصياغة جديدة تحت مسمى صندوق تنمية السياحة وأعدّت رؤيتها الاستراتيجية للسياحة في الأردن بما ينسجم مع المرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي 2026-2029 والتي تقوم على سبعة محاور رئيسة هي تطوير المنتج السياحي، والإصلاحات والتحول الرقمي، والتسويق والترويج وإدارة الموارد البشرية، وإدارة وحماية التراث والاستثمار، وتمكين المجتمعات المحلية.
بدوره أشار رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر النائب الدكتور حسين العموش، إلى أهمية الوصول لحياة كريمة للمواطنين من خلال استثمارهم في السياحة كون الأردن يزخر بمواقع سياحية وأثرية مميزة خاصة في مناطق القرى والأرياف.
وأشاد العموش بجهود وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة وسلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وخططهما في الترويج والتسويق للسياحة الأردنية على المستوى المحلي والخارجي.
وناقش المؤتمر في جلسته الأولى التي ترأسها رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء الأردنية (بترا) نبيل عيشان، الاتجاهات العالمية في السياحة شارك فيها النائب وصفي حداد ووزير السياحة الأسبق أسامة الدباس وأمين عام الوزارة فادي بلعاوي والدكتور أكرم الرواشدة من جامعة اليرموك.
وناقشت الجلسة الثانية التي ترأسها رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي) سميح المعايطة، الهوية السياحية في الأردن بمشاركة مفوض سلطة إقليم البترا يزن محادين، ومفوض شؤون السياحة والشباب في سلطة العقبة الدكتور ثابت النابلسي والدكتور رافع الطاهات من القطاع السياحي والباحث في مجال الاقتصاد والطاقة عامر الشوبكي.
كما ناقشت الجلسة الثالثة التي ترأستها الدكتورة سوزي بوران، السيادة والاستدامة وشارك فيها المهندس عبدالعزيز العراكزه من شركة الفوسفات الأردنية والدكتور عمر الجوابرة من الجامعه الأردنية والدكتور حسان شاهين من جامعة البلقاء التطبيقية وتمارا الخضور من شركة العقبة لإدارة وتشغيل الموانئ.
وناقشت الجلسة الرابعة، التي ترأسها نائب مدير عام هيئة تنشيط السياحة وائل الروسان، الرؤية المستقبلية للسياحة في الأردن، حيث وجّه الروسان سؤاله إلى الأمين العام لوزارة السياحة والآثار الدكتور فادي بلعاوي حول الأسس التي ينبغي أن تقوم عليها الرؤية الاستراتيجية لتطوير القطاع السياحي في المملكة، والتوجه الأنسب الذي تراه الوزارة لمستقبل السياحة في الأردن.
وأكد الروسان خلال الجلسة أن السياحة الأردنية تقوم على بعدين رئيسين هما السياحة الثقافية والترفيهية، إذ يتوافد السياح لزيارة المواقع الثقافية والأثرية المنتشرة في المملكة، مشيراً في هذا السياق إلى أهمية البعد الاستثماري في القطاع الفندقي. ووجّه الروسان سؤاله إلى المهندس أسامة مدانات، بصفته خبيراً في المجال الفندقي، حول سبل تقييم جدوى الاستثمارات الفندقية في الأردن والمقترحات المستقبلية الكفيلة بتطوير هذا الجانب الحيوي.
كما وجّه الروسان سؤالاً للمهندسة مي سمّور، عضو مجلس إدارة جمعية الفنادق الأردنية ومديرة فندق أياس في عمّان (فندق أربع نجوم)، مستفسراً منها عن تقييمها لواقع الاستثمار في فئة الفنادق الأربع نجوم تحديداً، وعن طبيعة المنافسة القائمة بين هذه الفئة والفنادق الخمس نجوم، وخاصة من واقع خبرتها في إدارة فندقها.
وقال الروسان إن الاستدامة السياحية باتت حديث الساعة، كونها قضية ذات أبعاد دينية واقتصادية وثقافية، مشيراً إلى أن السياح أصبحوا يركزون عليها بشكل متزايد عند اختيارهم للفنادق. ووجّه الروسان في هذا السياق سؤاله إلى المهندس أسامة مدانات حول ما هو المطلوب من القطاع الفندقي في الأردن لتعزيز هذا النوع من السياحة.
وأجاب مدانات بأن الاستدامة تبدأ من مصادر الطاقة، كالكهرباء وترشيد استهلاك المياه، لافتاً إلى أن من أوائل المجموعات الفندقية التي نفذت مشاريع محطات طاقة شمسية في الأردن كانت فنادق شيراتون عمّان، وماريوت عمّان، وماريوت البحر الميت، وماريوت البترا، حيث تغذَّت هذه الفنادق بشكل كامل من محطات الطاقة الشمسية. وأوضح أن معظم الفنادق تتجه حالياً نحو توفير المياه من خلال أنظمة متكاملة لمعالجة المياه العادمة؛ تبدأ بفرزها والتعامل معها ثم إعادة استخدامها في دورة مغلقة لا تتسبب بأي هدر أو ضرر بيئي. كما أكد أن الفنادق، وبما يتوافر لها من موارد مالية، تدعم العديد من المبادرات البيئية التي تنفذها الدولة والجمعيات المختصة.
وشدّدت المهندسة مي سمّور، عضو مجلس إدارة جمعية الفنادق الأردنية ومديرة فندق أياس في عمّان، على أهمية توظيف البيانات السياحية وربطها مع تفضيلات الضيوف الواردة من مختلف المنشآت السياحية، وتحليلها عبر أدوات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ باحتياجات السائح وتوقُّع ما يرغب به.
وأوضحت سمّور أن هذا التوجُّه يسهم في تنظيم الموارد المتاحة ورفع كفاءة الأجندة السياحية المقدمة للزوّار؛ ما يؤدي إلى زيادة الإيرادات السياحية من خلال وسائل رقميّة متخصّصة، سواء عبر تطبيقات أو منصات ذكية أخرى.
وأضافت سمّور أن هذه الآليات يمكن أن تدعم عملية الترويج السياحي الموجَّه بحيث يُقدَّم للسائح المحتوى المناسب وفق موقعه الجغرافي في الأردن، مع إبراز أبرز الأنشطة السياحية المتاحة بالقرب منه، وتوضيح نسب الإشغال في المواقع السياحية ومدى الازدحام، إضافة إلى توفير معلومات واضحة عن التكلفة، وطرق شراء التذاكر، وخيارات المواصلات المتاحة للوصول إلى أي موقع سياحي.
وأكّدت أن هذا النهج يفتح المجال أمام تحفيز السائح لاختيار وجهات جديدة ربما لم يكن يفكر بها من قبل.
واصل المؤتمر أعماله لليوم الثاني في مدينة العقبة، حيث تناولت الجلسات الاتجاهات العالمية في السياحة، وقضايا الهوية والاستدامة والاستثمار السياحي في الأردن، إلى جانب التحديات التي تواجه التسويق السياحي الرقمي. كما تضمن البرنامج ورشة تدريبية حول آليات تصميم حملات تسويقية موجزة للمنتجات السياحية.
من جانبه، أكّد رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر النائب الدكتور حسين العموش أهمية الموضوعات التي طرحت خلال جلسات المؤتمر على مدار يومين، والتي تناولت في مجملها التعريف بالمواقع السياحية والأثرية الأردنية وكيفية الترويج والتسويق لها من وجهة نظر عالمية والفائدة المرجوّة منها التي تعود بالفائدة على الوطن والمواطن.
وثمّن العموش جهود سلطة العقبة الاقتصادية الخاصة في إيجاد البنية التحتية السياحية في محافظة العقبة ودور وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة في جذب الزوار إلى منطقة المثلث الذهبي وكافة المواقع السياحية والأثرية في المملكة.
واختتم المؤتمر فعّالياته بإعلان مجموعة من التوصيات العملية التي تواكب أهدافه في مناقشة الرؤية الاستراتيجية للسياحة في الأردن. وأكدت التوصيات على تعزيز الاستثمار السياحي في مناطق المثلث الذهبي (العقبة – وادي رم – البترا)، وتطوير البنية التحتية والخدمات الفندقية، بالإضافة إلى تبني استراتيجيات التسويق الرقمي لترويج المواقع السياحية والأثرية محلياً وعالمياً، مع التركيز على الهوية الثقافية الأردنية واستدامة الموارد السياحية. كما شدّدت على أهمية تكامل القطاعين العام والخاص، وتمكين المجتمعات المحلية لضمان مشاركة فعّالة وتحقيق النمو الاقتصادي من خلال السياحة.
كما أوصت التوصيات بوضع آليات متابعة لتقييم أداء المشاريع السياحية، وتعزيز برامج التدريب والتطوير المهني للعاملين في القطاع، مع التركيز على الابتكار في تقديم التجارب السياحية. وخرج المؤتمر برسالة موحدة حول ضرورة صمود السياحة الأردنية أمام الأزمات والتحديات الإقليمية، والحفاظ على مكانة الأردن كوجهة سياحية عالمية، ليختتم الحضور فعاليات المؤتمر بالتقاط صورة جماعية وتوديع المشاركين.