الدكتور محمد الهواوشة يكتب: حديقة الأردن في كليفلاند: إنجاز وطني كبير يقابله صمت رسمي محبط

21 ثانية ago
الدكتور محمد الهواوشة يكتب: حديقة الأردن في كليفلاند: إنجاز وطني كبير يقابله صمت رسمي محبط

الدكتور محمد الهواوشة :

خمسة أعوام من الجهد والتعب والمراسلات والانتظار، حتى جاء اليوم الذي تمت فيه الموافقة على تخصيص حديقة رسمية باسم الأردن داخل اتحاد حدائق كليفلاند الثقافية في ولاية أوهايو الأمريكية. هذا الإنجاز لم يكن مجرد خطوة عابرة، بل هو انتصار حقيقي للأردن وصورته الحضارية أمام ما يزيد على مليون ونصف زائر سنوياً يترددون على هذه الحدائق، ما يعني أننا أمام فرصة ذهبية لتسويق الأردن وتعريف العالم بآثاره وتاريخه العريق.

لقد خططنا لأن تكون الحديقة نافذة مشرقة على إرثنا العظيم، بإنشاء مجسم للبتراء وخارطة فسيفسائية تمثل مادبا، لنقول للعالم: هنا الأردن… أرض التاريخ والحضارة والإنسان.

لكن، ويا للأسف، كان صمت السفارة الأردنية في واشنطن والجهات الرسمية في عمان صادماً ومحبِطاً. أرسلنا الموافقة الرسمية إليهم، ولم يرد أحد. لم يتصل أحد. لم ينشر خبر. لم يأت أي شكر أو تقدير. وكأن الإنجاز لم يحدث أصلاً.

لقد خاطبنا السفارة، ووزارة السياحة، وهيئة تنشيط السياحة، ودعوناهم لحضور الحفل الرسمي لتسلم الحديقة، لكن لا حياة لمن تنادي. لم يكلف أحد نفسه عناء الرد، وكأن الأمر لا يعنيهم، بينما نحن – أبناء الجالية – تطوعنا بوقتنا وجهدنا ومالنا لخدمة وطننا ورفع رايته.

حتى حين تجاوبت هيئة تنشيط السياحة بعد عدة محاولات مشكورة، وصلنا منها مجموعة كتيبات دعائية لكنها وصلت متأخرة، بعد أن انتهى الاحتفال. أين الاهتمام؟ أين المتابعة؟ أين التقدير؟

اليوم نحن أمام تحد أكبر: تمويل مشروع مجسم البتراء وخارطة الفسيفساء. هذه الأعمال تحتاج إلى مبالغ كبيرة، فكيف سنغطيها دون دعم رسمي أو التفات حقيقي من مؤسسات الدولة؟ هل يعقل أن يبقى أبناء الجالية وحدهم في الميدان، بينما من المفترض أن تكون هذه المؤسسات أول الداعمين؟

إن هذه الحديقة ليست مجرد مشروع معماري، بل هي منصة حية للترويج للأردن أمام أكثر من مليون ونصف زائر سنويا، بما يفتح شهية السياح لاكتشاف بلادنا وزيارتها على أرض الواقع.

نكتب اليوم هذه الكلمات بجرأة وصدق، ونوجه خطابنا إلى *سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني*، الشاب الأقرب إلى نبض الشباب والجاليات الأردنية حول العالم:
*يا سمو الأمير، لقد تعبنا وخسرنا الأمل من التجاهل المتكرر، لكننا لا نزال نؤمن أن الأردن يستحق الأفضل. هذه الحديقة ليست ملكا لنا كجالية، بل هي للأردن كله، ولتاريخه وحضارته. نرجو أن يصل صوتنا إليكم، وأن تكونوا سندا لنا في إتمام هذا المشروع الوطني الذي سيرفع اسم الأردن عاليا أمام ملايين الزائرين سنوياً.*

إننا لا نطلب المستحيل، بل نطلب أن نشعر أن تعبنا مقدر، وأن وطننا يقف إلى جانبنا، لا أن نترك وحدنا في الساحة.

الأردن أكبر من أي تقصير، لكن الصمت الرسمي جرح عميق في قلوبنا.