بقلم: عوني الرجوب – باحث وكاتب سياسي
الأوطان ليست مجرد مساحات جغرافية أو حدود على الخرائط، بل هي كرامة وأرض وحياة وأجيال. حرمتها ليست شعارات تُرفع في الاحتفالات الوطنية، بل مسؤولية على كل مواطن، واجب الحفاظ عليها يتجاوز كل حسابات شخصية ومصالح ضيقة.
للأسف، كثيرًا ما نجد من يفرّط بهذه الحرمة، يبيعها لأجل مكاسب آنية، أو رضوخ لضغوط خارجية، أو حتى لتحقيق مصالح شخصية ضيقة. هؤلاء هم الأندال الذين يفرطون بوطن لا يملك الدفاع عنه إلا أبناؤه الشرفاء.
إن الأمة التي تسمح بتكرار هذه الخيانات، تغفل عن أهم قاعدة: أن الحفاظ على الوطن واجب أخلاقي ووطني لا يسقط بالتقادم. فالمال والسياسة والسلطة ليست ذريعة لتبرير التفريط بالوطن، ولا يمكن للسلطة أو النفوذ أن يمحو الحقائق التاريخية التي تقول: أن الوطن حُرمة قبل أن يكون ملكًا، وأن دماء الشرفاء والكرامة هي الضمانة الحقيقية لبقائه.
لقد أثبت التاريخ أن الشعوب التي تمسكت بأوطانها، رفضت الاستسلام للمصالح الضيقة، وحاربت كل من حاول العبث بها، هي التي بنت حضارات، وحققت إنجازات، وخلّفت أجيالًا فخورة بأجدادها. بينما من خان، أصبح عبرة لمن يفكر في التفريط بالكرامة الوطنية.
كل مواطن شريف عليه أن يسأل نفسه: هل أفعالي تعزز حرمة وطني، أم أساهم في تآكلها، ولو بالسكوت أو التواطؤ؟ فالأوطان لا تُحفظ إلا بالوعي، بالعمل، وبالصدق مع النفس أولاً، ثم مع المجتمع، وأخيرًا مع الدولة.
في زمن تتضاعف فيه الضغوط الداخلية والخارجية، وفي ظل محاولات النفوذ والسيطرة، يبقى السؤال الأساس: هل لدينا القدرة على رفع الوعي الوطني، ومحاسبة كل من يفرط في حرمة الوطن، قبل أن يصبح الفقدان واقعًا لا رجعة فيه؟
⸻
الخاتمة
إن حرمة الوطن ليست لعبة يمكن التفريط بها، ولا جسرًا يعبره الأندال لأجل مصالحهم الضيقة. كل من يبيع الوطن اليوم، يكون مسؤولًا أمام التاريخ والأجيال القادمة، ومسؤولية المجتمع تحتم مساءلته ومحاسبته.
الواجب على كل مواطن شريف أن يكون حارسًا لهذه الحرمة، لا متفرجًا سلبيًا، وأن يرفع صوته كلما حاول الأندال التلاعب بالمقدسات الوطنية. فالسكوت على الخيانة أو التفريط بالحقوق الوطنية، مساهمة في فقدان الكرامة، وضياع الأرض، وضياع الأجيال.
الأوطان لا تُحفظ بالكلام وحده، ولا بالرموز، بل بالوعي، بالعمل، وبالإصرار على محاسبة كل من يفرط في حرمتها. ومن لا يعي هذا، يترك للظلام أن يكتب التاريخ بالدم والدمار بدل الكرامة والعزة