البلد مش خربانة
بقلم: الدكتور أحمد الحايك
كثيرا ما يتداول الناس عبارة البلد خربانة،خصوصا اذا ما حصلت مشكلة ، أو بسبب الفقر والبطالة، أو بسبب وجود بعض الفاسدين والمترهلين بيننا، او بسبب ارتكاب فئة قليلة حثالة وضالة لجريمة تهز المجتمع، فيبادر عنئذ البعض بنعت البلد بأنها خربانة. لا يا أخي البلد ( مش خربانة) البلد عامرة بأهلها وناسها الطيبين الغيورين على وطنهم وبلدهم وعرضهم وأرضهم التي حملتهم فوقها أحياء وطوتهم تحتها أموات. وان كانت البلد خربانة فمن الذي خربها ، الذي خربها اهلها وقاطنيها قليلي الدين وعديمي الخلق الذين يعيثون في الأرض فسادا، قد نختلف مع الفاسدون واللصوص والظلمة الطامحون لدمار الوطن، لكننا لا نختلف مع الوطن، حتى لو كان الوطن مجرد مكان ننام على رصيفه ليلاً. نحن مستعدون أن نموت من اجل الوطن، ولكن الاجمل أن نحيا من اجل هذا الوطن، لقد طمس الفاسدون عقول الناس حتى جعلوهم ينسوا لذة جمال وروعة الوطن، بل جعلوهم لا يعقلون كيف يميزون الخبيث من الطيب، من شدة جوعهم وفقرهم وقهرهم على الوطن. فالوطن هو البيت الكبير الذي يجمع كل مواطنيه فلا قيمة للمنزل الصغير بدون وجود وطن كبير يحتويه، وإن كان الوطن ليس دائما على حق ولكن لا نستطيع ان نمارس حقا حقيقيا الا في الوطن، فالوطن هو المكان الذي نعشقه ونحبه، وهو المكان الذي قد تغادره أقدامنا لكن نترك قلوبنا باقية معه، فالوطن دواء لكل الأحزان، نحن على اتفاق تام بوجود الكثير من المشكلات والأزمات ولكن كما في الأردن الأشرار فيه أيضا الكثير من الأخيار، وكما فيه الفاسدين فيه ايضا الشرفاء الوفيين المخلصين لوطنهم ، ونحن لا نقول بأن المواطن يعيش مترفا ومرتاحا وأن الأردن بلد التسع مليون سعيد وشبعان، لكنه ايضا ليس بلد التسع مليون جائع وفقير وعاطل عن العمل وفاسد، فنحن مع اصلاح الخلل، وعمل صيانة دورية للوطن لمعالجة الخلل قبل مضاعفته وتفاقمه، ومما لا شك فيه أن الفساد نتائجه وخيمة فهو يعيق تحقيق العدالة ويؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر بين الناس، ويخلق جواً من انعدام الثقة بين المواطنيين والجهات الحكومية. فالقصور في إدراك هذه الحقائق والاستهانة بها سيعمل على زيادة المروجون بأن البلد خربانة، الذي طالما شعروا أن تفشي الفساد حرمهم من العيش الكريم وحد من حقهم في الحصول على الوظيفة، الا انني اعيد وأكرر أن البلد (مش خربانة) كما تروجون، فالبلد بخير ما دام أهل الخير والحريصين على هذا الوطن متواجدون بيننا.