قراءة | ليس دفاعًا.. بل تذكيرٌ لمن نسي .. حين يساء للأوفياء

4 ساعات ago
قراءة | ليس دفاعًا.. بل تذكيرٌ لمن نسي .. حين يساء للأوفياء

بقلم: خالد بدوان السماعنة
في خضمّ الأحداث المؤلمة التي يشهدها قطاع غزة، تتعالى الأصوات، وتتسابق التحليلات، وتندفع بعض المنابر – بقصد أو بجهل – إلى إطلاق حملات إساءة وتجريح بحق الأردن وقيادته وشعبه، في وقتٍ أحوج ما نكون فيه إلى وحدة الصفّ، لا انقسام الرؤية.

من المؤسف أن تتحوّل المواقف الوطنية الثابتة إلى هدف للتشكيك، وأن يُساء فهم الحياد الحكيم، أو تُستغل تعقيدات الجغرافيا والسياسة لإلصاق التهم بدولةٍ لم تتخلَّ يومًا عن قضيتها الأولى: فلسطين.

لسنا بحاجة إلى الدفاع عن الأردن. لا عن مليكه، ولا عن شعبه، ولا عن موقفه من فلسطين.

لكن أحيانًا، حين تكثر الضوضاء، وتختلط النوايا، يصبح التذكير ضرورة، لا ترفًا.

في الأيام الأخيرة، سمعنا وقرأنا وشاهدنا من يشكك، من يهاجم، من يقذف بالكلام جزافًا، وكأنّ الأردن غريب عن الحكاية، وكأن مليكه لم يقلها مرارًا: “القدس خطٌ أحمر”.

يُساء إلينا وكأننا لم نقدم شهداء على أعتاب القدس..

يُساء إلينا وكأننا لم نرسل مستشفيات ميدانية تداوي جراح غزة، من دم هذا الوطن وعرق جنوده.

من يتهموننا بالتخاذل لا يرون الأمهات الأردنيات وهنّ يبعثن أبناءهن إلى مسيرات نصرة لفلسطين.

ولا يسمعون الهتاف في الزرقاء والكرك ومعان وإربد: “من الأردن هنا.. إلى فلسطين هناك.. أنتم منا ونحن منكم”.

نحن لسنا دولة على الهامش. نحن على الحافة. الحافة التي إن اشتعلت، لن ينجو من نيرانها أحد.

ومع ذلك، لم نغلق حدودنا في وجه الموقف. لم نصمت. ولم نطبع على حساب الدم.

الملك الذي يتهمه بعضهم بالصمت، هو من يتحدث للعالم بلغة القانون والشرعية، لا بلغة الصراخ.

لأن الصوت العالي لا يصنع موقفًا، والمزايدة لا تكتب التاريخ.

نحن لا ننافق حين ندعم فلسطين، ولا نتاجر بالقضية كما فعل غيرنا.

نحن نحب فلسطين لأننا منها، ومن يحب شيئًا لا يصرخ باسمه كل لحظة، بل يزرعه في القلب وينبت معه.

لسنا بحاجة إلى شهادة من أحد، ولا إلى تبرير تاريخنا المشترك، لكننا نُذكّر بأنّ التشكيك في مواقف الشرفاء لا يخدم فلسطين، بل يُسهم – من حيث لا ندري – في بعثرة الصفوف، وتشتيت البوصلة.

العدو واضح، ومخططاته مكشوفة. أما الأردن، فكان ولا يزال جزءًا أصيلًا من الحكاية، من العهد، ومن الكفاح الذي لم ينقطع رغم تبدّل الأزمنة.

فلتُسجَّل علينا كل أخطائنا، لكن لا تُسجَّل علينا خيانة.

فليكن النقد وطنيًا، لا غوغائيًا. وليكن الحوار صادقًا، لا شعبويًا.

ولنحذر أن نجرح من وقف معنا، في وقتٍ باتت فيه الخناجر تتوارى خلف الشعارات.

نحن لم نخن، ولن نخون.

لا دفاعًا، بل تذكيرًا.

دمت يا أردن بخير ،،،